أركان دولة الإمام عليه السلام وأجهزتها
السيد علي عاشور
عن أبي جعفر عليه السلام قال: (دولتنا آخر الدول، ولن يبقى أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عز وجل: (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)).
لدولة الإمام عليه السلام مجموعة أجهزة وقطاعات كأية دولة، من جهاز عسكري وقضائي وسياسي وثقافي وأمني. ونحو ذلك من الأمور التي تحتاجها الدولة لتمشية أمورها وأمور رعيتها.
ودليلنا على ذلك، الحديث المشهور: (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
فليس المراد إقامة العدل في الأرض كأرض مؤلّفة من تراب وحجر وشجر، بل إقامة العدل بين أهل الأرض، فهناك تقدير، كقوله تعالى: (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ). أي واسأل أهل القرية.
وعليه فالمخاطب له في إقامة العدل وإزالة الجور والظلم، هو أهل الأرض وساكنيها.
ثم إنّ إقامة العدل أو إزالة الجور والحيف عن أهل الأرض ليس فيما بينهم أفراداً فقط، بل أفراداً ومؤسسات ودول، فكل ظلم وجور سيزيله الإمام عليه السلام ويضع مكانه العدل والحق والخير، سواءٌ أكان ذلك في القطاع أو الجهاز السياسي أم القضائي أم الأمني، الفردي منه أو الجماعي، الصغير أم الكبير.
فالحديث النبوي الشريف لا يحدّد إقامة وإزالة الجور في جهازٍ خاص أو بمكان معين، بل هو مطلق، فأين ما وجد الظلم سيبدّل إلى عدل، باستثناء ما كان أصل وجوده جور وظلم كلعب القمار والإسراف الشخصي أو الذي تتبعه الدول والمؤسسات، ونحو ذلك...
فإن الظلم الموجود فيه وفي أمثاله لا يُبَدّل إلى عدل، لأنّ أصل العمل غير قابل لذلك، بل هو الظلم بعينه. فالعدل فيه وفي أمثاله يكون بإزالة نفس العمل ومنع استعماله من الأساس، وهذا أمرٌ واضح.
نعم قد تستبدل بعض العناوين مثل: الرئيس والملك والأمير، ليحلّ مكانها (الوكيل أو النائب)، إضافة لتوحيد البلاد وإلغاء الحدود الجغرافية التي لا حاجة لها في ذلك الزمان وتلك الدولة المباركة، وكذلك إلغاء كل الأحزاب التي تكون مقابل حزب الإسلام.
وهل يقفل السجون؟
أي يلغيها بناء على وصول المجتمعات إلى العصمة.
والنتيجة هي أنّ لدولة الإمام المنتظر عليه السلام شؤوناً كبقية الدول إلاّ ما لا حاجة له وكان عائداً للحيف والجور والمنكر، وسيقيم العدل في هذه الشؤون كلها ولا استثناء في الحديث.