من وحي كلمات الحجة عليه السلام معجزة البقاء والاستمرار
هناك الكثير من المدارس والمذاهب والأفكار التي كانت تظهر طيَّ القرون الماضية، وتقوى شوكتها لفترة من الزمن، بحسب الظروف الموضوعية المحيطة بها، ولكنّها ما تلبث أن تضعف وتبهت، بل قد تختفي تماماً عن الساحة وتُصبح في طيّات التاريخ. وهذا أمرٌ طبيعيٌّ بحسب السنن الطبيعية الحاكمة على المجتمعات. ولكن من الملفت أن مدرسة أهل البيت عليهم السلام وخطَّهم ومنهجهم، رغم تطاول الأزمان وتغيُّر الظروف، وتعرّضهم لكلِّ أنواع الاضطهاد والظلم، ومحاولة المحو عبر حقب التاريخ، رغم كلِّ ذلك، لم تزدد هذه المدرسة إلاّ قوّة واتساعاً وتوهّجاً، بخلاف السنن الطبيعية التي تفترض الضعف والوهن والاندثار في مثل هذه الظروف، وكأنّها معجزة إلهية فوق أن ينال منها زمن أو دولة أو حرب هنا أو هناك، وهذا ما أشارت إليه عقيلة بني هاشم زينب عليها السلام في أصعب ظرف حين خاطبت الطاغية يزيد: (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تُميت وحينا).
والإمام الحجة عليه السلام رغم غيبته كان سبباً أساساً من أسباب الصمود والبقاء والاستمرار، هذه الحقيقة يؤكِّدها الكلام الوارد عنه عليه السلام:
(كأنّهم لا يعلمون أنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء).