الأسئلة الموجهة إلى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
هل هناك نظرية للمؤامرة قبل الظهور؟ وما هو دور الماسونية قبل الظهور؟
عمار صاحب ناجي
السؤال:
نحن مجموعة من الشباب المؤمن والمنتظر لطلعة إمامنا البهيّة، في الآونة الأخيرة تابعنا بعض المواضيع والتقارير حول الماسونية، ونظرية المؤامرة، والتي يمتد تاريخها الزمني لآلاف السنين الماضية، وإن ما ينقل هو عن طريق التقارير ولم يكن عن طريق باحثين من مذهب أهل البيت عليهم السلام، لذلك لم نستطع التحقّق من المعلومات المذكورة في هذه التقارير، لذا تبادرت فكرة عندنا بأنْ تتبنّى بعض المؤسسات التابعة لمذهب أهل البيت عليهم السلام هذا الموضوع عن طريق التقارير المتلفزة، وبصراحه لا نملك الأهليّة العلمية لتبنّي هذا الأمر، لذا نرجو أنْ تفيضوا علينا ببعض الافكار المفيدة وترشدونا لهذا الدرب، وهو مناقشة نظرية المؤامرة من قبل الماسونية ضد ظهور إمامنا المنتظَر.
الجواب:
من الواضح أنّ المؤامرات التي تُحاك ضدّ الاسلام عموماً ومذهب أهل البيت عليهم السلام خصوصاً هي امر واقعّي لا ينكره إلاّ مكابر، ولا شكّ أنّ تلك المؤامرات هي واحدة من أسباب غيبة الإمام المهدي عليه السلام، وأنّها كانت وما زالت تعمل على هدم الإسلام وتشتيت المسلمين.
أمّا أنّ تلك المؤامرات تديرها جهة واحدة معيّنة، الماسونية أو غيرها، فهذا غير مسلّم، فإنّنا نرى أنّ الذي يدير تلك المؤامرات هم افراد ربّما ادّعوا الإسلام، وربّما حُسبوا على علماء الاسلام، وربما حُسبوا حتى على مذهب أهل البيت عليهم السلام، وربما كانوا افراداً او جماعات او مؤسسات حكومية او غيرها.
ولعل مايُعلن على الملأ من انّ الماسونية هي التي تدير تخطيط العالم ومايجري فيه، فلعل هذا جزء من خطة الماسونية في زرع الخوف في نفوس الآخرين هو اعلام يسبب القلق في النفس كعمل الطابور الخامس، واضافة طاق تهويل مخيف يجعل الآخرين يهابون الماسونية اكثر من اللازم.
لذا فينبغي أنْ لايهّولنا الإعلام الماسوني، ولا نعطيه من الحذر اكثر مما يستحقّ.
***
هل للإمام عليه السلام ذرية كما في نص علي بن طاووس وهل هذا النص صحيح السند؟
مصطفى اسعد
السؤال:
وجدت في كتاب (جمال الاسبوع) للسيد رضي الدين علي ابن طاووس عبارة (صلّى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين) فهل هذا يعني أنّه لديه ذرية عليه السلام أو أنّ هنالك خللاً في السند أو أي شيء آخر.
الجواب:
ليس في هذا النص دلالة على وجود ذرية للإمام عليه السلام، فانّه يمكن أن يحمل لفظ (الآل) على آباء الإمام عليه السلام ولا مشكلة في هذا الاستعمال، فإنّ (الآل) كما يطلق على الابناء كذلك يطلق على الاخ والصهر وغيره، فإنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اطلق الآل واراد به مايشمل علياً، وهو اخوه وصهره، ومايشمل الحسن والحسين عليهما السلام وهما سبطاه، فلا معنى لكون لفظ الآل خاصاً بالابناء حتى تكون تلك الفقرة من الدعاء دالة على ماقيل.
هذا مع العلم أنّ كل ماورد من الادعية والزيارات مما قد يظهر من بعضه القليل إنّ للإمام أولاداً، يُحمل على عصر مابعد الظهور، ولا معيّن لكونه ناظراً الى زمن الغيبة.
على انّه ينبغي الالتفات إلى أنّ من مقتضيات الغيبة عدم الانكشاف امام حتى الاصدقاء، والزواج وتكوين اسرة يتنافى مع ذلك.
ولو سلّمنا أنّ الإمام متزوّج في زمن الغيبة وله اولاد، فلا دليل على أنّ فرداً معيّناً هو ابن الإمام فعلاً.
ولو سلّمنا أنّنا عرفنا أن فلاناً فعلاً هو ابن الإمام، فلا ميزة له عن غيره من ابناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجعله معصوماً مثلاً أو واجب الاتباع.
***
هل يحق للمرجع الافتاء في الأمور الاعتقادية أو انّ حدود صلاحيته هي الأمور الفرعية؟
حيدر
السؤال:
هل يجوز للمرجع الإفتاء في الأمور العقائدية أو أنّه يفتي في الأمور الفقهية فقط؟. وهل مسألة معرفة الإمام المهدي عليه السلام مرتبطة بالفقهاء فقط أو ممكن أنْ تعرف الناس الإمام بدون الرجوع إلى المرجع؟.
الجواب:
حتى يتّضح الجواب لابدّ أن نبيّن مسألة وهي: أنّ دين الإسلام فيه فروع وفيه أصول، امّا الفروع فقد قبل منّا الدين أنْ نتبع فيها أشخاصاً إذا توفرت فيهم صفات خاصة، وهم المجتهدون.
وأمّا في أصول الدين، فإنّ الله تعالى لم يرضَ من العبد الظن فيها، بل لابدّ عليه من تحصيل العلم واليقين فيها، ولذلك لايجزي التقليد فيها.
نعم، إنّ التقليد على نحوين، فمنه ما يُعبّر عنه بالتقليد غير المقيد بالنظر والاستدلال، بمعنى أخذ الفتوى او الحكم من المجتهد من دون أنْ يكلف العبد بالبحث عن الدليل الذي استنبط منه ذلك الحكم الشرعي.
ومنه ماقد يعبّر عنه بالتقليد المقيّد بالنظر في الدليل، بمعنى أنْ يأخذ المكلّف العقيدة ممن استدل عليها وينظر في دليله ويتأمّله، فأمّا أنْ يقتنع به بعد التأمل، وأمّا أنْ يضيف عليه مايقوّيه، وأمّا أنْ يرفضه، ففي حالة القبول يكون مقلّداً لذلك الآخر.
ولكنّه قلّده عن بصيرة وتأمّل في الدليل.
والتقليد المطلق غير مقبول اصلاً في أصول الدين، امّا التقليد المقيّد بالنظر في الدين فمقبول فيها لأنّه بالتالي يؤدّي الى العلم واليقين بالمسألة الاعتقادية.
مضافاً إلى انّ اصول الدين واصول العقائد يمكن تقسيمها إلى قسمين فالأول هو الكليات العامة والضرورات مثل التوحيد والنبوة والمعاد وغيرها، فهذه لابد فيها من الاعتقاد اليقيني ولا يمكن التقليد فيها، والقسم الآخر هي المسائل المتفرعة عن هذه الاصول اي جزئيات المعاد مثلا، فهذه يمكن الاعتماد على اهل الاختصاص في الايمان بها.
ومعه، فمرجع التقليد _اذا بيّن مسألة فقيهة_ لزم الاخذ بها بالنسبة إلى مقلّديه، واذا بيّن مسألة اعتقادية لزم الأخذ بها على كل من نظر في كيفية استدلاله عليها واقتنع بالمقدمات التي اقامها والنتائج التي وصل اليها.
وهذا يعني أنّ لزوم الأخذ برأيه لايتوقف عند حدود مقلّديه، بل يجوز لكلّ من اعتقد بدليله.
ومنه يتبين أنّ مسألة معرفة الإمام المهدي عليه السلام، هي وإنْ كانت من المسائل الاعتقادية لا الفقهية، ولكن يمكن الرجوع فيها الى العلماء والفقهاء من باب الرجوع الى اهل الخبرة في هذا الفن، فإنّهم العارفون بكيفية الاستدلال وطرقه المختلفة، لكنْ لابدّ في هذا من مطالعة الدليل الذي يقيمه الفقيه.
على انّ كثيراً من المسائل المتعلقة بالإمام المهدي عليه السلام وقضيته هي مرتبطة بالروايات، خصوصاً مايتعلق بعلامات الظهور وملامح عصر الظهور والأحداث التي تقع فيه، وهذا يعني ضرورة الرجوع الى العالم في فهم الروايات وبيان إسنادها وتوضيح المراد منها ومعالجة ما يوهم التعارض فيها، ومعرفة ماصدر منها لبيان امر واقعي وما صدر تقيّةً مثلاً، وغيرها من احوال الروايات التي لابدّ من الرجوع فيها الى اهل الخبرة والاختصاص.
والخلاصة في نقاط:
١- إنّ أصل معرفة الإمام المهدي عليه السلام وانّه الإمام الثاني عشر، هذا من المسائل الاعتقادية التي يلزم البحث فيها والوصول الى العلم فيها من خلال ما استدلّ به العلماء على ذلك.
٢- المعرفة النظرية بالإمام زمن الغيبة، من معرفة مايلزم على المنتظِر فيه ومعرفة علامات الظهور وما يتعلقّ بعصر الظهور، فهذه ينبغي الرجوع فيها الى العلماء أيضاً، لانّهم اهل الخبرة في مجال الإستفادة من الروايات رغم أنّ معرفة خصوصيات وجزئيات هذه الامور غير واجبة شرعاً، ولكنْ من أراد التعرف عليها فينبغي عليه الرجوع إلى أهل الاختصاص، فإن الروايات كثيرة، وفيها الغث وفيها السمين، وقد تكثّرت إلى الحد الذي يخفى على غير أهل الخبرة أخذ معنىً محدد منها.
على انّه ينبغي الالتفات الى أنّ معرفة بعض تلك الامور امرٌ مهم جداً، كمعرفة العلامات الحتمية الخمسة.
٣- معرفة الامام ابّان ظهوره، وهذه لانحتاج فيها إلى اكثر مما يقيمه الإمام عليه السلام من كرامات ومعاجز وإنّ امره ابين من الشمس، فإنّ مايقيمه من آيات ومعجزات سيكون شاملاً وعاماً للجميع من دون اختصاص بفئة دون أُخرى، على أنّ الاستئناس برأي العلماء الذي اطمأن الناس إليهم وائتمنهم الناس على أمور دينهم مما لاينبغي تركه كما هو واضح.