قصة قصيرة: التفت إليّ بنصف التفاتة
محمد حسن عبد
رغم أنّ السيّدة (أ) كانت تقيّة صالحة، بل وأستاذة في الحوزة العلمية، إلاّ انّها لم تفلح بالتشرّف برؤية الطلعة النورانية لإمام زمانه عليه السلام، الأمر الذي كانت تعزوه لكثرة ذنوبها أو عدم جدارتها.
حتى كانت السّنة الثامنة لقصدها بيت الله الحرام.. وحين ذهابها إلى المسعى، وحيث توجّهت إلى جبل الصفا.
تتنهد السيّدة وتستعيد ذكرياتها السعيدة فتقول السيدة (أ):
_ لقد شممت رائحة طيّبة وبصورة مفاجئة.
إنّه رجل يبدو بحوالي الثلاثين من العمر. كان ذا هيبة وجلال كبيرين، وكان يرتدي ملابس الإحرام. جلس الرجل على جبل الصفا ينظر إلى جموع الساعين، لم يلتفت إليّ.
بقيت جالسة في مكاني.. وأثناء ذلك جاءت امرأة تريد أنْ تقصّر.. أو هكذا تبدو.. حيث حملت بيدها مقصّاً، فتصورت أنّها تريد منّي أنْ اعلمها كيفيّة التقصير، فقلت لها:
- تقصير عمرة التمتّع قربة إلى الله.
فما كان من الرجل إلا أنْ تكلم وقال فجأة وبكلام نافذ وقاطع:
- تقصير المروة.
لقد أدركت إجابتي الخاطئة، وشعرت بالخجل الشديد.. انّ سعي المرأة هذه لم يكتمل، وينبغي لها أنْ تسعى شوطاً آخر.
لقد وقع في قلبي أنّه الإمام دونما شكّ وتيقنت من ذلك.. وكان يقيني هذا نابعاً من إلهام قلبي، لانّه قد علم _وهو صاحب العصر والزمان_ من طريق الغيب أنّ تلك المرأة لم تكمل سعيها، وأنّ وقت التقصير لم يحن بالنسبة لها.
أردت أنْ اكلمه واعتذر إليه، الا انّه قام مسرعاً ونفض ملابس إحرامه واختفى عن ناظريّ.
لقد رحت أتشوّق أكثر إلى رؤيته، بل أتحرق في داخلي أكثر من أي وقت مضى.
وأخيراً رأيته فجأة ..أحمد الله.. لقد أحنى رأسه قليلاً والتفت إليّ بنصف التفاتة.