تمهيدنا: جهاد المقاتلين المنتظرين
تنهض الأُمّة من واقعها المريض لتتعافى وتصحو اتّكاءً على أطروحة تنهض بها أو رجال تتكئ عليهم.
وقد عاشت الأُمم على اختلاف ثقافاتها وعقائدها حالات بين الصحّة والمرض، وبين التخاذل والانكسار، وبين الاندفاع والانتصار، وسطّر التأريخ لنا أسباب خنوع الأُمم، كما سطّر أسباب شموخها.
ومن المؤسف حقّاً أنْ نشهد اليوم خنوعاً وتخضّعاً لأُمة أعظم شخص ولدته البشرية،محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لم تشهد من قبله الأُمم ذلك، ولا بدّ أنْ تصعق هذه الأُمّة لترجع إلى جذورها وتسير في خط يضمن استقامة أفرادها، وقد فشلت الكثير من الحركات والأفكار استنهاضاً لهذه الأُمّة، ولم يكتب النجاح إلاّ للقليل منها ولفترات زمنية محدودة،فيما سجّل التأريخ وفي عمق الإمتداد الإسلامي حركة أرّخ الزّمن انتصارها منذ ساعة وأدها وما زالت إلى اليوم تبعث روح التفاؤل والأمل،فضلاً عن إمكانات أخذ هذه الأُمّة إلى شرفات العزّة والإباء،لو سارت عليها،تلك هي صرخة الإصلاح الحُسيني بكربلاء حينما خاطب ضمير البشر: أنّني خرجت لطلب الإصلاح فيكم ولأُرجع مساركم إلى ما كنتم عليه في زمن جدّي صلى الله عليه وآله وسلم.
وبقيت هذه الشعلة متوقدة في نفوس بعض أفراد هذه الأُمّة، تتوقّد لتضيء للعالم وتريه طريق الخلاص في زمان، ويخمدها الباطل وتكالب الأعداء في زمان آخر.
واستمدّ منها رجال ساروا على نهجها، فكانوا هداة حقّ للبشرية، ورجال استقامة ضربوا أمثلة في طريق مُلئ بالإنحراف والإعوجاج، وكتب مداد السّماء لهذه الشعلة أنّها لن تخمد وسيتسلّم رايتها رجل الزّمان ليضيء الكون بإصلاح اُستمدّ من حاملها الأوّل ومصحّح مسيرتها الوارث.
فكان حقّاً يصدق على اتباع هذه المسيرة قول نبيّهم فيهم: (أفضل جهاد أُمّتي انتظار الفرج).
فهذا الجهاد الذي يحمله هؤلاء الافراد هو جهاد على كل الأبعاد، ويهدف الجميع ليخلّص المجموع مما هم فيه من مرض وإذلال وقهر،ويعيد إلى الأُمّة نظارتها وشبابها بعد أنْ اُصيبت بالشيخوخة والعنوسة بسبب تكاسلها وخمولها.
حقاً انّ جهاد المنتظرين هو جهاد مقاتلين صابرين، فالمنتظر لإمامه في ساحة القتال جمع الحسنين جهاد الانتظار وجهاد القتال.
رئيس التحرير