تمهيدنا
* تتشكل في المنظومات الحديثة خرائط متعددة, منها الجغرافي ومنها الفكري ومنها الاجتماعي وغير ذلك, ولا يمكن الوصول من تلك الخرائط إلى نتائج ذات ابعاد مقبولة تستقطب الآخر إلا بأن يأخذ ذلك التشكل دوراً مرموقاً في حياة الافراد المؤمنين به والمُستقطَبين له.
* ونعتقد أن أي خريطة من الخرائط إذا لم تكن لها مقومات متجذرة–-حتى وإن تشكلت معالمها- فإن مصيرها إلى التلاشي والاندثار, بخلاف ما لو تشكلت خرائط نابعة من الوقائع وُمثراة بالادلة, وتكتنفها بيانات خطابية جذابة قادرة على الاستقرار في النفوس واختراق الاذهان, فالمتابع لسير هذه الحركة التشّكُلُية يجد بلا مبالغة المئات من الخرائط التي تشكلت على مختلف العصور, انها قد اندثرت ولم يبق لها وجود إلا في بطون الكتب أو في اعماق الموروث -الجيولوجي_.اذ لم تتبع بتلك المقومات.
* وإذا رغبنا في تشكيل خارطة ذات بعد ثلاثي أو اكثر _فكري, اجتماعي, جغرافي_ نابعة من الميراث العقائدي فإننا نجد القضية المهدوية تُجلي لنا صورة توضح كيف ينبغي ان يكون عليه هذا التشكل وباوضح مما تجليه أية قضية اخرى _وعندما نقول القضية المهدوية نعني بها تلك المجموعة المتكاملة من المعارف الوحيانية, افرادا وقوانين_ وهذا امر من حيث الادلة عليه قد استُوعب بشكل كبير.
* والتشكل الفكري في هذه القضية تشكل فريد من نوعه تمتزج فيه جميع الافكار, ولا يفقدها امتزاجها ان تحتفظ بتعدديتها ورونقها وتجانسها لتنتج لنا فكرا لم تمر به البشرية من قبلُ يُطبقَ النظرية ويجسد المفاهيم ليجعلها نموذجاً سلوكياً ما مرت البشرية جمعاء بتشكلٍ مثله على نحو الاستيعاب.
* والتشكل الجغرافي للقضية المهدوية يضم الارض بل الكون, وهذا تشكل قل ان يوجد له نظير, فينبغي لمن يؤمن به _هذا التشكل_ ان يسعى بمقدار ذلك الهدف الفريد.
* واما التشكل الاجتماعي لهذه القضية فهو تلوني يجمع مختلف الاعراق والالوان والقوميات والاجناس دون تمايز, بحيث اننا لم نسمع ان هناك تشكلاً قد استوعب هذه التنوعات بانسجام تام دون ان يتخلخل أو يندثر.
بقلم رئيس التحرير