شرح دعاء الندبة/ الحلقة السابعة والعشرون
رابطة إحياء دعاء الندبة
ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات هذا الدعاء الشريف، دعاء الندبة، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح الفقرة التالية:
(وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ (فَلْتًدرِ) الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصّارِخُونَ، وَيَضِجَّ الضّاجُّونَ، وَيَعِـجَّ الْعاجُّوَن، اَيْنَ الْحَسَنُ اَيْنَ الْحُسَيْنُ اَيْنَ اَبْناءُ الْحُسَيْنِ).
في هذه الفقرات يتحدث الدعاء عن بعض الممارسات العملية تأثراً بما جرى على أهل البيت عليهم السلام من ظُلم وقتل وسبي وإقصاء.
والحالة الثالثة التي يتحدث عنها الدعاء من هذه الممارسات بعد أنْ بيّنا حالتين في الشرح السابق هي ذرف الدموع.
و(الذرف) كما جاء في كتب اللغة هو جريان الدمع وانصبابه، فالدعاء يقول للمؤمن الدّاعي إنّ على مثل أهل البيت عليهم السلام لتكن دموعك غزيرة وتصب صبّاً لانّهم ولما جرى عليهم أهل لأن تواسيهم بذلك، ثم ينتقل الدّاعي إلى لون آخر من المواساة العملية وهو التألم والتفجّع الشديد والصراخ بصوت عالٍ على ما وقع عليهم، وهذا اللون من الممارسة يكون فيه المرء قريباً من فقدان الوعي، لما هو فيه من مصاب، والدعاء يحث المؤمن على أنْ تكون حالته العملية في المواساة هي هذه.
فيما ينتقل الدعاء إلى ممارسة أُخرى من هذه الممارسات المواساتية ليطلب من المؤمنين أنْ يصيحوا مستغيثين ضاجّين لفجيعة ما جرى على أهل البيت عليهم السلام، فلا يكتفون بالبكاء ولا الندب ولا ذرف الدموع ولا الصراخ، بل لابدّ لهم من الضجيج والعجيج _أي ذلك الصياح والجلبة العالية الصوت_ وكأنّ الدعاء يريد أنْ يقول أبك بكاء غير عادي بذرف الدموع واصرخ وضجّ وعجّ بأعلى صوتك متفجّعاً لما مرّ على أهل البيت عليهم السلام لأنّ ما مرّ عليهم استثنائي، غير عاديّ فلابدّ أنْ تكون مواساتك غير عادية.
ثم يتساءل الدعاء عن أنّ هذه المواساة لابدّ أنْ تكون لكل فرد من أفراد أهل البيت عليهم السلام الأطياب وهو في تلك الحالة الراقية الرفيعة من المواساة غير العادية فليصح بأعلى صوته وهو باك عمّا جرى على الحسن بن علي عليه السلام بعد ان مرّ في المقاطع السابقة ما مرّ على علي عليه السلام، فيسأل الدّاعي أين الحسن عليه السلام؟ ماذا حدث للحسن عليه السلام أرُعي حق رعايته وحُفظت فيه حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم انتهكت تلك الحرمة انتهاكاً إلى حدٍ يتألم الأعداء لفجيع ما فُعل به من هتك لحرمته واستباحة لدمه إلى أنْ قُتل غريباً مسموماً لم ترع فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا لبضعته أية حرمة.
ثم والدّاعي في هذه الحالة القصوى من التفجّع والتألم يسأل عن الحسين عليه السلام الشهيد بطفوف كربلا وما جرى عليه، ذلك الذي هزّ أركان العرش وكشف عن قبيح ما كان يتستر أعداء البيت عليه السلام عنه بالدين، فالحسين عليه السلام كشف الزيف ومزّق الأقنعة، ولكنّ الدعاء يريد أنْ يتحدّث عمّا جرى على الحسين عليه السلام من قتل وسبي للحرمة وانتهاك لكل مقدّس أُمِر الناس بصيانته، ولكنّهم تظافروا واجتمعوا على هتكه.
فالدعاء يريد أنْ يسأل أين الحسين عليه السلام وماذا جرى له؟ ولا يمتلك أي شارح لهذه الفقرة إلاّ أن يجيب: بكربلاء.
( الشور في نصرة منهج آل الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" )
|| المهرجان ( ٢ ) ||
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام)، في جامع وحسينية النبي المختار في السماوة، اليوم الجمعة ٥ رجب ١٤٣٩ هـ - / ٢٣/ ٣ / ٢٠١٨م .
https://youtu.be/sKeBhlHkylg
...يد حي للضجيج والصراخ على اهل البيت عليهم السلام /