سلسلة من المقالات تسلط الضوء على حياة الفقهاء النواب للإمام المهدي القائم قدس سره
من فقهائنا
آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري قدس سره
ولادته ونسبه قدس سره:
هو الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي المهرجردي الميبدي. ولد في قرية مهرجرد من نواحي محافظة يزد-من اعمال ايران- وسط عائلة مؤمنة تعمل في حقل الزراعة. تعلم مبادئ العلوم العربية والاسلامية في اردكان ويزد.
علمه وفضله قدس سره:
إن عجلة الزمن في دورانها المستمر لا تلف في طياتها أشخاصا بارزين فحسب، بل حتى كثيرا من آثارهم، فلا يبقى منها اثر يذكر . ولكن يستثنى من هذه السنة الطبيعية أولئك النماذج الانسانية الذين تقربوا بأعمالهم إلى ربهم حتى كانوا من أوليائه، فإنهم لعظمتهم وصلابتهم يستثنون من هذه السنة الطبيعية الجارية، فهم كما قال علي قدس سره: ( باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة), ومن هذه النماذج النادرة مؤسس الحوزة العلمية بمدينة قم المشرفة المرحوم آية الله العظمى الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي المهرجردي الميبدي قدس سره, فهو من الأحياء الخالدين الذين لا تنسى الخواطر ذكرهم.
- هبط قدس سره كربلاء قبل وفاة الافند الخراساني، فالتف حوله عدد من الطلاب فاشتغل بالتدريس والإفادة، وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي حينئذ في كربلاء يجله ويشير إليه ويعترف بفضله ومكانته حتى أنه أرجع احتياطاته إليه، فألفت بذلك إليه الأنظار وأحله مكانة سامية في النفوس.
-وفي أوائل سنة ١٣٣٣ هـ. ق سافر إلى إيران لزيارة مشهد الإمام الرضا قدس سره، في خراسان، وتلقى دعوة من بعض وجوه أراك للإقامة عندهم، فهبط ( سلطان آباد) أو (أراك)، وكان هناك بعض أهل العلم فعنى بتدريسهم وتنمية مواهبهم، فكان أن ازداد عددهم وبلغ نحو ثلاثمائة طالب علم، وأقبل الطلاب عليه وأصبحت المدينة مركزا ثقافيا وعلميا على بساطتها .
حوزته في قم المقدسة:
زار الشيخ قدس سره مدينة قم المباركة في سنة ١٣٤٠هـ، فاتفقت رغبات جماعة من أهلها وغيرها على إقامته فيها، فسألوه ذلك، فأجابهم وبقى هناك مشتغلا بالتدريس وسائر الأمور الدينية، فتقاطر إليه الطلاب من كل حدب وصوب، وغصت بهم المدارس حتى زاد عدد الطلاب والعلماء على الألف، وقام بأعباء تنظيم دراستهم وإعاشتهم، واتخذ في تربية الطلبة وتعليمهم مسلكا صحيحا, على أتقن نظام وأحسن أسلوب، حاز شيئا كثيرا من القبول عند العامة والخاصة.
لقد نظم الشيخ قدس سره من كان في قم من طلاب العلم تنظيما عاليا, واعلن عزمه على جعلها مركزا علميا يكون له شأن في خدمة الإسلام واشادة دعائمه. فقد وسع العطاء على الطلاب والعلماء وبذل عليهم بسخاء, وسن نظاما للدراسة, وقرر ترتيبا مقبولا للاشراف على الطلاب والعلماء .. واجراء الامتحان السنوي.. حتى انه بنى مستشفى خاصا لطلاب العلم ليشعرهم بالكيان المستقل والكرامة الموفورة.
-وقد كان رجال السياسة والامراء والقادة والتجار يتهافتون على بيته لعرض خدمتهم عليه.
اساتذته قدس سره:
تتلمذ قدس سره على افذاذ العلماء ومنهم:
-السيد ميرزا حسين وامق.
-السيد يحيى المجتهد اليزدي الكبير.
-الميرزا ابراهيم السيرواني المحلاتي الشيرازي.
-الشيخ فضل الله نوري.
-السيد محمد الفشاركي الاصبهاني.
-الميرزا حسن الشيرازي.
-السيد المجدد الشيرازي.
-الميرزا محمد تقي الشيرازي.
الشيخ محمد كاظم الخراساني.
اقوال العلماء فيه قدس سره:
يقول صاحب أعيان الشيعة:
لم يسمع عنه قدس سره رغم كثرة من كان يعولهم من الطلاب –انه رد طالبا, أو كسر خاطرا, أو اخجل انسانا...
يقول السيد الامين: عاشرناه مدة مقامنا عنده فوجدناه رجلا قد ملئ عقلا وكياسة وعلما وفضلا.
وفاته قدس سره:
مرض رحمه الله وتغلبت عليه العوارض فتوفى في ليلة السبت ١٧ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٥٥ هـ. فخسر به المسلمون زعيما كبيرا وركنا ركينا.
وقد جرى له تشييع عظيم قل نظيره. ودفن في رواق حرم فاطمة المعصومة عليها السلام بقم المقدسة. لما اولاه من اهتمام بها وبطلبتها, حتى اصبح هذا اللقب له خاصة عندما يذكر رحمه الله.