رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
مفكرو الغرب ينتظرون المنقذ وحكومته الواحدة
هيأة التحرير
المهدي المنتظر أو المنقذ والمصلح العالمي الذي سينشر العدل والألفة والمحبة والسلام بين البشر لم يكن الإيمان به يوماً ما بدعا من القول، أو حكرا على أمّة دون أخرى.. لأنه وببساطة لا يمثل فكرة عرضية على الذات الإنسانية، أو حلما سرياليا يطوف في خيالات الحالمين، أو انه مجرد فعل من قبل الشعوب التي رزحت تحت نير الظلم والاستعباد، كفسحة من الأمل، وطاقة من النور، ونسمة من الهواء العليل تهفو إليها نفوسهم المتعبة، كما يشير ابن خلدون في مقدمته، إن فكرة المهدي المنتظر عليه السلام بدأت بالظهور لحظة أن وجد المخلوق الإنساني لأنها مجبولة في ذاته.
فالإنسان يحاول دائماً أن يجعل حياته على درجة عالية من التنظيم، ويسعى جاهدا لمعرفة القوانين التي تسيّر الحياة من حوله، بغية فهمها ومسايرتها، على أمل إخضاعها والحصول من خلال ذلك على اكبر قدر من السعادة والحياة الهانئة، ولقد تبين للإنسان أن ذلك لا يتم إلا من خلال قانون امثل يجسده المصلح أو المنقذ العالمي وقيام دولته.
إن التاريخ يحدثنا بان أمل قيام الدولة العالمية التي تسوس الناس بقانون العدل والإصلاح لم ينفك يراود العديد من الحكماء والفلاسفة الذين صرحوا وطرحوا هذه الفكرة للعلن في أكثر من مناسبة منذ (أفلاطون) وجمهوريته حتى يومنا هذا.
ورصدنا لصدى المهدي عليه السلام في هذا العدد هو لبعض أولئك الفلاسفة والحكماء الذين نادوا بالدولة العالمية الموحدة، وإن منهم:
* (زيو) الفيلسوف اليوناني _٣٥٠ قبل الميلاد_ الذي قال: (على جميع أفراد العالم أن يتبعوا نظاما عالميا واحدا حتى يحصلوا على السعادة).
* (بلو تاك) الكاتب والمؤرخ اليوناني ٤٦_ ١٢٠م الذي دعا لهذا المعنى بقوله (لا يجب على الإنسان أن يقضي حياته في جمهوريات متعددة انقسمت على بعضها بسبب اختلاف قوانينها، بل على الناس جميعا أن يشكلوا مجتمعا واحدا، ويتبعوا قانونا واحدا، أو بتعبير آخر أن يشكلوا قطيعا واحدا تحت قانون واحد ويرعوا في كلأ واحد)، وبلوتاك يشير بهذا إلى أن الناس يجب أن تنتظم كهذه القطعان التي وحدت نفسها تحت راية واحدة وقانون واحد، ليأمن الضعيف في ظل قوة الجماعة المنظمة.
* (فيكتور هوغو) الذي عاش في القرن التاسع الميلادي، فمن يتتبع أفكار فيلسوف فرنسا الشهير (هوغو) يجد له العديد من المقالات حول فكرة (الجمهورية العالمية).
فيكتور هوغو
* وولتر ليمبيس الذي جاء بعد (هوغو) ليقول في كتابه (الفلسفة الاجتماعية):
(إن الحياة الطويلة والمتكررة تقض أن يكون للعالم حكومة عالمية واحدة، وقانون واحد، من اجل تعيين مسيرها وتأمين سعادة المجتمع الإنساني).
* الفيلسوف (فريدريك نيتشه ١٨٨٢م) والذي قال:
(من الممكن أن يستطيع أولئك الذين يحسنون الإدراك أن يكونوا مبشرين لفرد ويمهدون الطريق لظهوره).
فريدريك نيتشه
* أما (برتراند راسل ١٩٠٧م) الفيلسوف الكبير صاحب كتاب (الآمال الجديدة) فقد أشار إلى انه: (طالما كان هناك مفكرون وقادة سياسيون وعسكريون، فإن الأمل في حكومة عالمية واحدة يبقى مراد تلك العقول والقلوب).
برتراند راسل
* وأما (آينشتاين) صاحب (النظرية النسبية) والعالم الفيزيائي الشهير، فقد قال: (إنّ اليوم الذي يسود العالم كلّه الصلح والصفاء، ويكون الناس متحابِّين متآخين ليس ببعيد).
البرت آنشتاين
* وبرناردشو ١٩٥٠م الفيلسوف الانجليزي الشهير حيث بشّر بمجيء المصلح في كتابه (الإنسان و السوبرمان) ، وفي ذلك يقول الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد في كتابه (برناردشو) معلّقاً : ( يلوح لنا أنّ سوبرمان شو ليس بالمستحيل، وأنّ دعوته إليه لا تخلو من حقيقة ثابتة)،
برناردشو
تقول رصدنا: ويبدو إن العالم قد أدرك هذه الحقيقة أخيرا وذلك من خلال سعي الدول الكبرى لإنشاء هيئات ومنظمات عالمية تمهيدا لتحقيق الدولة العالمية الموحدة والتي بدأت بوادرها تظهر في أوروبا الموحدة.
* فبعد الحرب العالمية الأولى و الثانية اللتين أزهقت خلالهما أرواح أكثر من تسعين مليون إنسان، وأحرقت دول بكاملها، طُرحت فكرة الحكومة الواحدة في الغرب وبشدة عبر مقالات الكتاب والمنظرين وكانت هاتان الحربان سببا في نشوء عصبة الأمم المتحدة الحالية، وقد كتب المفكر جورج سارتون_ ١٩٥٦ في كتابه (ماضي العلم):
(لقد أصبح العلم في أيامنا هذه سببا للتفوق العسكري والصناعي في مجتمعات البشرية، وسيأتي يوم يصبح فيه العلم سببا للتفوق الاجتماعي حيث يوجد وضعا تصبح فيه العدالة الاجتماعية متناسبة مع جوهر المجتمع الإنساني).
تقول رصدنا: وهنا يبرز السؤال المهم: هل يستطيع الإنسان الذي تتنازعه الميول والشهوات والاعتقادات والعصبيات أن يشرع نظاما امثل يصلح لجميع البشر على اختلاف ثقافاتهم وعاداتهم واعتقاداتهم؟ والإجابة قطعا ستكون بالنفي.
وإذا فرضنا باستطاعته _أي الإنسان_ ذلك فان عقبات كثيرة ستواجهه، مثل حمل الناس على الإيمان به (القانون)، ولن يمكنه ذلك، ما لم يوجههم إلى الاعتقاد بعقيدة واحدة، وبالتالي تصبح الآداب والتوجهات الأخلاقية واحدة، وذلك الذي سيهيئ الناس لتوفير الأرضية المناسبة للخضوع لقانون واحد.
وعلى هذا المفهوم أصبح من البديهي أن نعي إن أول واضع وداع إلى تطبيق النظام الأمثل والأكمل هو الخالق الحكيم العالم بخلقه (تبارك وتعالى) من خلال جعل المخلوق الأول له على الأرض خليفة، وشحنه بأهم بنود هذا القانون.
ومما تقدم نرى انه لا يمكن لنا أن نحصر فكرة المهدي المنتظر عليه السلام بالمنظور الديني فقط، ونقول إن المتدينين فقط ومن جميع الأديان هم من يؤمن بها ويعمل على تحقيقها، ذلك لأنها تمتد إلى كل الأبعاد الإنسانية وإلى جميع الجهات.
وبعد هذا الكلام يأتي السؤال: من يحقق تلك الدولة العالمية الموحدة؟ وهذا ما سنترك إجابته لـ:
* (هنري كوربان) الأستاذ الفرنسي المتخصص بالشؤون الشيعية، حيث كتب موضوعات رائعة تحت عنوان (ما هي بشارة المذهب الشيعيّ للبشريّة ؟!)
و تدور موضوعاته حول موقف التشيّع من العالم المعاصر. وقد أثبت فيها أنّ العقيدة المهدويّة التي يستند إليها الشيعة صحيحة. وهي حافظة لقوام الوجود البشريّ. ولا علاج لسنّة العالم جميعهم، بل للفرق بأسرها إلاّ بالاستناد إليها. وعلى الناس قاطبة أن يرحّبوا بدخول هذه العقيدة في دينهم من أجل خلاصهم ونجاتهم.
وكان(كوربان) قد قال في مقابلة مع أحد المسؤولين الكبار في الأردن قبل أربعين سنة تقريباً. وأعرب خلالها أن سبيل نجاته وهدوء باله لا يتحقّق إلاّ بالرجوع إلى المذهب الشيعيّ وقبول فكرة الإمام الحيّ الغائب. وتحدّث باستدلال في رسالة حول هذا الموضوع.
وقال أيضاً: إن إمام الزمان مفهوم أعلى يكمل مفهوم الغيبة، بَيدَ أنّه يرتبط بشخصيّة الإمام الغائب عليه السلام ارتباطاً تامّاً. وأنا أشعر وأدرك مفهوم الإمام الغائب عليه السلام بنحو جديد وبكر بما أحمله من روح غربيّة. وأُلقي في روعي أنّ علاقته الحقيقيّة ترتبط بالحياة المعنويّة للبشر. وكأنّ هذه العلاقة أخذت مكانها الحقيقيّ في خاطري كمنهج عمل باطنيّ معنوي يرى كلَّ مؤمن بنفسه قريناً ومرافقاً لشخصيّة الإمام، ويستعيد سلسلة من فتيان المعنويّة وشعيرة الفتوّة الضائعة، على شرط أن نكيّف الحقيقة الاخيرة مع الظروف والإمكانيّات الروحيّة المعاصرة.
وبنظري _والكلام (لكوربان)_ أنّ هذه العلاقة الخاصّة للارواح بالإمام الغائب عليه السلام هي الترياق الوحيد ضدّ خلط حقيقة الدين. وأنّ كرامة الإمام وإقراره هما ذوا صبغة معنويّة كأصالة حياته.
وهكذا التفاتنا واهتمامنا بتعاليم الائمّة الذين ظهروا ويعيشون الآن في عالم المعنى.
إنّ المستشرقين الذين اعتقدوا بأنّ المذهب الشيعيّ بمنزلة مذهب مستبدّ قد ضلّوا ووقعوا في خطأ فادح، وقد تسرّبت هذه الفكرة إلى أذهانهم من المفهوم الكنسيّ بقرينة فكريّة معيّنة.
إنّ ما يلفت الأنظار أكثر من كلّ شيء عند عرفاء الشيعة كـ(حيدر الآملي) هو التشبيه الذي أُقيم بين الإمام الغائب عليه السلام و(البارقليط) واستشهاده بإنجيل يوحنّا ( الإنجيل الرابع) ، ولا عهد للأذهان بهذا الالتقاء الفكريّ والمعنويّ بما عليه من وضوح.
وينبغي أن أُصرّح بأنّ مفهوم البارقليط Paraclet (بمعنى المنقذ), يسود مشهداً من مشاهد معرفة المعاد المشتركة بين المسيحيّين المعنويّين وبين المعتقدين المخلَصين بالمذهب الشيعيّ.
ونقصد به مرحلة من فراق دنيا عمياء البصيرة يملؤها الرياء. وفي اعتقادي أنّ المعنى الحيّ لحضور الإمام الغائب عليه السلام هو الاتّجاه العموديّ والصعوديّ لنداء النفي المطلق المواجه لجميع مظاهر الرياء وعمى البصيرة ونسخ الحقيقة المعنويّة عند البشر.
ولا مِراء في أنّ الرموز والكنايات والإشارات التي تستعمل في الأدب العرفانيّ لتبـيان الحقائق المعـنويّة قد مُنـيت بالبِلى وسقـوط قوّة التبيين. بَيدَ أنّ مهمّة إحيائها المتواصل تقع على عاتق المؤمن والمسلم الحقيقيّين.
فأنّ الذي يشـيخ ويبلي هو أرواح الآدميّين، لا أصل الرموز والكنايات والإشارات التي تبيّن الحقيقة وتبشّر بها).
تقول رصدنا: هذه الأفكار هي أفكار رجل غربيّ،أفرزها ذهنه بسبب تماسّه مع الحقائق الإسلاميّة الشيعيّة، ويدل ذلك على مدى الاهتمام الغربي بقضية المنقذ عموما، والمهدي المنتظر عليه السلام في الفهم الإسلامي الشيعي خصوصا.
ولكن هناك من يحذر الغرب من هذا القادم المنتظر حيث وردت في برنامج (شمس خلف السحاب) الذي بُثَّ من إذاعة طهران ففي حلقة منه بثت بتاريخ ١٥/٣/٢٠٠٧ وبحوار مع الشيخ محمد السند.
الخبير الأمني الاستراتيجي الفرنسي (فرانسو توال) يحذر بني ملته من عقيدة المهدي الغائب عليه السلام لأنها عمل سري خطير يهدد الغرب، وقد جاءت عبارته هذه في كتاب له حول (الجغرافية السياسية للشيعة) والذي نشر بعد سقوط الطاغية صدام، وفي مضمونه عدة نقاط ومحاور حول الإمام المهدي عليه السلام منها:
ان الغيبة هي عبارة عن حركة سرية، وإن فعالية الإمام المهدي عليه السلام تكون أكثر حيوية وديناميكية ونشاطاً في ظل الخفاء والسرية.
وجاء في نفس الكتاب عبارة أخرى يقول فيها فرانسوا توال: (أهيب بقادة وساسة العالم بأن يتعرفوا بنظرية وعقيدة العدالة المهدوية، فأنها العقيدة والنظرية التي ستدهش لها المجتمعات البشرية ويقدر لها أن تنتشر بين المجتمعات البشرية بين ليلة وضحاها وأسرع مما انتشرت فيه الشيوعية).