تمهيدنا
المهدي عليه السلام بيت الرحمة
لا غرابة أنْ أقرأ أو أسمع من أشخاص يكنّون العداء للمهدي عليه السلام وسيرته وظهوره، أنهم يقولون إنّ المهدي بيت الانتقام، ومصدر سفك الدماء، وبيده يقتل العلماء، وسيغرق ثلثي العالم في بحر دمائه،... هذه وغيرها من المقولات نسمعها لا تصدر إلا من شخصٍ لا يعرف المهدي عليه السلام، أو عرفه على لسان أعدائه.
لكنّ الغريب حقاً في الأمر أنْ تسمع هذه المقولة أو بعضاً منها من أشخاصٍ يُحسبُ انتماؤهم على المهدي عليه السلام، وهم يعتقدون ويوالون وينتظرون يوم خروجه عليه السلام ليهدم أسوار الظلم ويبيد جماعة الطغيان، فينشر العدل ويرسي قواعد القسط، ويأتي ليُخلّصَ الناس ويرفع عن كواهلهم آثام الزمن.
إنّ مقولةً مثل هذه تصدر من مثل هؤلاء تحمل في طياتها التناقض، ويقف عندها القارئ بتعجّب، فكيف يصير ناشر العدل سفّاكاً ومستبيحاً للدماء؟!
وكيف نؤمنُ بمرسي قواعد القسطِ! أنْ يكون منتقماً سفّاحاً، إنّها من إعجوباتِ آخر الزمان، التي تتحدث عن قصة تغرُّبِ التراث، واللهثِ وراء الجديد _وإنْ كان لا أصل له_ إنها تحكي قصة الأثرياء الذين لا يملكُ أحدٌ كما يملكونَ من ثروة الروايات والأخبار والأحاديث، ولكنهم أفقروا أنفسهم واستجدَوا أُناساً لاحظَّ لهم، وهِموا أنهم أغنياء، إنّها حقاً من أغرب القصص التي نسمعها.
إنَّ أهل البيت عليهم السلام كلهم رحمة، وما أُرسِل سيدهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلا رحمة للعالمين.
وما سيرة المهدي عليه السلام آخرهم إلا كسيرة أولهم.
إنَّ المهدي عليه السلام معدن الرحمة ومقامها، ومنبع الرأفة وأصولها.
سيد العطفِ وقائد اللينِ والموعظةِ الحسنة.
إنَّ ذات المهدي عليه السلام هي ذات رحمةٍ، ووجوده رحمة، وكل ما يصدر منه رحمة، وما يصل الناس من رحمةٍ هي بتوسط رحمته لدى إله الرحمة، فالمهدي خازن الرحمة الإلهية.
المهدي منبع الرحمة، المهدي بيت الرحمة.
رئيس التحرير