قصة قصيرة: اعرابي ويصف العلماء
محمد حسن عبد
استقلّ الحاج اسماعيل السيارة رئيساً لقافلة تقصد الديار المقدسة لأداء فريضة الحج.
كانت الطرق آنذاك صحراوية وغير معبّدة، ولا يعرف مسالكها ومعالمها إلاّ ذو خبرة من الناس.
وبسبب جهل السائق ورعونته فقد ذهب بنا في الطريق الخطأ. لقد ضللنا الطريق، نفذ الماء والوقود، فوقفنا حائرين وسط الصحراء تائهين لا ندري ماذا نفعل.
ابتعدت قليلاً عن الرفاق وقبعت خلف تلّة قريبة من المكان وانا أبكي بحرقة وأندب واستغيث، وقد أخذتني موجة من البكاء الشديد وأنا أتوسّل بكل جوارحي قائلاً:
- يا صاحب الزمان أدركني، يا أبا صالح ادركني، يا مهدي أدركني.
وأنا في حالتي هذه التي يرثى لها، وإذا بي اسمع خطوات رجل، فالتفتّ خلفي فوجدت اعرابياً على جمل، فوقفت منادياً:
- أيّها الاعرابي بالله عليك أنقذنا، أين نحن، لقد ضللنا الطريق.
أناخ الاعرابي جمله وتقدّم إليّ باسمي قائلاً:
- تعال لأريك الطريق، ولا تكن قلقاً وخائفاً، ثم أشار بيده وهو يقول:
- اذهبوا في هذا الطريق..
واستمر يصف لي الطريق.
فقاطعته قائلاً.. وقد أخرجت من جيبي قرآناً:
- أحلّفك بكتاب الله انْ ترافقنا في الطريق وتسير معنا حتى النهاية.
وكلما أراد الرجل الاعتذار أصررت عليه حتى قال:
- طيّب سوف آتي معكم.
ركبنا السيارة، وأشار هو إلى السائق الثاني أنْ يتولّى قيادتها.
كان الرجل الأعرابي اثناء الطريق يسألني عن علماء مدينتي فرداً فرداً وكأنّه يعرفهم.
لقد وصلت السيارة بنا الطريق العام رغم انّها كانت قبل حركتها خالية من البنزين.
فرح الجميع واستبشروا بنجاتهم، وبينما هم كذلك انتبه الجميع إلى الرجل وقد اختفى عن أبصارهم.