الأسئلة الموجهة إلى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
هل الإمام عليه السلام موجود في الجزيرة الخضراء؟
عماد
السؤال:
ما هي صحّة وجود الجزيرة الخضراء؟ وهل الإمام الحجة عليه السلام موجود في هذه الجزيرة؟.
الجواب:
اعتقد البعض بأنّ سكن الإمام المهدي عليه السلام في جزيرة تسمّى الخضراء، وهذا القول والاعتقاد لم يرجع إلى أصل روائي، وانّما دخل في كتبنا من القرن الثاني عشر في بعض كتب العلامة المجلسي قدس سره حيث نقل قصة طويلة عن دخول رجل يسمّى علي بن فاضل المازندراني إلى هذه الجزيرة وماجرى له فيها، وانّما ذكره لما فيه من الغرائب وإنْ لم يظفر به في الأصول المعتبرة، فقال في أوله: (وجدت رسالة مشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض أحببت إيرادها لاشتمالها على ذلك من رؤى، ولما فيه من الغرائب وانما أفردت لها باباً لاني لم اظفر به في الأصول المعتبرة).
فاعتقد البعض اعتماداً على هذه القضية المشكوكة بأنّ سكن الإمام المهدي عليه السلام في هذه الجزيرة ،وجزم بعضهم على أنّ مثلث برمودا هو المكان الذي يسكن فيه الإمام المهدي عليه السلام، حيث طبقوا الجزيرة على هذا المثلث من دون أي دليل وبرهان، واستدل أحدهم على ما يعتقده بانّه ما استطاعت الدول العظمى الوصول إلى هذا المكان رغم محاولاتهم في الوصول إليه وذهبت أتعابهم أدراج الرياح.
ولكن هذه النظرية غير صحيحة لانّه لايعرف أحد سكن الإمام عليه السلام ولا التقى به علي بن فاضل في هذا المكان حتى يستنتج أحدهم بأنّ هذا المكان هو مسكن الإمام عليه السلام.
وثانياً: إنّ القصة مشكوكة، وليس لها أصل معتبر في كتبنا الروائية فضلاً عن التناقضات الموجودة فيها، فكيف تصل النوبة إلى تطبيق هذه الجزيرة على مثلث برمودا.
وثالثاً: إنْ كان ملاك السكنى عند هؤلاء هو اللقاء والمشاهدة لزم عليهم أنْ يعينوا مئات الدور في الأمكنة والبقاع في شرق الأرض وغربها للإمام عليه السلام حيث رآه كثير من الناس في فترة الغيبة الكبرى في أماكن مختلفة، ولا نراهم يلتزمون بهذا المعنى.
****
هل في القرآن ما يشير إلى الغيبة الصغرى أو الكبرى؟
الحكيم
السؤال:
لقد دلَّ القرآن على أخبار مستقبلية كثيرة، فهل يوجد في القرآن الكريم ما يشير إلى الغيبة الصغرى أو الكبرى للإمام الحجّة عليه السلام نظراً لأهمية الموضوع عند المؤمنين خاصة و عند المسلمين عامّة.
الجواب:
لابد أنْ يعلم أولاً انّ مصادر التشريع عديدة وأولها القرآن الكريم، ولكن هذا لايعني أنّ كل أمر مهم لابد أنْ يذكر في القرآن، وذلك لانّه يوجد مصدر ثاني للتشريع لايقل أهمية عن القرآن الكريم وهي السنة الشريفة، وهي قد تكفلت ببيان أكثر الأمور البالغة في الأهمية.
وثانياً: إنّ مفهوم الغيبة العامّة قد ذكر في مواضع عديدة في القرآن الكريم منها ما جرى على نبي الله يونس عليه السلام قال تعالى: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يُبْعَثُون) فانّه تصريح بأنّ نبي الله يونس عليه السلام قد غاب عن قومه في بطن الحوت فانّ بقاءه في بطن الحوت لا هو موت ولا هو رفع من عالم الدنيا، انّما هو انقطاع عن قومه وغيبة عنهم، وكذلك نبي الله موسى عليه السلام فقد ذكر غيبته عن قومه في القرآن الكريم (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فإنّ خروجه من قومه غيبة عنهم.
وكذلك نبين صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ذكر غيبته عن قريش عند الهجرة قال تعالى: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) (سورة التوبة٤٠) وهكذا في نبي الله يوسف عليه السلام حيث غاب عن اخوته وأبيه سنين عديدة، وهكذا غيبة الخضر عليه السلام.
إذاً مفهوم الغيبة العامّة مصرّح به القرآن الكريم.
امّا الغيبة الخاصّة بالإمام المهدي عليه السلام فيمكن أنْ نستدل عليها بسورة القدر وذلك من خلال الآتي:
أولاً: إنّ الملائكة تنزل في كل عام، ولابد من وجود الكيان المقدس الصالح لاستقبال الأوامر الإلهية التي تتنزل بها الملائكة فلا بد أنْ يكون هذا الكيان إماماً معصوماً، والإمام المعصوم بعد الإمام الحسن العسكري عليه السلام هو الامام المهدي عليه السلام، لحديث الثقلين وللأدلة النقلية الأُخرى.
إذاً ثبت وجود الإمام المهدي عليه السلام.
ثانياً: إذا ثبت وجود الإمام المهدي عليه السلام بحسب النقطة الأولى فنقول انّه امّا أنْ يكون ظاهراً مشهوراً أو غائباً مستوراً، فقد اخبر أمير المؤمنين عليه السلام بذلك في حديث لكميل بن زياد النخعي رضي الله عنه: (إنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة امّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حُجج الله وبيناته).
امّا الأول (أي كونه ظاهراً مشهوراً) فهو باطل بالوجدان فإنّ الوجدان حاكم على عدم ظهوره، فيثبت الثاني وهو غيبته، وهو المطلوب.
****
ما معنى الرعب الذي يُنصر به الإمام عليه السلام؟
عباس الجابري
السؤال:
ما معنى القول: إنّ الإمام المهدي عليه السلام منصور بالرعب؟ و ما معنى الرعب؟.
الجواب:
امّا الرعب لغةً فهو الخوف أو الانقطاع، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر) فقد كان أعداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوقع الله في قلوبهم الخوف منه، فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهر هابوه وفزعوا منه، وكذلك عبرت الروايات عن الإمام المهدي عليه السلام بانّه منصور بالرعب، للإشارة إلى هذا المعنى، ولانّ الإمام عليه السلام مهيمن على مراكز القوة من قوة إعلامية، وقوة تسلح، وقوة أخذ الحق، وقوة إصلاح العالم، وقوة نصر المظلوم، فهذه العوامل وغيرها تسبب إرباكاً للقوة المعادية بحيث يعينون الإمام عليه السلام على أنفسهم بما يقع في قلوبهم من رعب.
****
النهي عن تسمية الإمام عليه السلام باسمه
جعفر
السؤال:
ماهو حكم تسمية الإمام عليه السلام باسمه ،حيث أنّ هناك روايات صحيحة سنداً وصريحة دلالة في النهي عن التسمية؟.
الجواب:
توجد في المقام طائفتان من الروايات.
الطائفة الأولى: تصرّح بالنهي عن ذكر الاسم.
فقد ذكر العلامة المجلسي قدس سره في باب خصه بالنهي عن التسمية ثلاثَ عشرةَ رواية عن تسع من الأئمة المعصومين عليهم السلام (بحار الأنوار ج٥١ ص٣١)، وإنّ أكثر هذه الروايات منعت الناس عن التصريح باسم الإمام المهدي عليه السلام ففي بعضها (لايحل) وفي بعضها (يحرم)، وخصوصاً بملاحظة ما ورد عن الصادق عليه السلام حيث قال: (لايسميه باسمه إلاّ كافر).
الطائفة الثانية: روايات وردت على لسان المعصومين عليهم السلام تصرّح باسم الإمام عليه السلام منها حديث اللوح (كمال الدين ١/ ٤٢٣)، حيث ذكر في هذا الحديث اسماء الائمة الاثني عشر ومن جملتهم الإمام المهدي عليه السلام، ومنها ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسلمان المحمّدي عليه السلام (ثم ابنه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله) وهكذا صرّح بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام باسمه المبارك.
إنّ الجمع بين الطائفتين هو من خلال حمل الطائفة الاولى على زمان خاص وهو زمن الغيبة الصغرى، حيث أرادوا من ستر اسم المهدي عليه السلام أنْ يحفظوا شيعتهم من خطر الحوادث، وعلى الأقل حفظ النواب الأربعة من تعرّض الأعداء، ويستشهد بالتوقيع الذي خرج عنه عليه السلام بقوله: (ملعون ملعون من سمّاني في محفل من الناس) (بحار الأنوار ج٥١ ص٣٣) والذي يستقرئ روايات أهل البيت عليهم السلام يفهم انّ كلمة (الناس) تطلق على غير شيعة أهل البيت عليهم السلام، نعم لو كانت هذه المكاتبة صدرت عنه عليه السلام في الغيبة الكبرى، كالتوقيع الذي صدر من الناحية المقدسة إلى الشيخ المفيد قدس سره لقلنا إنّ النهي عن ذكر اسمه المبارك يشمل حتى زمن الغيبة الكبرى.
ومما يقوى.. هذا الجمع إنّ هذا النهي ورد في إفشاء السر بولادته في زمان خاص، فلو كان هذا التصريح غير جائز في كل زمان فلماذا صرّح النبي صلى الله عليه وآله وسلم باسمه في عدد كثير من الروايات كما سبق.