تحــــت المجهر
سلسلة مقالات تتناول بالدراسة أدعياء المهدوية والسفارة قديما وحديثا
الضرورة قاضية بتكذيب مدعي السفارة الخاصة
اعداد: هيأة التحرير
ان قيام الضرورة عند الطائفة الحقة على انقطاع النيابة والسفارة والتمثيل في نقل الاحكام الشرعية عن الإمام المهدي عليه السلام مباشرة إلى الناس مما لاشك فيه, وهذه الضرورة تصاغ في كثير من الاحيان دليلا مستقلا على انقطاع النيابة, وتصاغ في احيان اخرى شاهدا يقوي الادلة التي ذكرت في مقام الاستدلال على انقطاع النيابة, ومنها توقيع السمري قدس سره .
فالتفصيل في أن للإمام المهدي عليه السلام غيبتين يستدعي أن تكون هناك خصوصية, وليست هي إلا انعدام التمثيل المباشر عن الإمام المهدي عليه السلام.
-ومن الادلة الاخرى التي تصاغ على لسان العلماء في إبطال ادعاء النيابة الخاصة عنه عليه السلام عدم انعكاس -فيما لو كانت النيابة الخاصة في الغيبة الكبرى ممكنة- ذلك أي استمرارية السفارة الخاصة إلينا بأدلة عن أهل البيت عليهم السلام وهو بحد ذاته يشكل دليلاً على انقطاع النيابة والسفارة الخاصة عنه عليه السلام.
سوف نحاول تسليط الضوء والتحدث في الادلة التي ذكرت سواءً على لسان روايات اهل البيت عليهم السلام مباشرةً, أو على لسان العلماء فيما استفادوه من سيرة اهل البيت وألسنة رواياتهم عليهم السلام.
إلا اننا وفي هذا القول نريد أن نتحدث عن دليل الضرورة القائمة على انقطاع النيابة عن الإمام عليه السلام وهذا الدليل له صياغات متعددة ونحاول أن نصيغ هذا الدليل بصياغة تتناسب واذواق جمهور الشيعة حتى نستفيد من هذا الدليل في دحض دعوى من يدعي الارتباط المباشر بالإمام المهدي عليه السلام من ثم التمثيل عنه للناس.
ولابد لنا أن نذكر ابتداءً أن فقهاءنا المتقدمين قد كفروا من ادعى السفارة والنيابة الخاصة, كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي حاكياً فتوى بن قولويه, حيث قال : (لان عندنا إن كل من ادعى الامر بعد السمري قدس سره فهو كافر منمس ضال مضل) وينبغي الاشارة هنا إلى ان الكفر المراد به في كلام ابن قولويه قدس سره هو المقابل للإيمان لا المقابل للاسلام لدخوله في مطويات بحث الإمامة.
ونعود إلى تقرير دليل الضرورة القائمة عند الطائفة الحقة على انقطاع النيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام فنقول:
ان اتفاق الفقهاء المأمونين على الدين يشكل بحد ذاته وضوحاً على موضوع الاتفاق وهو انقطاع النيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام, فان هؤلاء الفقهاء سواء من كان منهم عاصر اواخر الغيبة الصغرى أو من كان في بدايات الغيبة الكبرى, والذين لا نشك في تدينهم, بل ان اغلب ما ورد الينا عن اهل البيت عليهم السلام هو عن طريق مجموعة محدودة منهم. فالتشكيك في وثاقة هؤلاء ينعكس سلباً على موروثنا الديني, وهذا مما لا يمكن التمسك به, فضلاً عن أن وثاقتهم وتدينهم وعدالتهم وورعهم قد وصل الينا على مستويات عدة سواء منها ما كان على نحو التوثيق في كتب التراجم أو ما كان منها على نحو الوضوح الذي يعد بحد ذاته دليلاً على الموضوع, بل ان دليليته تشكل عنصراً أوسع من أي دليل آخر يقام على اثبات الموضوع, وهو توثيق هذه الثلة من العلماء و نقصد بهم من عاصروا أواخر الغيبة الصغرى, ومن كانوا في أوائل وبدايات الغيبة الكبرى.
إن اتفاق هؤلاء العلماء وانعكاس هذا الاتفاق سواءً على مستوى الفتوى, أو على مستوى تقرير من أفتى, اتفاقهم على انقطاع الغيبة الصغرى وذلك بانقطاع النيابة الخاصة والتمثيل المباشر للإمام المهدي عليه السلام يشكل وضوحاً على بطلان من يدعي السفارة والنيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام فضلاً عن من يدعي اطاراً اوسع من ذلك.
ويمكن ان نقرب هذا الدليل بصياغة اخرى.
انه ينبغي منا ان نسأل ممن يدعي التمثيل المباشر والنيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام فنقول:
-إما ان من يدعي السفارة والنيابة الخاصة, يقول بانقطاعها (أي السفارة الخاصة) أو لا يقول بانقطاعها,
فان كان ممن لا يقول بانقطاعها فيجب عليه أن يذكر لنا أسماء السفراء عن الإمام المهدي عليه السلام من السفير الرابع إلى أن تمثلت السفارة بشخصه هو (أي المدعي).
-وإما إن كان يقول بانقطاعها بعد السفير الرابع ثم ابتدأت السفارة به مباشرةً, فان هذا الشخص يبطل مضمون دعواه بنفسه, إذ يدعي أن السفارة قد انقطعت بعد السفير الرابع وهذا ما نريد أن نثبته نحن, فانه بمجرد أن يعترف هذا القائل بان السفارة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام قد انقطعت نلزمه بهذا الاعتراف, ثم نبتدئ الكلام معه مجدداً في أن يثبت لنا سفارته الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام بعد اعترافه مسبقاً بانقطاعها, وحيث انه قد اعترف بانقطاعها, وهذا بحد ذاته يشكل دليلاً عليه, فلابد عليه أن يقدم لنا عندما يريد أن يدعي انه سفير عن الإمام المهدي عليه السلام دليلاً بأحد وجوه ثلاثة على نيابته الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام وهي:
-إما أن يأتي لنا بنص صريح يعين فيه الإمام المهدي عليه السلام هذا الشخص باسمه نائباً عنه, وحيث انه لم يرد في كتب أتباع أهل البيت عليهم السلام التي رووا فيها ما ورد عنهم عليهم السلام ومنهم الإمام المهدي عليه السلام من قبيل هذا النص, فانه لا سبيل لصاحب هذه الدعوى أن يقيم دليلاً عليها من هذه الجهة.
-وإما أن ينص عليه أحد السفراء المتقدمين, والذين كانت سفارتهم الخاصة في زمن الغيبة الصغرى, وكما هو المتعارف بين السفراء ,ان ينص كل سفير سابق على السفير اللاحق بأمر من الإمام عليه السلام كما هو حال هذا النص الذي روي عن جعفر بن أحمد بن متيل إذ قال (لما حضرت أبا جعفر بن عثمان العمري قدس سره الوفاة كنت جالساً عند رأسه, اسأله وأحدثه, وأبو القاسم بن روح عند رجليه, فالتفت الي ثم قال:
(أمرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح).
فان هذا النص قد روي عن السفراء وهو يبين كيفية تعيين السفير اللاحق من قبل السفير السابق, وحيث أنه لا سبيل إلى من يدعي السفارة الخاصة والتمثيل المباشر عن الإمام المهدي عليه السلام بدليل من هذا القبيل فلابد له أن يأتينا بدليل على النحو الثالث وهو:
-أن يقيم لنا معجزة -ولا نقصد بالمعجزة ها هنا المعجزة بمعناها الاصطلاحي- يثبت من خلالها انه ممثل تمثيلاً مباشراً عن الإمام المهدي عليه السلام هذا ما لم نجده عند كل من ادعى السفارة أو التمثيل المباشر عن الإمام المهدي عليه السلام.
بل ان الذي وجدناه من خلال تتبعنا لما يعرضه أدعياء السفارة والمهدوية انهم يدعون هذه الدعوى دون أن يقيموا عليها دليلاً واضحاً بيناً حتى يذعن لهم الآخرون ويصدقوا بهم.
هذا كله اذا قلنا ان هناك إمكانية لقبول دعوى من يدعي السفارة قبل الصيحة, وهذا محل كلام طويل سوف نأتي عليه لاحقاً إن شاء الله سبحانه وتعالى في بيان دليل آخر من أدلة انقطاع النيابة والسفارة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام.