الشيعة والتشيع في المغرب البداية والواقع
المعروف عن بلاد المغرب بشكل عام بأنها بلاد لأهل السنة على مستوى العقيدة والسلوك، وهي تعتمد مذهب الإمام مالك في الفقه مذهباً رسمياً، وعلى هذا المنوال توارث المغاربة امور الدين عندهم جيلاً بعد جيل وفي غياب آية تعددية عقائدية او فقهية.
فهل ان الأمر كذلك؟
وان كان كذلك فعلا فهل بقيت الحال على ما هي عليه؟
في السنوات الأخيرة بدأنا نقرأ على صفحات الجرائد، وكذلك نسمع في غرف الحوار العالمي على الإنترنت، من وقت لآخر انّ افراداً من المغاربة اعتنقوا عقائد الشيعة ((الاثني عشرية)) فكيف كانت بداية التشيع (الاثني عشري) في المغرب المعاصر؟
وما أسباب ذلك؟ وهل لا يعدو الأمر إلا كونه مجموعة من افراد متناثرين هنا وهناك دون أي تنظيم او غطاء قانوني يجمعهم؟ وما هي تجليات التشيع بالمغرب؟
بداية انتشار التشيع بالمغرب
يقرر بعض المهتمين بدراسة ظاهرة التشيع بالمغرب الأقصى ان ((الطريقة الصديقة)) هي من تولى بدايات نشر التشيّع بالمغرب.
ومنذ الزيارة التي قام بها ((احمد بن الصديق)) إلى الشرق في عزّ تصاعد المد المعتزلي، حيث تأثر أحمد هذا بكتابات محمد بن عقيل((من الشيعة الإمامية)) مؤلف كتاب. ((العتب الجميل لأهل الجرح والتعديل)) وكان قد تأثر أيضا بشيوخ من حضر موت باليمن، فلما عاد إلى المغرب، بدأ ينشر فكر وعقائد الشيعة بين مريديه وتلامذته، وقد خلفه في تكميل مهمته ((عبد العزيز بن الصديق)) الذي كان له ميول واستعداد لذلك التوجه. وهنا تجدر الاشارة الى المكتبة التي تحمل اسمه في مدينة طنجة ودورها بشكل أو بآخر في نشر الفكر الشيعي من خلال المؤلفات والكتب التي تعرضها هناك.
هذا ما كان من بداية تواجد مريدي مذهب اهل البيت في المغرب، اما عن انتشار هذا المذهب وتوسعه بين المغاربه حديثا والذي يعد مؤشراً لحركة مستبصرة عارفة بحق آل بيت النبوة في قيادة العالم وممهدة الطريق لظهور قائمهم صاحب الأمر والزمان عليه السلام، ومنتظرة قدومه المبارك حيث خلت الساحة العالمية تماماً ممن يتصدى لأن يخلص الأرض ومن عليها مما غصت به ومنه استغاثت من ظلم وجور.
إنّ دور القنوات الفضائية الشيعية وانتصارات المقاومة اللبناينة الاسلامية الشيعية قد اثر التاثير البالغ في توحيد وتغيير افكار ومعتقدات الأفراد والجماعات. لقد تأثرت فئات من المغاربة بما تذيعه تلك القنوات من افكار ومعتقدات وفي ظرف خطير مثير الا وهو صراع المقاومة وتصد الشيعة لها قبالة العنجهية الصهيونية المتغطــــرسة - ساهمت هذه القنوات بالاقناع بصحة المذهب الشيعي وقدرته على محاربة وهزيمة العدو الصهيوني، في الوقت الذي عجزت فيه تنظيمات المقاومة السنية عن ذلك بما فيها انظمة الحكم السياسية منها، وقد اعترف بهذا الدور ومن على موقع العقائد الشيعية - على شبكة الانترنت- قسم "المتشيعون" ببلجيكا احد أفراد الجالية المغربية المقيمة هناك والذي كان قد تنور بالفكر الشيعي.
شواهد وصور من التواجد الشيعي في بلاد المغرب
تجسد الانتشار الشيعي في تلك الربوع باشخاص وجمعيات وحركات واحزاب ظهرت هناك وهي تعمل الآن على نشر فكر اهل البيتK بين سنة المغرب، ومن ذلك:-
((جماعة العدل والاحسان))
ورد في كتاب نظرات في الفقه والتاريخ - ان ما يتعلق بدور هذه الجماعة في الترويج لأفكار التيار الشيعي يتجلى في الحماس الزائد الذي ابداه مرشدها العام ((عبد السلام يا سين)) لثورة الشيعة في ايران وتمجيده لمبدأ مقارعة الشيعة للظالم عبر التاريخ، ورفضهم الرضوخ لظلمه...حيث ثورة الإمام الحسين وغيرها من الثورات على مرّ التأريخ.
حركة البديل الحضارية:
وهي حركة يشار اليها بالبنان، وقد تحولت الى حزب سياسي سنة ٢٠٠٥م.
حركة من اجل الأمة:
بالنسبة لهذه الحركة وسابقتها برز تأثرهما بشيعة الشرق, وظهر اثرها في التفكير والاسلوب في طلبتهما..والذين كان لهم وجود ملحوظ في بعض المواقع الجامعية المغربية حيث افصحوا عن انفسهم باسم طلبة الميثاق" وطلبة الجند" كما يمكن للمتتبع ان يلاحظ وجودهم في المظاهرات التي كانت تنظم للتضامن مع الجنوب اللبناني.
جمعية الغدير:
لم يمنع طغيان الهاجس الامني من ان يقوم بعض المتشيعين بمدينة((مكناس)) بتأسيس جمعية تسمى ((الغدير)) وفي ذلك دلالة واضحة على ان هناك متشيعين في هذه المدينة لهم من القوة والشجاعة العقيدية الكافية للاقدام على تأسيس جمعية وبهذا الإسم في العلن وامام الجميع.
حجة الله ادريس هاني
اثار ((ادريس هاني)) ضجّة جديدة في وسط النخبة الدينية في المغرب عندما أعلن علاقته الحميمة بزعامات شيعية في لبنان وبعلماء بارزين في سورية وعلماء شيعة في السعودية، وانه تعلم منهم مادة العقائد الشيعية.
يقول ادريس هاني الذي يطلق عليه انصاره لقب (حجة الله): -
((ان المغرب بلد شيعي وان التشيع هو القاعدة في المغرب......))
وفي حوار مطول اجرته معه مجلة ((مارود هبدو)) الفرانكفونية المغربية وتناقلته اهم المنتديات الإسلامية الفرانكفونية، طالب "ادريس هاني" بقراءة جديدة للتاريخ الديني في المغرب، وقال: ان مصطلح الدولة العلوية التي يتكلم بها الجميع في المغرب ما هو الا اعتراف بأنّ المغرب شيعي، لأن الدولة العلوية تعتمد على الأسس الشيعية في التواجد....ولم ينف ادريس هاني نيته في تأسيس حزب او جمعية شيعية في المغرب ليكون عمله في الضوء..واضاف ان الشيعة يحترمون السّنّة.
وقالت صحيفة التجديد المحسوبة على الاسلاميين في المغرب: ان ادريس هاني استطاع عبر تفسيراته للتاريخ المغربي من إقناع العديد من الشباب المغربي بالتشيع.
معاناة المتشيعين في بلاد المغرب
يلفت الانتباه الاسم الجديد الذي يعطى للمتشيعين الجدد من اهل السنة وهو ((المستبصرون)). وفي الواقع اننا حينما نريد معرفة العدد الفعلي لهؤلاء المستبصرين فإننا نواجه بشح كبير في المعلومات الاحصائية...وذلك بسبب التكتم الشديد الذي يمارسه بعض هؤلاء خشية ان يتعرضوا لمضايقات من الحركات المضادة أو من جهات حكومية...بما تقوم به تلكم الحركات من دعايات وحملات اعلانية تشوه معتقد الشيعة وتسيء إلى رموزها..او بما يصدر عن الجهات الرسمية من اجراءات لتحجيم حركة الاستبصار او اضطهادها فكريا.
وان عاقبة ذلك ليس بالامر اليسير.
واذا تجاوزنا الماضي وتناسينا ما وقع فيه الشيعة المغاربة... فإنّه لا يمكن لمتشيعي المغرب ان يغفلوا ما يتعرضون له وما يصيبهم فعلاً من حملات الدعاية الموجهة ضدهم من قبل العاملين على تفتيت وحدة المسلمين واللاهثين وراء تفريقهم.... والذين دأبوا على التحريض على التشيع في المغرب ..... على الفكر وعلى من تبناه.
وفي هذا السياق فإن صحيفة التجديد وهي صحيفة إسلامية- كما تدعي كانت قد اتهمت ((ادريس هاني)) وقالت عنه: بأنه راس الافعى الذي يقود التشيع في البلاد....وهذا مثل بسيط على ما يقاسيه المستبصرون في المغرب الأقصى والذين وجدوا ضالتهم في مذهب الحق- مذهب أهل البيت عليهم السلام_ ولم يتحجروا في التعاطي في الأمور كما هو حال علمائهم ودعاتهم (السابقين) وما يعانون،من انسداد كبير يعيشونه في افكارهم.
وكمثل على ما يعانيه الشيعة في المغرب عموماً فقد وصل الأمر إلى أن يطلب داعية مشهور أعمت الطائفية بصيرته واوغر الحقد الأعمى صدره- بالرغم من انه ليس من بلاد المغرب اصلاً. جاء هذا الحاقد ليرسل برسالة سرية إلى احد رؤساء دول المغرب يطالبه فيها بوقف ما اسماه بالمد الشيعي في بلاد المغرب ومحاربة الشيعة المغاربة ووضع حد لهم ومنع أي نشاط لهم ،فكأن هذا لا يكفيه ما يعانيه الشيعة المغاربة.
حيث يمنعونهم هناك من اقامة المساجد والحسينيات لهم، وتصادر كتبهم الدينية ويطرد الاساتذة منهم من المدارس والجامعات لأنهم شيعة, وكل هذا بسبب مثل هذا التحريض ممن تسنموا قيادة ابناء السنة.
والأدهى من كل هذا هو انّ من يطلب تكريس سياسة الاضـطهاد والتضييق
الاستبدادي من الرؤساء على مواطنيهم هو من يترأس اليوم جمعية علماء المسلمين في اوربا هذه الديار التي تتبنى الحرية اسلوباً في التعامل مع بني الإنسان.
إن ما يفعله المراؤون وما يروجه المروجون من أصحاب دكاكين التّديّن ووعاظ السلاطين من مسوقي الفتنة ومثيري الطائفية مثل شيخنا القرضاوي بغية تشويه الحقائق عن مذهب الحق والتنكيل بمريديه لهي بإذن الله محاولات غير منتجة ودسائس غير مجدية..وهي بالرغم مما تسببه من اذى للمتشيعين الا انها ستنقلب وبالا على من دبروها وعذابا على من في الظلام حاكوها، لأن كلمة الله هي العليا..والله متم نوره....ومنجز وعده ومعز عبده- وان الباطل لا محالة سيزول وان دولة الإسلام سوف تعلو وتدول- وان امر العالم الى آل محمد بعون الله عزوجل سيؤول.