التعريف بصفحة التمهيد المهدوي
انّ انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها امر بات قريبا؛ لاسباب كثيرة، من ابرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة، فالدين المحمدي يمثل حالة التواصل الحيوي مع مبادئ السماء وإلى يومنا هذا من خلال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن عليه السلام .
ونحــــــن في ((صدى المهدي)) سنفرد لهـــــذه الظاهرة الحتمية صفحة خاصة نتناول خلال اعمدتها انتشار التشيع فكراً وعقيدة في أغلب بلدان العالم والذي يسهم ان شاء الله في تهيئة الأرضية المناسبة والجو الملائم للظهور المبارك لصاحــــــــب العصر والزمان عليه السلام .
شيعة الهند رفعة المكانة وفاعلية الحضور
جمهورية الهند/الواقع الجغرافي:
-جمهورية الهند جمهورية اتحادية ديمقراطية, تقع في شبه القارة الهندية, في جنوب آسيا, وهي سابع بلد من حيث المساحة الجغرافية, والثانية من حيث عدد السكان في العالم, وهي البلد الاكثر ازدحاما في العالم كذلك.
-يحدها المحيط الهندي من الجنوب, وبحر العرب من الغرب, وخليج البنغال من الشرق, وتحدها جمهورية الصين الشعبية والنيبال وبوتان من الشمال.
-تبلغ مساحة جمهورية الهند ٦٩٥ر٥٦١ر٣ مليون كيلو متر مربعا. أما سكانها فهم ٠٠٠ر٠٠٠ر١٧٠ر١ مليار نسمة.
-تتكون الهند من ٢٨ ولاية وسبعة اقاليم اتحادية وتتمتع بنظام برلماني ديمقراطي.
-الهند ملتقى طرق التجارة التاريخية, وهي معروفة بثرواتها التجارية لفترة كبيرة من تاريخها الطويل.
-تمتلك الهند ثاني عشر اكبر اقتصاد في العالم في سوق صرف الاسعار, ورابع اكبر قوة شرائية, وقد حولتها الاصلاحات الاقتصادية منذ عام ١٩٩١ الى واحدة من اكبر الاقتصادات نموا. ولكنها لا تزال تعاني من المستويات العالية من الفقر والامية وسوء التغذية.
الهند/الواقع الديمغرافي الديني:
تمتلك الهند مجتمعا تعدديا, في اللغات والاعراق, وهي ايضا موطن التنوعات الدينية, فقد نشأت فيها اربعة اديان رئيسة هي الهندوسية والبوذية والجاينية والسيخية, تأتي بعدها الزرادشتية واليهودية والمسيحية والاسلام.
تبلغ نسبة المسلمين من مجموع سكانها اكثر من ٣٠%. الشيعة منهم اكثر من ٨٤ مليون شيعي.
تاريخ انتشار التشيع في الهند:
تتوفر معلومات تقول ان: نواة اول تواجد شيعي في الهند تعود الى رجل هندي يدعى (شنسب), وقد اسلم في عصر امير المؤمنين علي عليه السلام - الذي اعطاه عهدا توارثه ابناؤه من بعده, وقد عرف اولاده واحفاده (بالاسرة الشنسبانية)..
ويعزو البعض الوجود الشيعي في الهند الى عامل آخر وهو تواجد الزيدية الذين جاؤوا الى اطراف بلاد السند مع (ابن محمد النفس الزكية) الذي قتل سنة ٢٤٥هـ, وقد تمكن هؤلاء الزيدية من التأثير على الحكام في تلك البلاد, فأضحى اولئك الحكام من اتباع المذهب.
كذلك يرجع آخرون ارساء قواعد الوجود الشيعي في الهند الى الاسماعيليين. هذه الطائفة التي عرفت بنشاطها الديني والاقتصادي ليس على صعيد جمهورية الهند فقط, بل على صعيد بلاد المسلمين, ومنها رعايتها لبعض العتبات المقدسة وتوليها لها بالاعمار الذي يثير الاعجاب فنا واداءً.
وهناك مصادر اخرى ترجع انتشار التشيع هناك الى نشوء فرق الصوفية (كالسهروردية والحبشية) فهم لهم ميول مذهب اهل السنة _اي مشروعية الخلفاء_ ولكنهم يوالون اهل البيت عليهم السلام (الائمة الاثنى عشر عليهم السلام ) في الوقت نفسه, وقد انتمى هؤلاء بعد فترة الى مذهب أهل البيت عليهم السلام .
ويقول مقال للكاتب شريف عبد العزيز في مفكرة الاسلام-٢٠٠٩م ان المذهب الامامي الاثنى عشري دخل الى الهند عن طريق سعي الحوزة العلمية في ايران في شيراز واصبهان واردبيل, وقد حققت في ذلك نجاحا ملحوظا حيث استطاعت اقناع بعض ملوك الهند بالتشيع, والذين اخذوا في الجهر بمعتقداتهم وشعائرهم. حيث دخل اول داعية شيعي بطرق بلاد الهند الى كشمير سنة ٨٧٢هـ وهو الشيخ (ميرسمى الدين العراقي), وقد اجتهد هذا الداعية في دعوة الكشميريين للتشيع أكثر من عشرين عاما.
ويعتبر (يوسف عادل شاه البيجابوري) اول ملك هندي يعتنق المذهب الامامي سنة ٩٠٨هـ. وقد روج يوسف شاه للتشيع في البلاد. وكان لا يجبر احدا عليه, بل يستعمل الاقناع لجذب الناس, وهكذا انتشر التشيع من أهل بيجابور.
انتشار شيعة الهند على خارطتها الواسعة
ينتشر الشيعة الهنود من اسماعيلية (بهرة) وزيدية واثني عشرية في طول البلاد وعرضها, وان لهم مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية والعلمية. كذلك للشيعة في الهند حضور فاعل, لدرجة ان تسنمت شخصيات منهم مناصب عليا في الدولة رغم كونهم اقلية من الناحية العددية.
من معاقل التشيع في الهند
للشيعة في الهند عدة معاقل ومدن ينتشرون فيها كحيدر آباد الدكن:
كذلك (لكنهو) عاصمة الولاية المسماة باسمها والبالغ عدد سكانها ١٧ مليون نسمة, والغالبية العظمى منهم على المذهب الشيعي الاثني عشري وانهم ليهيمون عشقا وولاءً بالعترة الطاهرة, وتعتبر لكنهو (عاصمة الولاية) ومدينتها ولاية صافية خالصة للشيعة, ويمكن ان يطلق عليها (نجف الهند) لما تحويه من عشرات الحوزات وآلاف المساجد والحسينيات المنتشرة في كل ارجائها, ويوجد فيها كذلك ما يقارب (١٠٠٠) عالم من علماء الدين, ويمكنك ان تتجول في شوارعها لتشاهد الصبغة الدينية للمدينة حتى ليخيل اليك انك تمشي في النجف الاشرف أو قم المقدسة.
وللعاشر من محرم _عاشوراء الحسين عليه السلام _ في لكنهو قصة, حيث يتقاطر للمدينة في هذه المناسبة مئات الآلاف من الولاية ومن غيرها من مدن الهند. ليقيموا احتفالات يوم أبي الاحرار الحسين عليه السلام .
-وهناك مدن هندية يتواجد فيها الشيعة, منها دلهي, وميرت, ومظفر آباد, ومظفر نكر وبريلي وبدايون, ومراد آباد, وفيض آباد وراي بريلي, وجونيور وبنارس (دراوتربرابش) وكيا (دربهار) وميسور, ومندراس, وبمبي, ويونا, وبنكلور, ومجلي بندر.
مؤسسات شيعية هندية
من المؤسسات الشيعية في جمهورية الهند:
-انجمن حسيني في مدينة تيناي.
-مؤسسة المؤمل الثقافية-في مدينة غازيبور. وهي تقوم بترجمة وتأليف الكتب الاسلامية المفيدة للجامعة, ودراسة الوضع الاسلامي عامة والشيعي خاصة.
-انتشارات العميد في مدينة بنغالور. وتقوم بنشر الكتب الاسلامية وتفاسير القرآن الكريم والمحاضرات اسلامية.
-منظمة الامامية للتحقيقات والابحاث. في مدينة كشمير. ومن نشاطاتها انشاء مكتبة الامام الحسين عليه السلام , وجذب الشباب الى الدين الاسلامي وتعريفه لهم, ومواجهة التبليغ المضاد للاسلام اضافة الى اقامة المناسبات الدينية.
-مهمة الشيعة في مدينة لكنهو: ومن اعمالها تأسيس مكتبة وتوزيع وطبع كتب اسلامية بلغة الاردو.
-الشبكة الاسلامية العالمية.
-شيعة بوتا: وهي تختص باقامة المناسبات الدينية.
-المكتبة الناصرية- مدينة لكنهو: وهي مكتبة عظيمة تضم ميراث العالم الشيعي الكبير مير حامد حسين وابيه.
-مدينة الجامعة الناظمية في مدينة لكنهو.
-مدرسة الواعظين.
-سلطان المدارس- في مدينة لكنهو.
شخصيات شيعية هندية
من الشخصيات الاسلامية الشيعية متميزة النشاط في جمهورية الهند.
-ابو الكلام زين العابدين, الرئيس الحادي عشر لجمهورية الهند من عام ٢٠٠٢ الى ٢٠٠٧ وهو المهندس المتخصص صاحب المشروع النووي الهندي.
-احتشام الحسن شمسي-مدير مؤسسة المؤمل الثقافية, في مدينة غازيبور.
-سيد محمد تصديق-مدير مؤسسة انتشارات العميد في بنغلور.
-احمد سلطاني-مدير منظمة الامامية للتحقيقات والابحاث في مدينة كشمير.
-ظهير احمد خان افتخاري-مدير مهمة الشيعة في لكنهو.
-عمران عبد الرسول-مدير الشبكة الاسلامية العالمية.
مراسيم عاشوراء ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام في بنجلور
حيث ذهب محبو الحرية والكرامة الانسانية, وحيث تواجد عاشقوا أهل البيت عليهم السلام ومتبعوا مذهبهم وطريقتهم الاصيلة في الاسلام. فإنهم ينادون بالحق ويصدحون برفض الباطل. ويدعون الى حرية الانسان.. ويسعون الى نشر مذهب النبوة المحمدية-مسترشدين بفكر آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم متخذين من ثورة الامام الحسين عليه السلام مناراً.. ومن شخصيته المباركة الفذة اسوة حسنة يقتدون بها.
وعلى ذلك وبما ان في مدينة بنجلور عدداً لا بأس به من الشيعة, فانهم يحيون هناك ذكرى سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام حيث يقيمون مجالس ومراسيم خاصة.. وتتركز اغلبية مجالسهم الحسينية في منطقة (ريتشمان) وسط المدينة, ويشاركهم في ذلك من يفدون الى هذه المدينة من المعزين من مختلف انحاء الهند.. حيث تسرد قصة كربلاء الالم.. كربلاء الحق.. كربلاء الدم.. ويزيد انصار الحسين عليه السلام هناك احتفالاتهم بايقاد الشموع وتبادل الزيارات بين محيي المآتم في الحسينيات-واقامة المآدب وتوزيع المياه للجميع الناس.
ويتولى تنظيم المهرجات الحسينية العاشورائية في هذه المدينة منظمة (انجمان الامامية).
حركة تشيع قوية
بسبب ما يتمتع به الشيعة الاثني عشرية الهنود من قابلية استمدوها من عمق واصالة مذهب الحق, مذهب آل بيت النبوة عليه السلام الذي اكسبهم قوة وارادة وتصميما وكياسة وحسن تصرف مما أثار إعجاب الآخرين بهم وبسلوكياتهم, خاصة بعد الاطلاع على ما يحملون من عقيدة, وما يضمرون من نوايا حسنة اتجاه الإنسانية جمعاء ترجمتها حسن أفعالهم, فقد مالت اليهم القلوب واقتنعت بعقيدتهم العقول فكانت -في الهند- حركة تشيع قوية بلغت أقصى اتساع لها هناك. نتيجة إدراك الكثيرين وبالخصوص المثقفين لطبيعة وحقيقة مذهب أهل البيت عليهم السلام , رغم المحاولات البائسة اليائسة من قبل أصحاب الحركات المعادية اللئيمة لقمع حركة الإيمان هذه, فقد ابهر أبصارهم نور آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم , واستبصار الإعداد الغفيرة من أبناء الهند, وانتشار مساجد المسلمين الشيعة وحسينياتهم وحوزاتهم في أنحاء هذه البلاد الشاسعة.
مطالب وأمنيات:
مع ان هناك متابعة جادة للحراك الشيعي في جمهورية الهند من قبل المراجع العليا للشيعة في إيران والعراق, إلا انها يبدو ليست متابعة على مستوى الطموح, وذلك لسعة المساحة أو رقعة الانتشار الشيعي هناك, ولا تتناسب مع نشاط الشيعة هناك وليست على قدر همتهم في وطنهم الذي يموج بمختلف الأديان والعقائد والعبادات.
ان ما يطمح إليه المسلم وانسجاماً مع انطباعه مع ما عند الشيعة في تلك البلاد الشاسعة هو ان تتوجه الاهتمامات للارتقاء بهذه الشريحة الهندية المؤمنة المهمة وذلك لتعميق العقيدة الإسلامية الشيعية عندهم, ونشر هذا المعتقد بأساليب فنية وحديثة مدروسة, والتكثيف من نشاطاتهم, والتركيز على إبراز تلك العقيدة مترجمة في سلوكياتهم وحركتهم الاقتصادية لما للاقتصاد من كبير الأثر في حياة الهنود وتوجيه مسيرة حياتهم, اهتماماً يليق بما وفق الله تعالى شيعة الهند وأوصلهم إليه, وليكونوا بكل ذلك مصدر إشعاع فكري وثقافي لاستقطاب أكثر للمستبصرين والذين يريدون الاسترشاد بأنوار آل محمد عليهم السلام .