جماعة ابن كاطع وشعاراتهم المزعومة/ الحلقة الثانية
الشيخ أبو خالد الجابري السماوي
شعار النجمة السداسية:
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبي الحسن الأسدي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول: همهمة همهمة، وليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام عليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى عليه السلام.
استدلوا (جماعة ابن كاطع) في (ص٣٠٨) من كتابهم (جامع الأدلة) بهذا الحديث، وزادوا عليه هذه الزيادة: (ومسلَّم لدى المسلمين أنَّ نقش خاتم سليمان هو النجمة السداسية)، وجعلوا هذه الزيادة ضمن الأقواس التي ذكروا الحديث فيها، وبنفس حجم خط الحديث ومستوى وضوحه، ومغايراً لكلام الكتاب، وجعلوا ترقيم مصدر الحديث بعد هذه العبارة، بحيث يتوهَّم القارئ البسيط أن هذا الكلام من ضمن الحديث.
وأوردوه بهذا الشكل (خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة بعد عتمة، وهو يقول: همهمة همهمة وليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام، عليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان وعصا موسى ومسلّم لدى المسلمين أنّ نقش خاتم سليمان هو النجمة السداسية).
ومسلَّم في بديهيات الكتابة أنَّ من يقتبس كلاماً أو روايةً أنْ يفصل بينه وبين غيره بفاصل، وقد استعمل نفس كاتب ذلك الكتاب ذلك ففصل روايات المعصومين عليهم السلام بذكرها بين قوسين لتمييزها عن باقي الكلام، وحين أدخل هذه الزيادة من الطبيعي سوف يتبادر للقارئ وخصوصاً غير المتابع للمصادر أنَّ هذه الزيادة هي لأمير المؤمنين عليه السلام، وفي الحقيقة هي من وضعهم وتحريفهم، لإيهام الناس والاحتيال عليهم باستدراجهم من معنى خاتم سليمان الذي له عدة دلالات إلى تخصيصها بالنجمة السداسية الذي هو شعار الصهيونية العالمية والذي يتبنَّونه هم شعاراً لحركتهم.
إذن هم يدَّعون أنَّ نقش خاتم سليمان هو النجمة السداسية، وهذا لم يدلّ عليه أيُّ دليل، وليس مسلَّماً بين المسلمين كما زعموا، وإنَّما هو من أكاذيب الكاطع وأتباعه، ويدلُّ على أنَّه لا دليل من الروايات تحريفهم للرواية كما أوضحناه أنفاً، ولو كانت هناك رواية تدل على ذلك لاستدلوا بها ولما احتاجوا إلى الكذب والتزوير، فإذا لم يكن هناك أيّة رواية تدل على ذلك فكيف يكون ذلك الأمر مسلَّماً بين المسلمين؟!
ولنرجع إلى أئمتن عليهم السلام ولنسألهم عن ذلك النقش، ونرى ما هو مدى صحة كلامهم وادعائهم التسليم بأنّ نقش خاتم سليمان هو النجمة السداسية.
روى ابن طاووس رحمه الله عن محمد بن البزّاز، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمد بن أورمة القمّي، عن الحسين بن موسى بن جعفر قال: رأيت في يد أبي جعفر محمد بن علي الرض عليه السلام خاتم فضّة ناحلاً. فقلت: مثلك يلبس مثل هذا؟! قال عليه السلام: (هذا خاتم سليمان بن داود). (سعد السعود:٢٣٦)
وروى الطبرسي قدس سره عن محمد بن عيسى،قال: سمعت الموفّق يقول: قَدِمَ أبو جعفر الثاني عليه السلام، وأراني خاتماً في إصبعه، فقال لي: (أتعرف هذا الخاتم؟)، فقلت له : نعم أعرف نقشه، فأمَّا صورته فلا، وكان خاتم فضَّة كله وحلقته، وفصّه فصّ مدوَّر، وكان عليه مكتوباً: (حسبي الله)، وفوقه هلال وأسفله وردة، فقلت له: خاتم من هذا؟ فقال: (خاتم أبي الحسن عليه السلام) فقلت له: وكيف صار في يدك؟ قال: (لمَّا حضرته الوفاة دفعه إلَّي، ثم قال لي: لا تخرجه من يدك إلاَّ إلى علي ابني) (مكارم الأخلاق:٩٢).
ويمكن أنْ نستنتج من الروايتين السابقتين عدَّة أُمور:
أنَّ الخاتم الموجود في يد الإمام الجواد عليه السلام هو خاتم سليمان عليه السلام، وذلك من خلال قوله عليه السلام: (هذا خاتم سليمان بن داود).
أنّ هذا الخاتم هو ما كان يتناقله أئمة الهدى عليهم السلام، وذلك من خلال قوله عليه السلام: (خاتم أبي الحسن عليه السلام)، فقلت له: وكيف صار في يدك؟ (لمَّا حضرته الوفاة دفعه إلَّي، ثم قال لي: لا تخرجه من يدك إلاَّ إلى علي ابني).
أنَّ نقش الخاتم هو عبارة : (حسبي الله)، والصورة الموجودة فيه: (وفوقه هلال، وأسفله وردة).
الخلاصة: أنَّ خاتم سليمان بن داود عليه السلام يتداوله الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد، وشعاره (حسبي الله)، وصورته (هلال ووردة).
فأين النجمة السداسية التي يدَّعون أنَّ أمرها مسلَّم به عند المسلمين؟! فهذه الرواية واردة عن أئمة المسلمين تُكذبهم وتردُّ مكرهم، ليس فيها لا من قريب ولا من بعيد إشارة إلى نجمتهم المزعومة.