سلسلة من المقالات تسلط الضوء على حياة الفقهاء
النواب للإمام المهدي القائم عليه السلام
من فقهائنا
الشيخ الأعظم مرتضى الانصاري قدس سره
اسمه وأسرته:
هو الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري النجفي الأستاذ المؤسس شيخ مشايخ الأمامية, ينتهي نسبه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري . ولد في دزفول سنة ١٢١٤ هـ, أما أبوه محمد أمين فكان من العلماء العاملين والمروجين للدين المبين, وكان من وجهاء مدينة دزفول, وأما أمه فهي بنت الشيخ يعقوب بن الشيخ أحمد الأنصاري, وكانت من النساء الصالحات العابدات في زمانها, وأما جده وهو الشيخ مرتضى فكان من العلماء الأتقياء, وكانت له في الفقه وغيره مؤلفات قيمة.
دراسته وأساتذته:
كان الشيخ مواظباً على تحصيل العلوم الدينية حتى في سفره, وكان يغتنم الفرص في دراسته لأجل فتح المباحث العميقة مع أساتذته, وكان من أساتذته:
الملا محمد بن حسن المازندراني قدس سره المعروف بشريف العلماء, المتوفى سنة ١٢٤٥ هـ.
الشيخ موسى بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره, المتوفى سنة ١٢٤١ هـ.
الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره, المتوفى سنة ١٢٥٤ هـ.
الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر قدس سره, المتوفى سنة ١٢٦٦ هـ.
السيد محمد المجاهد قدس سره, المتوفى سنة ١٢٤٢ هـ.
الملا أحمد النراقي قدس سره, المتوفى سنة ١٢٤٥ هـ.
مرجعيته:
استلم شيخنا الأنصاري قدس سره زعامة الشيعة ومرجعيتها بعد وفاة صاحب الجواهر قدس سره من سنة ١٢٦٦ إلى سنة ١٢٨١ للهجرة, وكانت هذه الفترة مزدهرة بالعلماء الفحول, ولكن الشيخ طغى على الجميع, بحيث اتفقت الشيعة باجمعها على مرجعيته واستفادوا من نمير علمه.
تلامذته:
لو تفحصنا في الفترة ما بين أواسط القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر الهجري لوجدنا أكثر _إن لم نقل كل_ المجتهدين والعلماء المحققين من تلامذته, وهذه البرهة من الزمن هي وقت رواج العلم ووصوله إلى أوجه, ولا نبالغ إن قلنا: إن عدد تلاميذه البارزين يبلغ المئات, وقد تخرج على يديه أكثر الفحول من بعده مثل الميرزا الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والسيد حسين الترك والشرابياني والمامقاني والميرزا أبو القاسم الكلانتري.
مؤلفاته:
ألف شيخنا الأعظم كتباً مشهود عليها إنها مدار التدريس في الحوزات العلمية,’ ووصلت شهرة كتبه درجة بحيث لم يكد يجهل بها احد, ذلك لما تحويه من دقة وإمعان ونظر وتحقيقات جديدة, ومنها:
كتاب الطهارة ويعرف (بطهارة الشيخ)، كتاب الصوم والزكاة والخمس على جهة البسط والتحقيق ، رسائله الخمس المشهورة التي عليها معول الأصوليين من الامامية في كل مكان (رسالة حجية الظن, أصل البراءة, الاستصحاب, التعادل والتراجيح ورسالة الإجماع) وقد طبعت مرارا في مجموع سمي (الفرائد), وله أيضا رسالة في الرضاع ، رسالة في التقية ، رسالة في العدالة ،رسالة في القضاء عن الميت، رسالة في المواسعة والمضايقة ، رسالة في قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به ، رسالة في نفي الضرر والضرار طبعت كلها, وله كتاب (الغصب) وكتاب في (الرجال) تام منه نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية كتبت عن نسخة الأصل سنة ١٢٨١ وهي سنة وفاته .
بعض أقوال العلماء فيه:
مدح شيخنا الأنصاري كثير من العلماء الربانيين, منهم:
- أستاذه الملا أحمد النراقي _في إجازته له_ قال: (.... وكان ممن جد في الطلب, وبذل الجهد في هذا المطلب, وفاز بالحظ الأوفر الأسنى, وحظي بالنصيب المتكاثر الأهنى).
- الميرزا محمد حسين الأشتياني, قال: (... فإن ما ذكرنا من التحقيق رشحة من رشحات تحقيقاته وذرة من ذرات فيوضاته, أدام الله أفضاله وإظلاله, فلا تحسبنه غير خبير بهذه المطالب الواضحة, كيف وهو مبتكر في الفن بما لم يسبقه فيه سابق..)
- الميرزا حبيب الله الرشتي: قال: (... هو تالي العصمة علما وعملا.. مع أنه في جودة النظر أتى بما يقرب من شق القمر..)
- المحدث النوري, قال: (... ومن آثار إخلاص إيمانه وعلائم صدق ولائه _أي جابر بن عبد الله الأنصاري عليه السلام_ أن تفضل الله تعالى عليه وأخرج من صلبه من نصر الملة والدين, بالعلم والتحقيق, والدقة والزهد).
- الشيخ محمد حرز الدين, قال: (... كان فقيها أصوليا متبحراً في الاصول, لم يسمع الدهر بمثله, صار رئيس الشيعية الامامية, وكان يضرب به المثل اهل زمانه في زهده وتقواه وعبادته وقداسته..)
من مواقفه وزهده:
انه لما عرض عليه قنصل بريطانيا أموالاً كانت موضوعة في احد بنوك بريطانيا, قيل ان اصلها من مال امرأة هندية أوصت أن تصرف في كربلاء والنجف برأي المجتهدين, أبى الشيخ أن يأخذها.
ويقول الشيخ علي الكني وهو من المعاصرين للشيخ الاعظم: (عاصرت الشيخ قدس سره عشرين سنة في كربلاء ولم يكن يملك من الأثاث الا عمامة يفرشها ليلاً فراشاً له في الصيف ويعتم بها اذا خرج لحوائجه)
وفاته قدس سره:
توفي شيخنا في النجف الاشرف, وغسل على ساحل بحر النجف حيث نصبت له خيمة هناك في ليلة السبت الثاني عشر من جمادى الثانية سنة ١٢٨١ هـ عن عمر ٦٧ سنة, ودفن في الصحن أمير المؤمنين عليه السلام في الحجرة المتصلة بباب القبلة.