إنا غير مهملين لمراعاتكم
الشيخ حسين الاسدي
من المفاصل الأساسية في كل مؤسسة أو دين هو سلطة تسمى بسلطة المراقبة، ومهمتها متابعة الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية ومعرفة مدى مطابقتها للأوامر التي أصدرتها السلطة التشريعية، ومدى مطابقة المشاريع للشروط الموضوعية للمشروع.
وأكثر ما نحتاج إليه هنا النزاهة والإخلاص، لأنه مهما كانت المشاريع التشريعية كثيرة، فإنك من دون مراقبة نزيهة لن تضمن مشروعاً مفيداً مطابقاً لمواصفات المشروع الواقعية! ولا أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من النظر إلى الواقع المعاش.
وعندما نأتي إلى الإنسان، نجد أنه في حياته ورحلته نحو الله تعالى لا بد له من سلطة مراقبة تراقب سلوكياته باستمرار، إذ بعد أن تم التشريع الإلهي وبلغه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآله الطاهرين ، وبعد أن كانت مسؤولية الإنسان هي تنفيذ الأوامر والتكاليف الشرعية، حينئذ نواجه أمراً صعباً يتمثل في مراقبة الإنسان سلوكيات الانسان ومدى تطابقها مع التشريع الإلهي ، هذا.
ويمثل وجود الإمام المهدي عليه السلام الواقعي وإن كان غائباً حالة شعورية للإنسان بالمراقبة الغيبية لأعماله، تلك المراقبة التي تدرجت من الخالق حيث قال تعالى ((يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)). مرورا برسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم .
فقد جاء عن أبي عبد الله عليه السلام : (مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له رجل : كيف نسوؤه؟ فقال عليه السلام : اما تعلمون ان اعمالكم تعرض عليه فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك فلا تسوؤا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسروه) .
وتنتهي تلك المراقبة بأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ، ومن أوضح ما يشير إلى هذه الحقيقة هو ماجاء في مكاتبة الإمام المهدي عليه السلام للشيخ المفيد,اذ جاء فيها: فإنا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنا شئ من أخباركم ... إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء..).