الآثار الاجتماعية للانتظار
السيد هاشم الشخص
الانتظار له معنيان:
المقصود به انتظار ظهور الإمام المهدي عليه السلام، فما من مسلم إمامي شيعي اثني عشري الا ويعتقد بظهور المهدي عليه السلام وينتظر فرجه الشريف، وقد جاء التأكيد في روايات كثيرة جداً على ان (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج) أو (أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج)، فلا بد أن يكون للانتظار معنى صحيح حتى يتفق مع هذا التأكيد الكثير في الروايات.
والانتظار إيجابي وسلبي، فالسلبي هو الذي ربما يفهمه البعض أن يبقى الناس مكتوفي الأيدي لا يعملون أي شيء ولا يحركون ساكناً على أمل أن يأتي الفرج في يوم ما بخروج الإمام المهدي عليه السلام.
وللاسف فان اعداء الاسلام اليوم يصورون الانتظار (انتظار الفرج) بهذا المعنى.
أما المعنى الايجابي للانتظار والذي به تفسر الروايات تفسيراً صحيحاً سليماً فيرتكز على ركيزتين مهمتين:
الركيزة الاولى هي فتح باب الامل والثقة بالله ثقة كبيرة مطلقة، بان الله (سبحانه وتعالى) ينصر المؤمنين ويؤيدهم، ولابد ان يأتي الفرج في يوم ما لكل المستضعفين ولكل المؤمنين، إنّ هذه الثقة وهذه الروح المعنوية _اذا حملها الانسان_ فإنّ لها انعكاسات ايجابية كثيرة على المجتمع.
والركيزة الثانية هي الانتظار الايجابي فهو ليست الثقة والامل بالله (سبحانه وتعالى) فقط بل هو التحرك العملي لتحقيق ذلك الفرج، بمعنى الاستعداد لنصرة الإمام المهدي عليه السلام استعداداً روحياً معنوياً او مادياً بحيث لا نفاجأ بخروج الإمام عليه السلام ونحن غير قادرين على ان نفعل شيئاً ، ويمكن ان نضرب مثلاً توضيحياً لذلك، فمن ينتظر ان يسافر، او ان يعمل عملاً مهماً في حياته, و لابد له ان يعد العدة لما ينتظره حتى يكون منتظره فعلاً وإلا فلا يسمى منتظراً وإنّما يسمى غافلاً وساهياً عن الموضوع ومقصراً فيه.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (افضل اعمال امتي انتظار الفرج)، وفي رواية اخرى: (افضل العبادة انتظار الفرج)، يعني أن انتظار الفرج عبادة وليس امراً عادياً، وفي رواية اخرى:( افضل جهاد امتي انتظار الفرج)، وفي رواية رابعة:عن علي بن الحسين عليهما السلام؛ (انتظار الفرج من أعظم الفرج), بمعنى اذا اردت ان يحصل الفرج, أن تنتظر الفرج، فان انتظار الفرج هو جزء من الفرج، وكأنه ممهد ومقدم له، لذلك يعني ان انتظار الفرج ليس هو عمل شيء.
اما كيفية الاستعداد لاستقبال الإمام المهدي عليه السلام وكيف نعد العدة معنوياً ومادياً لنصرة الإمام عليه السلام، فهذا أمر يختلف من بلد الى بلد ومن ظرف الى ظرف، ولا يمكن ان يحدد له قاعدة عامة، فالقاعدة العامة هي انتظار الفرج الذي يفترض ان يكون ايجابياً وعملياً وليس قلبياً وفي النية وفي الخاطر فقط، وهذه القاعدة يرجع فيها المنتظرون في كل بلد الى علمائهم والى قادتهم ليحددوا لهم معنى تحقيق الانتظار في هذا المجال.
والانتظار يمثل عملية كبرى لانه عبادة وجهاد وهو افضل الاعمال، وآثار هذا الانتظار على حركة المجتمع مؤثرة وفاعلة.
فالانتظار بمعناه الايجابي له آثاره على المجتمع وعلى حركته، فالحالة النفسية والمعنوية لها اثر كبير على حركة الانسان، سواء في المجال المادي, في العمل الدنيوي، او فيما يرتبط بالعمل الاخروي، ولذلك نرى فرقاً كبيراً بين من يؤمن بالآخرة ويؤمن بالله (سبحانه وتعالى)، وبين من لا يؤمن به سبحانه، او يؤمن بالله ولكن لا يؤمن بان هناك حساباً وقيامة، فان الذي يؤمن بعالم الآخرة كلما ازداد ايماناً كلما ازداد نشاطاً وحيوية وحركة وعملاً.
وهكذا هو انتظار الفرج بالمعنى الايجابي، فإن ترقب خروج الإمام عليه السلام والارتباط به روحياً والاستعداد لاستقباله ولقائه له آثار عملية وايجابية في حركة المجتمع طبعاً ويأتي ذلك من الاستعداد المعنوي لانتظار الفرج، لانتظار الإمام المهدي عليه السلام وهو التأكيد والتركيز على الإمام المهدي شخصياً، والدعاء له، ولذلك جاءت الروايات على دعاء الندبة في كل اسبوع مثلاً والتأكيد على الدعاء للإمام المهدي عليه السلام دائماً (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن...)، والى غير ذلك من الادعية.
فالمنتظر الحقيقي هو الذي يعد نفسه روحياً ومعنوياً ويعد نفسه مادياً ايضاً وأن يكون من انصار الإمام المهدي عليه السلام ومعنى الاعداد الروحي والمعنوي هو الاستعداد لكل ما يتطلبه الامر في نصرة الإمام عليه السلام، حتى الشهادة في سبيل الله، لان هذا يحتاج الى تهيئة نفسية وروحية، والانسان لا يقدم على النصرة الحقيقية اذا لم يكن قد هيّأ نفسه مسبقاً لأن يضحي بنفسه من اجل قضية الإمام المهدي عليه السلام، من اجل نصرة الدين، والاسلام.