انّ انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها امر بات قريبا؛ لاسباب كثيرة، من ابرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة، فالدين المحمدي يمثل حالة التواصل الحيوي مع مبادئ السماء وإلى يومنا هذا من خلال ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن عليه السلام.
ونحــــــن في ((صدى المهدي)) سنفرد لهـــــذه الظاهرة الحتمية صفحة خاصة نتناول خلال اعمدتها انتشار التشيع فكراً وعقيدة في أغلب بلدان العالم والذي يسهم ان شاء الله في تهيئة الأرضية المناسبة والجو الملائم للظهور المبارك لصاحــــــــب العصر والزمان عليه السلام.
الدولة الجلائرية
اعداد: هيأة التحرير
جلائر: سلالة مغولية تنتمي إلى تجمع قبائل موطنها بلاد ما وراء النهر, والدولة الجلائرية دولة أنشأها حسن بزرك على أنقاض الدولة الإيلخانية، وقد حكمت الدولة الجلائرية العراق من (٧٣٨-٨٣٦هـ) (١٣٣٨- ١٤١١م) عاصمتها بغداد, أشهر سلاطينها أويس وابنه أحمد، وتعاقب على حكم العراق مجموعة من أفراد هذه العائلة , منهم وأبرزهم:
١-تاج الدين (الشيخ حسن) بزرك بن حسين تولى الحكم في بغداد في الفترة (١٣٣٨ -١٣٥٦ ).
٢ -الشيخ أويس بن بزرك بن حسن ( ١٣٥٦ -١٣٧٤ ). سار على مسيرة ابيه في حكمه وعدله.
٣ - جلال الدين حسين بن أويس( ١٣٧٤ -١٣٨٢).
٤ - غياث الدين أحمد شاه زاده بن أويس : وقد تولى الحكم في الفترة ( ١٣٨٢ -١٤١٠ ).
نظام الحكم الجلائري :
قسم الجلائريون الولايات التي تحت سيطرتهم إلى قسمين:
١-ولايات مستقلة داخليا, تابعة للحكومة المركزية. كولايات: شروان وكيلان ومازندران.
٢-ولايات تابعة مباشرة للحكم المركزي. كولايات آذربيجان واران وموعان, والعراق .
واتخذ الجلائريون علما خاصا بدولتهم , في وسطه صورة ثعبان ضخم (تنين) .
وأهتمت دولتهم بالاحتفال بالمناسبات الدينية الاسلامية إضافة للاعياد القومية. ومن اهم الاعياد الدينية: عيد الفطر وعيد الاضحى.
وقد ضربت النقود في بغداد زمن الدولة الجلائرية ايام الشيخ حسن بزرك في البصرة والحلة.
وكذا الحال في ايام ابنه اويس وقد كتبت بالعربية والكوفية المعتادة. كذلك ايام السلطان جلال الدين حسين بهادر خان, وفي عهد السلطان احمد بهادر خان.
المجتمع: يتكون المجتمع في عهد الجلائريين من اربع طبقات هي:
(أ)-الطبقة الحاكمة: ويأتي على رأسها السلطان, وزوجاته , والامراء, ثم الوزراء. علما ان الجلائريين قد اتخذوا لهم وزيرا واحدا.
ب-طبقة رجال الدين.
ج-طبقة الموظفين: وهم الموظفون الذين كانوا يلتحقون بالدواوين, وكانت لهم رواتب ثابتة اثناء الخدمة, وبعد انتهائها يحصلون على مكافأة, اما في حالة وفاتهم فقد كان ورثتهم يمنحون مكافاة قد تكون عقارات أو اموال سائلة.
د-طبقة الصناع والزراع والتجار: وينقسم الصناع إلى فئتين: عمال الدولة, وحقوقهم مؤمنة من قبل الديوان الكبير. وفئة تعمل لحسابها ولها محال خاصة بها. اما الزارع فكانوا يرتبطون بالارض الزراعية.
بعد ذلك يأتي التجار حيث اعتنى المغول بالتجارة فراجت بين المشرق والمغرب. كما انهم اهتموا بالطرق التجارية.
صفحة من مخطوطة كليلة ودمنة
صفحة من نسخة مخطوطة لديوان سلمان السابجي
صفحة من مخطوطة منظومات خواجوي كرماني
صفحة من نسخة مخطوطة لديوان السلطان أحمد
صفحة أخرى من مخطوطة منظومات خواجوي كرماني
مكانة المرأة في الدولة الجلائرية:
وكانت للمرأة مكانة عظيمة ومرموقة في عصر الجلائريين, يقول ابن بطوطة: (والنساء لدى الاتراك والتتر لهن حظ عظيم, وهم اذا ما كتبوا امرا يقولون فيه عن امر السلطان والخواتيين, ولكل خاتون في البلاد والولايات المجابى العظيمة.
ولهن وخاصة زوجات السلطان صالة لترتيب وحضور مجالس الادب مع الشعراء والادباء ورجال الدين, اي بلاط مصغر. وان بعضهن اشتركن مع السلاطين في تدبير امور المملكة. وفي السياسة, كما فعلت (بغداد خاتون).
ولم تكن لزوجات السلطان فقط تلك المكانة المرموقة في الدولة بل كانت هناك نساء اخريات لهن مكانة كبيرة مثل مرضعة السلطان اويس (مخدوم شاه) التي كانت تلقب بـ (ايكجي). وكانت تعد من الاميرات, يسرع اليها في القضايا المهمة والخطوب المدلهمة, ولقد شاركت هذه المرأة في بناء العمائر والمدارس والمستشفيات, والتي من اهمها في بغداد: عمارة الايكجية, كما انها اعادت تعمير جامع الخلفاء الذي لا يزال يسمى جامع سوق الغزل, كذلك دار الشفاء.
نظام الدولة الجلائرية:
اتبعت الدولة الجلائرية نظاما يعد متطورا اداريا, وهو ما يسمى بالدوواين, فكانت للجلائريين عدة دواوين هي:
١-ديوان السلطنة: وهو من اهم الدواوين آنذاك ؛ ويسمى رئيسه نائب الديوان, وعمله مراقبة وتنظيم الاعمال الخارجية والداخلية في البلاط. ويعنى بالامور المرتبطة بالسلطان واهله واملاكهم وشؤونهم.
٢-الديوان الكبير أو ديوان الوزارة: وكان السلطان يختار الوزير.
٣-ديوان الاستيفاء: ويشرف على امور الموظفين حيث ترعى الحكومة امور موظفيها في حياتهم. وبعد مماتهم تقوم برعاية اولادهم.
٤-ديوان الاشراف: ويسمى رئيسه مشرف الملك. وينظر بعمل الدواوين المختلفة, ويطلع الحكومة على اخبار الموظفين واعمالهم.
٥-ديوان الغ بينكجي: ومهمته النظر في الامور المالية.
٦-ديوان الانشاء: و يدون ويجمع كل القرارات والوثائق السياسية والادارية ووسائل السلاطين والوزراء وسائر الشخصيات الهامة.
٧-ديوان النظر: وذكر النحجواني ان هذا الديوان يقوم بضبط امور الديوان الكبير وتدبير المال وتمويل الخزانة ونفقات الامراء واصحاب الديوان.
٨-ديوان القضاء: ويرأسه قاضي القضاة. وله تشكيلات قضائية في جميع انحاء البلاد. وكان القضاء حسب الشريعة الاسلامية بالنسبة للمسلمين؛ وحسب القوانين المغولية بالنسبة للمغول.
وقد جعل الجلائريون القوانين باللغة التي يتحدث بها اهل الولاية أو الاقليم. فالعربية للبلاد التي تنتشر فيها العربية. والفارسية للنواحي التي تنتشر فيها الفارسية. واللغة المغولية للقبائل المغولية.
الحياة الثقافية في ايام الدولة الجلائرية:
كانت في هذا العصر مدارس كثيرة معتبرة,يقوم بالتدريس فيها اساتذة كبار . وكانت بغداد على وجه الخصوص مركزا للعلوم والاداب. ومن اهم تلك المدارس: الوقائية-المرجانية-خواجه مسعود-عاقولي-جامع سراج الدين-جامع النعمان-سيد سلطان علي-ومدرسة حملت اسم الوزير اسماعيل. ومن اهم العلوم التي كانت تدرس في ذلك الوقت العلوم الرياضية مثل الهندسة وعلم النجوم والاعداد والطب والكيمياء والسميا. هذا بالاضافة الى العلوم الدينية.
وكان السلطان احمد الجلائري احدى الشخصيات الادبية الجلائرية.
قال عنه ابن عربشاه: (كان السلطان عالما فاضلا كريما اديبا, شاعرا ظريفا لبيبا اريبا, يحب العلماء ويجالسهم, فقد جعل يوم الاثنين والخميس والجمعة للعلماء وحفاظ القران خاصة. لا يدخل عليه معهم غيرهم. وله مصنفات منها: الترجيح على التلويح). وتذكر لنا كتب المراجع اشعارا له بالعربية والفارسية والتركية, وديوان شعر بالفارسية.
اما في الفنون والصناعات: فقد انتشرت صناعة المنسوجات الحريرية المقصبة, وكان اسلوب زخارفها مستمدا من الاقمشة الصينية, ووجدت خيوط براقة من معادن صلبة يطرز بها قماش الساتان الفاخر. واشتملت الزخارف المطرزة على مراوح نخيلية من ازهار اللوتس وصور حيوانات وطيور صينية منسقة داخل اشرطة او مكررة في بساطة تامة وعادة ما كونت الكتابة العربية جانبا من الزخرفة.
وشهد هذا العصر عودة صنع الاواني الخزافية ذات الانواع الفاخرة, وقد احتوت زخارفها على انواع العنقاوات والغزلان والطيور السابحة في الفضاء وصور آدميين عليهم ملابس مغولية تحيط بها اوراق الاشجار والزهور الطبيعية ومن بين هذه الزهور وأهمها اللوتس الصينية, وتسود الروح الصينية موضوع الزخرفة.
العمارة: اهتم الجلائريون بالعمارة والمدارس, وقد استمر اسلوب بناء العمائر في العصر الجلائري. ومن اهم العمائر التي بنيت في عهدهم: (عمارة دمشقية): وقد بنتها بغداد خاتون,وعمارة (دولة خانة) ومدرسة بغداد لاهل المذاهب الاربعة وقد انشأها خواجها مسعود ابن سديد ا لدولة, ومدرسة خواجة مرجان (وصاحبها امين الدين مرجان ابن عبد الله بن عبد الرحمن الاولجياتي).
من أهم آثار المكتبة الجلائرية:
للمكتبة الجلائرية مؤلفات منها:
١-جامع التواريخ: تأليف الوزير رشيد الدين فضل الله, الفه بأمر غازان خان المتوفى سنة ٧٠٣هـ (١٢٩٥م) وابنه اولجايتو المتوفى سنة ٧١٦هـ (١٣١٦م) ويشتمل على ثلاثة مجلدات. في تاريخ المغول, وفي التاريخ العام, في بيان صور الاقاليم ومسالك الممالك. ويعتبر هذا الكتاب من اهم كتب التاريخ في العصر المغولي. ولرشيد الدين مؤلفات باللغة العربية منها: توضيحات في مسائل التصوف والكلام, ومفتاح التفاسير, ولطائف الحقائق في مسائل الكلام, والرسالة السلطانية وغير ذلك.
٢- كليلة ودمنة. وهو من اهم كتب هذا العصر.
٣- الشاهنامة: التي نظمها ابو القاسم حسن الفردوسي المتوفى سنة ٤١١ أو ٤١٦هـ (١٠٢٠ أو ١٠٢٥م). وهي من اعظم المنظومات الحماسية تشتمل على حوالي ستين الف بيت من الشعرفي تاريخ ايران القديم منذ التمدن وحتى انقراض الدولة الساسانية.
٤-عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات: الفه ابو عبد الله زكريا بن محمد بن محمود القاضي القزويني.
٥-ديوان خواجوي كرماني.
٦-ديوان السلطان احمد الجلائري.
ولابد ان نذكر ان انواعا جديدة من الخطوط قد ظهرت في هذه الفترة واهمها: التعليق. ب-شكسته تعليق. ج- ستعليق.
ومن ابرز الخطاطين في ذلك الوقت مير علي, وعلي المشهدي.
انهيار دولة الجلائريين:
ساهم في ضعف الدولة الجلائرية خراب الحالة الاقتصادية, ومما زاد في هذا الخراب تلك الكوارث الطبيعية التي حدثت في ايران والعراق كهجوم الجراد, وانتشار الوباء ما بين سنتي ٧٤٣-٧٤٤هـ (١٣٤١-١٢٤٣م) وما تبع ذلك من غلاء فاحش في الاسعار. ثم عودة الوباء مرة أخرى إلى هذه المنطقة سنة ٧٤٩هـ(١٣٤٨م),كذلك فيضان نهر دجلة عام ٧٥٥هـ (١٣٥٤م) وتهدمت معظم مباني بغداد. وبالرغم من ان الحكومة كانت تحاول التخفيف عن الناس بدفع التعويضات لهم ومن التشريعات والقوانين للضرب على ايدي اللصوص والعابثين والخارجين على القانون. الا ا ن ذلك لم يخفف مما كان يعانيه الناس حيث كانت الحالة السياسية مضطربة.
هذا ويعد السلطان حسين الثاني ٨٢٨هـ آخرالسلاطين الجلائريين واضعفهم- وقد قامت الثورة ضده, فاختار الحلة عاصمة له بدل بغداد. ثم قامت بينه وبين اصفهان شاه-ابن قراه يوسف حوادث, انتهت بحصار الحلة وقتله سنة ٨٣٦هـ. حيث قتل جميع امراء الجلائريين, وحل محلهم التركمان, دولة قره قويلو.
دولة الجلائريين الشيعية رمز التسامح الديني:
الدولة الجلائرية دولة شيعية بحتة, ولها بصماتها الواضحة على التشيع-فمن ذلك انها إلى جانب اهتمامها بالعمران في العاصمة بغداد-اهتمت أيضاً بالنجف الاشرف عاصمة التشيع.
وان اغلب سلاطين الجلائريين وخواتينهم كانوا يهبون هبات ثمينة ويوقفون اوقافا مدرة على الاماكن الشيعية المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء.
وقد تشرف احد ابناء مؤسس الدولة حسن الجلائري ببناء الحرم الحسيني في كربلاء.
مع كل ما تقدم من تمسك الجلائريين بحب آل بيت النبوة عليهم السلام والسير على مذهبهم لم يمنعهم ان تكون دولتهم-وكما يذكر التاريخ- تمتاز بالنظرة الانسانية وعدم التعصب لمذهب من المذاهب.
عملة ضربت في عهد السلطان أحمد
عملة ضربت في عهد السلطان حسين
عملة ضربت في عهد الشيخ حسن بزرك
عملة ضربت في عهد السلطان أويس
مدخل المدرسة المرجانية
المدرسة المرجانية كما ترى من شارع الرشيد