الحوار المهدوي: طوفان المهدي عليه السلام
زمزم
بمتابعة مقارنة لسيرة نبي الله نوح عليه السلام الاب الثاني للبشرية ولسيرة الامام المهدي عليه السلام المنقذ للإنسانية تلوح لافق الذهن مشتركات ومتشابهات لايصعب معها الحكم بكونها لم تك وليدة الصدف ولا هي نتيجة اعتباطية جاءت اثر تفاعلات اجتماعية أو كونية، وانما هي مشتركات وتشابهات مدروسة وممنهجة بيد السماء.
فطول العمر... تكذيب الناس... قلة التابع فضلا عن الناصر... الاستخفاف بالفكرة... الاستهجان للأسلوب من قبل المعاندين... الايذاء من قبل الناصبين... المطاردة والملاحقة من قبل الطغاة... والتسفيه والتسخيف من قبل المغرضين لاتباع هذين المصلحين العظيمين ومنهجهما, كل ذلك لايمكن أنْ يكون تصادفات تسطّرها صفحات تاريخ متباعد زمنياً، بطل بعضها نوح النبي عليه السلام وسيد بعضها نوح امّة محمد المهدي الموعود عليه السلام.
واذا ما ضممنا الى ذلك كون كل منهما قبطان سفينة نجاة للبشرية ستترتّش الصورة برتوش واضحة اكثر فاكثر.
فسفينة نوح انقذت من بقي صالحاً من ذرية آدم أبو البشر الاول لتشكل النواة لمن يكمل تاريخ البشرية بنسله.
وسفينة المهدي من آل محمد عليهم السلام لهي السفينة الحقـّة لنجاة بشر آخر صفحات الزمان من نكستهم وازمتهم الخانقة مبحرة بهم في محيطات النور والهداية والقسط والعدل والسعادة والرخاء لتحقق ارادة الله في الارض باستخلاف المستضعفين في المعمورة.
ولكن هل يمكننا تصوير طوفان الحركة المهدوية بنحو المشابهة لطوفان نوح عليه السلام الذي غيــّر جغرافية الارض ومجتمعاتها بنحو يتلائم مع مجتمعات آخر الزمان؟؟
وماهي اوجه الاستفادة من هذا التصوير على فرض امكانه واهميته للمجتمع العالمي بشكل عام ولنا نحن اتباع مدرسة ال محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة؟؟
وماهي الوسائل التي نتوسل بها للنجاة من هكذا طوفان؟؟
اسئلة اضعها بين يدي روّاد المنتدى طالما عني بالقضية المهدوية في شتـّى مجالاتها ملتمسا الافادة والاستفادة والله من وراء القصد.
دمتم للإسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرتضى علي
احسنتم يا اخي (يا زمزم) ولكَ مني كل التقدير.
أولاً: كل المفردات الفجائية والخارجية التي واجهتها حركة رسل الله تعالى الى البشرية منذ الأزل تكاد تكون متقاربة مفهوماً، ولكن التغاير احيانا يكون بالمصداق المتبدل وفقا لمتغيرات الحياة البشرية وفروضاتها الاجتماعية.
أمّا الجواب على سؤالكم عن نحو المشابهة بين حركتي التغيير لنوح النبي عليه السلام وحركة التغير للمهدي عليه السلام؟
(فهو، نعم يمكن ايجاد سنخ مشابهة بين طوفان نوح المائي وطوفان المهدي عليه السلام العلمي والمعرفي والنفسي والاجتماعي والآفاقي، فإذا كان نوح عليه السلام قد تمكن من تخليص البقية من البشرية الصالحة بسفينة مادية خشبية رست فوق الجودي، فالمهدي عليه السلام سيتمكن من إنقاذ البشرية بسفينة الهدى الآلهي العام والخاص التي ترفع راية العقلنة والموضوعية والقناعة الذاتية في قبول التغيير الإلهي الحتمي.
فقطعا ظروف وجزئيات وآليات التغير بين نوح والمهدي عليه السلام ستكون مختلفة تماماً، ولكن الأصل واحد وهو (إن أردتُ إلاّ الأصلاح ما استطعتُ وما توفيقي إلاّ بالله).
ثانياً: امّا ما هي اوجه الاستفادة من امكان المشابهة بين التغيير النوحي والمهدوي عليه السلام للمجتمع العالمي بشكل عام ولأتباع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بشكل خاص؟ فنقول:
(امّا وجه الفائدة للشعوب البشرية بشكل عام فهذا (اي طوفان نوح عليه السلام هو مما عرفته البشرية عامة عبر التاريخ والكتب السماوية الثلاثة، وهو في حد نفسه كحادث ارضي ثابت تاريخيا ودينيا يعطي رسالة واضحة من السماء الى الأرض بأنّ السماء (أي الله تعالى) قادر على إحداث التغيير في الارض في أي وقت وفي كل مجتمع، وعلى الجميع الحذر من الانحراف عن رسالة ورسل السماء الى الأرض، فالذي ايّد نوح عليه السلام بسفينة لانقاذه وإنقاذ ما تبقى من الصالحين قادر على انقاذ المهدي عليه السلام واتباعة ونصرته تكوينيا في الارض بشتى الوسائل العلمية والسماوية والمادية وحتى البشرية بطاقاتها الصالحة عقدياً ونفسياً واجتماعياً.
واما وجه الفائدة لنا نحن اتباع محمد وآل محمد ومنهم المهدي الموعود عليه السلام.
فذلك من الوضوح بما لايخفى على الواعين من المؤمنين والمنتظرين للحق ونصرته. فقطعا ستتدخل يد الغيب في عالم التكوين والتشريع لإتمام النصر القادم إلهياً، وما ذلك على الله بعزيز.
ثالثاً: امّا ماهي الوسائل التي نتوسل بها للنجاة من هكذا طوفان قادم؟.
فـ(الوسيلة المنجية هي التقوى الذاتية في كيانية الإنسان المؤمن وتفعيلها عمليا وخارجيا لكي يحقق الفوز والركوب في سفينة المهدي عليه السلام القادمة حتما والمُحدِثة لإنقاذ البشرية عامة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نور الغائب
زمزم حياكم الله ووفقكم لكل خير.
لعل طوفان الحركة المهدوية بدأ من اللحظة التي غاب فيها امامنا المنتظر عليه السلام بالغيبة الصغرى وانْ كان هذا الطوفان اشتدت وطأته ببدء الغيبة الكبرى، الا أنّ بدايته هي من الصغرى، وكلّما تقدم الزمن اشتد ذلك الطوفان، لذلك نجد العديد ممن كانوا مؤمنين بولاية أهل البيت عليهم السلام ومتمسكين بهم قست قلوبهم وطال عليهم الامد فسقطوا في النهاية، ونسأل الله حسن العاقبة حتى النهاية.
ووجه الاستفادة هو اننا لابد من أنْ نبحر بسفينة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل فوات الأوان، فلا عاصم آنذاك من امر الله الا من رحمه الله بسفينة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقيادة قائمهم.
فلا توجد وسيلة أكثر مما قالها إمامنا الصادق عليه السلام حيث قال: (أما والله إنكم لعلى دين الله وملائكته فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد)، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
alQaiem١٢
أخي الكريم زمزم حفظكم الله تعالى وبارك بكم وبقصدكم المبارك.
أعتقد أنّ هذه المشابهة الأفقية عبر التأريخ والتماثل العمودي بين السماء والأرض موجودان أصلاً في وجوه الحكمة الإلهية.
فأمّا من جهة التماثل العمودي بين السماء والأرض نرى أنّ عالم التنزل الدنيوي الملكي هو آخر الزمان العمودي بالنسبة للملائكة حيث يمتليء ظلما وجورا إذ خاطبوا الله تبارك وتعالى بشأن آدم عليه السلام وبنيه في قول الله عزّ وجل:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (سورة البقرة: ٣٠).
وأمّا من جهة التشابه الأفقي التأريخي فهو ضمن سياق آخرية الزمان العمودي التي عبر عنها الملائكة بقولهم (يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء) , أي ضمن سياق الظلم والجور بأولية وآخرية.
ومن هنا يأتي التشابه بين الهبوط الثاني للبشر إلى مستقر الأرض مع نوح عليه السلام في أول الزمان الدنيوي , وبين الهبوط النوري للإنسانية مع الحجة بن الحسن عليه السلام في آخر الزمان الدنيوي.
فكان هبوط البشر مع نوح عليه السلام بعد طوفان الماء, ويكون هبوط الإنسانية إلى مستقر النور المهدوي بعد طوفان الظلمات.
وامّا التنور في قصة نوح عليه السلام فيقابله عرض الدنيا في آخر الزمان, فكما فار الماء من موضع التنور في أول الزمان, ففي المقابل يكون طلب الدنيا منشأة الهلاك لطلابها في العصر المهدوي.
وامّا زوجية المحمولين في السفينة مع نوح عليه السلام, فيقابلها زوجية الباطن والظاهر للمحمولين في سفينة الظهور المهدوي المقدس.
وكان ابن نوح يبحث عن جبل يعصمه من الماء, ويقابله في هذا الزمان أنّ كثيراً من الناس يبحثون عن جبل الأنا وجبل الشهوات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زمزم
مشاركاتكم النبيلة اثلجت الصدر , فما اكرمكم بسرعة التلبية المقرونة بالعلمية والذوق الرفيع والحس المرهف في ترجمة انتظاركم السليم والإحاطة بتشعبات المرادات من الالفاظ والافكار المطروحة فها انتم ايها الاعزّة قد اشبعتم الفكرة الافتراضية بسرد المحتملات المتوفرة وبالاستدلال العقلي والنقلي والوجداني مما اعجز القلم عن مجاراتها وشرح القلب بقراءتها وقرّ العين برؤيتها، فجزيتم عن إمامكم الغائب المنتظر عليه السلام خير الجزاء واسعدكم الله بطيب اللقاء.
الذي حصـّلته مما سطرته اقلامكم هو التركيز على احتمال كون الطوفان المهدوي طوفاناً معنوياً بحتاً مع أنّ امكان كونه طوفانا مادّيا غير بعيد عن دائرة التصور، بعد التيقن من عدم التعارض والتنافي بين النوعين وتحققهما في حيز الواقع والوجود، بل لعلّ القول بتحققهما معاً اوفق.
ولذا دعونا نركّز ونتأمل في تصوير كلا المعنيين للطوفان المهدوي، فإنّ لكلّ منهما ملامح وردت في الآيات القرآنية الشريفة وفي الروايات الواردة عن اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، ولا شك ّ في وجود نحو من انحاء الترابط بين الطوفان المعنوي والمادّي على الارض كما كان لطوفان نوح عليه السلام مثل هاتين الجنبتين، وكذا الترابط بينهما والله المستعان أولاً وآخراً.
اجدد امتناني وشكري لكم مواليّ متشوقا لانضمام من تجود قريحته لرفد الموضوع بما يضفي عليه احاطة وعمقاً مشكوراً.
دمتم للاسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابو محمد الاسدي
مرحباً بزمزم بعد طول غياب.
أود أنْ اضيف إلى فكرتك أمراً، وهو أنّ التشابه الذي أشرت إليه في كلامك، هو سنّة إلهية أشار إليها تعالى في سياق توضيح معالم النفاق بقوله عز من قائل (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ).
إنها سنّة إلهية، القلوب متشابهة، فما كان مؤمنا فأسلوبه واحد متجدد، وما كان منافقاً فكذلك، ولذا، فما ذكرته أنت من أوجه للتشابه لا يمكن اعتباره أمراً اعتباطياً، وإنما هو كما عبرت أمر ممنهج، نسجته القلوب المتشابهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولائي للمهدي
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى).
جعلنا الله وإياكم من الركب الناجي مع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
A Qaedia
مولاي زمزم
وفقك الله وشرّفك الله بزيارة رحاب زمزم في هذا العام وكل عام.
حسب ما قرأت من اجابات الاخوة وحوارهم اجدهم أجادوا التعبير عن الطوفان الحاصل في عصر الغيبة.
وهو بالتأكيد طوفان بكل المعايير وعلى كل الاصعدة، وهو بالتأكيد تصوير للصورة التي صورها القرآن الكريم (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ) والصورة التي أكدتها الروايات (ملئت ظلماً وجوراً) وبالتأكيد فالامتلاء تعبير وكناية عن شمول كل المعمورة بتلك القيم الفاسدة التي من شأنها أنْ تضيّع الدين، وبضياع الدين تضيع البشرية، فهو طوفان عارم يأتي على الاخضر واليابس وكما هو معلوم كل الآثام تخص إلا الظلم فهو يعم.
وهذا حسب تصوري القاصر طوفان معنوي وليس كطوفان النبي نوح عليه السلام الذي كان طوفان مادياً حيث ملئت الارض بالماء.
فهل في جعبتكم مولانا ما يؤكد طوفاناً مادياً كطوفان النبي النوح عليه السلام وحسب ما قرأت في مشاركتكم اظنكم تتبنون ذلك الرأي.
وهناك تتمة شيّقة للموضوع لنتابعها على رابطه في منتدى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام الاتي:
www.m-mahdi.info/forum