من التعددية إلى دولة العـــدل الإلهي
د. احمد راسم النفيس
مر العالم من الناحية السياسية عبر مرحلتين ولا زلنا في انتظار المرحلة الثالثة:
فالمرحلة الأولى هي مرحلة السلطة الأبوية التفردية, مرحلة الحكومات الإمبراطورية الظالمة عادة والعادلة نادراً, كالإمبراطورية الفارسية والبيزنطية, وتدخل معها مرحلة ما تسمى بـ الخلافة الإسلامية كالأموية والعباسية والعثمانية.
والثانية هي مرحلة التعددية والمشاركة الشعبية (الديمقراطية) في الحكم من خلال الانتخابات, وهي مرحلة اقرب إلى تحقيق العدالة من سابقتها, إلا انه لا يمكن الجزم بأن التعددية هي قرين العدالة, إضافة إلى ان هذه الديمقراطية في الغالب كانت ديمقراطية الأغنياء, كديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم مؤسسات التمويل فيها في إدارة عملية الديمقراطية ودفع الموالين لها إلى مراكز صنع القرار.
اما المرحلة الثالثة فهي مرحلة إقامة دولة العدل الإلهي الحقيقي) وهي مرحلة تحقيق حلم البشرية في قيام دولة المهدي المنتظر عليه السلام ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ)).
ومع ان التعددية هي مرحلة انتقالية بين السلطة التفردية ودولة العدل الإلهي, ولكن لا ضمان فيها على الإطلاق لان تقوم السلطة المنتخبة ديمقراطياً بضمان العدل والدفاع عن حقوق الطبقات المستضعفة.
ان الوجه الأهم والأخطر للمسألة هي تلك النظرة الاستكبارية التي يعتمدها أعداء دولة العدل, والذين ذاقوا حلاوة الاستئثار بالسلطة طيلة القرون الخوالي, والذين يرفضون الآن بإصرار وتصميم اية محاولة لاستعادة هذا العدل المفقود.
ان القبول بالتعددية وانتزاع المستضعفين الحق في الساحة السياسية والفكر هو مرحلة لازمة لإقامة دولة العدل التي لا يمكن أن تقوم الا على أكتاف رجال أحرار لا يخافون في الله لومة لائم, ولا يبيعون رضا الخالق من أجل ان يرضى الظالمون, المستأثرون بالثروة والسلطة حتى ولو كانوا يتداولونها بينهم باسم (الديمقراطية)!!.
ان البشرية عامة والامة الإسلامية خاصة تتحرك نحو هدفها الموعود وفردوسها المفقود, في دولة العدل الإلهي, دولة الإمام المهدي عليه السلام حيث تعود الأمور إلى نصابها, ويحق الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون او عاند المشركون.