من فقهائنا
الشيخ جعفر كاشف الغطاء(قدس سره)
نسبه:
الشيخ جعفر بن الشيخ خضر بن الشيخ يحيى المالكي الجناجي النجفي الفقيه المشهور ولد في النجف في حدود سنة ١١٥٤ أو ٤٦. والمالكي نسبة إلى بني مالك إحدى قبائل العراق, والجناجي نسبة إلى جناجة, قرية من أعمال الحلة واصلهم من آل علي، المقيمين فيها, وأصل اسمها (قناقيا) ويلفظها العرب (جناجيا).
وتوفي يوم الأربعاء ٢٢ أو ٢٧ رجب سنة ١٢٢٨ أو ٢٧ ويدل عليه ما قيل في تاريخ وفاته, (العلم مات بيوم فقدك جعفر), ودفن في تربته المشهورة في محلة العمارة بالنجف الاشرف.
أقوال العلماء فيه:
قال تلميذه صاحب (مفتاح الكرامة) في مقدمة كتابه : (الإمام العلامة المعتبر المقدس, الحبر الأعظم).
وذكره صاحب (نظم اللآل في أحوال الرجال) فقال: (شيخ الطائفة في زمانه, وحاله في الثقة والجلالة والعلم أشهر من أن يذكر).
وقد انتهت إليه رياسة الإمامية الدينية في عصره والزمنية في قطره بعد وفاة شيخه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي سنة ١٢١٢, فهو الفقيه الأكبر مفتي الامامية رجع إليه الناس وأخذوا عنه.
مشايخه:
اخذ أولا عن أبيه, ثم عن الشيخ (محمد تقي الدورقي) من فقهاء النجف الاشرف, و(السيد صادق الفحام) وغالب تتلمذه على الشيخ (محمد مهدي الفتوني العاملي النجفي), وعلى (السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي) وقرأ في كربلاء على (الآقا محمد باقر البهبهاني). وغيرهم.
تلاميذه:
اتفق له ما لم يتفق لغيره من تقدير كثرة العلم والكفاءة في ذريته الى عشرة اظهار, وقد تخرج عنه كثير من الفقهاء المشاهير. مثل: أولاده الثلاثة الفحول المعروفين وهم: الشيخ (موسى بن الشيخ جعفر), والشيخ (علي بن الشيخ جعفر), والشيخ (حسن بن الشيخ جعفر)، وأصهاره الثلاثة على بناته وهم الشيخ (أسد الله التستري الكاظمي) صاحب (المقاييس), والشيخ (محمد تقي الرازي) صاحب (حاشية المعالم), والسيد (صدر الدين العاملي), و(السيد جواد العاملي) صاحب (مفتاح الكرامة), والشيخ (محمد حسن) صاحب (الجواهر), و(السيد محمد باقر) صاحب (الأنوار), وغيرهم الكثير.
مؤلفاته:
(كشف الغطاء عن خفيات مبهمات الشريعة الغراء), وشرح (قواعد العلامة في بعض أبواب المكاسب), كبير مشتمل على قواعد فقهية وفقاهة عجيبة وكتاب كبير في الطهارة. كتبه في أول امره لجمع أقوال الأصحاب والأحاديث من أول الطهارة إلى خشبة الأقطع, ورسالة عملية في الطهارة والصلاة سماها (بغية الطالب) شرحها ولده الشيخ (موسى), و(مناسك الحج والعقائد الجعفرية في أصول الدين), والظاهر أنها هي الموجودة في مقدمات كشف الغطاء, و(غاية المأمول في علم الأصول), وغيرها.
أشعاره:
كان رضي الله عنه شاعرا أديبا وله أشعار ومطارحات مشهورة مع أدباء عصره وعلمائه, ومن شعره مادحا السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
إليك إذا وجهت مدحي وجدتـــه
معيبا وان كان السليم من العيـــــب
إذ المدح لا يحلو إذا كان صادقا
ومدحك حاشاه من الكذب والريب
مواقف وحكايات :
وكان رضي الله عنه شديد الغيرة على الطائفة, عظيم العناية بأمورها, كثير المناهضة لخصومها, وقد انبرى للرد على الوهابيين بيده ولسانه, لما عظم خطرهم على العراق فرد غاراتهم عن مدينة النجف الاشرف, وجمع الأسلحة والذخائر في داره ورتب المقاتلة على السور اذ باشر العلماء انذاك القتال بأنفسهم وشجعوا المقاتلين بتحريضهم حتى ارتد رئيسهم سعود وأصحابه عنها خائبين, واوفد رسالة خاصة إلى سعود يبين فيها فساد ما ينتحلون من تكفير المسلمين ورميهم بالشرك.
أنه كان يحاسب نفسه ليلا - فيقول - : (كنت في الصغر تسمى جعيفرا, ثم صرت جعفرا, ثم سميت الشيخ جعفر, ثم الشيخ على الإطلاق, فإلى متى تعصى الله ولا تشكر هذه النعمة؟
- ومنها - أنه كان في أصفهان فجعل يعظ الناس وقال من جملة موعظته (أن بلدكم هذه تشبه الجنة في أنهارها وجناتها وحورها وولدانها وفيها شبه أخر بالجنة وهو كأن الله رفع التكليف عن أهلها كما رفعه عن أهل الجنة).
ومنها أن الشيخ أبطأ في بعض الأيام عن صلاة الظهر, فجعل الناس يصلون فرادى, فلما دخل المسجد جعل يوبخهم ويقول: (أما فيكم من تصلون خلفه)؟, ثم رأى بعض التجار الأخيار يصلي فقال (دعونا نأتم بهذا العبد الصالح) فائتم به هو والجماعة, فخجل التاجر خجلا شديدا ولا يمكنه قطع الصلاة ولما فرغ من الصلاة تأخر خجلا, فقال له الشيخ لا بد أن تؤمنا في الصلاة الثانية فامتنع, فأصر عليه فقال هذا لا يمكن قال إذا (فافتد نفسك بمال تدفعه للفقراء) فاخذ منه مائتي شامي أو أزيد وفرقها على الفقراء وأعفاه من الإمامة.