أسباب غيبة الإمام المنتظر عليه السلام وفوائدها
ايوب الحائري
لاشكّ أنّ الغيبة هي من أسرار الله، وهو اعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية، ولكنّ هناك ثمة أسباب صرحت بها الأخبار والأحاديث نذكر بعضها:
من تلك الأسباب أنّ حياة الإمام المهدي كانت مهدّدة بالقتل من قبل الحكام العباسيين، فكانوا يبحثون عنه في كل مكان حتى فتّشوا دار الإمام العسكري عليه السلام، ولذا كان الإمام العسكري يحاول إخفاء ولادة الإمام عليه السلام عن عامة الناس، تحفّظاً على حياة ولده من شر الحكام العباسيين.
ومازال الخطر محدقاً بالإمام عليه السلام، وهذا الأمر سبّب طول غيبته، لذا فإنّ شيعته دائماً يدعون له بالسلامة من الأعداء والتعجيل في ظهوره وفرجه.
وثمّة سبب آخر علل به غيبة الإمام عليه السلام، وهو امتحان العباد واختبارهم، وتمحيصهم، فقد ورد عن النبي عليه السلام انّه قال : (أما والله ليغيبنّ إمامكم شيئاً من دهركم، ولتمحصنّ،حتى يقال : مات او هلك بأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين) ولذا كان انتظار الفرج والظهور من أفضل العبادات كما صرّحت بذلك الروايات.
وهنا يطرح سؤال هو : ما الفائدة في وجود إمام غائب؟ وكيف ينتفع الناس به؟
لقد وردت أحاديث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب عليه السلام ووجه الانتفاع به، وفيما يلي نذكر بعضها:
عن جابر بن عبد الله الأنصاري انه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في غيبته؟.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أي والذي بعثني بالنبوة، انهم لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمس وأن جللها السحاب).
فالشمس أمان للمجموعة الشمسية من الفناء والزوال وفيها فائدة عظيمة للإنسان والحيوان والنبات والهواء والماء والجماد.
ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئاً من تأثير الشمس، وفوائدها، وإنما يحجب الشمس عن الرؤية_في المنطقة التي يخيم عليها السحاب_ فقط.
فالإمام المهدي عليه السلام الذي شبّه بالشمس وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعّم البشر وتنتظم حياتهم وهو أمان لأهل الأرض، لأنّ الأرض لا تخلو من الحجة ولو خلت لساخت بأهلها. وورد هذا المعنى في رسالة الإمام المهدي عليه السلام إلى إسحاق بن يعقوب: (... وإنّي لامان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ...).
وبالإضافة إلى هذا فإنّ إمام العصر عليه السلام يحضر في مواسم الحج كل عام، ويتردد على المجالس والمحافل، وما اكثر المشاكل التي يحلها بالواسطة أو من دون واسطة لبعض المؤمنين، ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام عليه السلام يراهم ويعرفهم، وقد ظفر كثير من الناس بلقائه خلال الغيبة الصغرى والكبرى ورأوا الكثير _من معاجزه وكراماته، وحلت على يديه مشاكل عدد من المؤمنين.
نعم كم من مسألة في الأصول والفروع قد أجاب عنها ومشكلة في الدين او الدنيا قد أنقذ منها، وكم من مريض قد شفاه ومضطر قد نجاه ومنقطع قد هداه وعطشان قد سقاه وعاجز قد اخذ بيده وذلك بلطف الله تعالى واستجابة لدعواته وتوسلاته المباركة بحق هؤلاء وأمثالهم فكيف جاز أن يقول القائل كيف ينتفع بالإمام الغائب، هذا والإمام يرعى شيعته، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب، وقد أعلن ذلك في أحدى رسائله للشيخ المفيد، فقد قال عليه السلام: (إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم،ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء، واصطلمكم الأعداء ...).