رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
هيئة التحرير
فيلم (المسيح روح الله) يواجه (آلام المسيح)
في رصد سابق بينا اهمية توظيف الفن في بيان الحقائق, ومدى تأثيره _أي الفن_ بالمتلقي سلبا او ايجابا, شرط ان تكون الموضوعية حاضرة في اي عمل سواء الفني او غيره.
ورصدنا اثناء تصفحها ومتابعتها لآخر المستجدات المتعلقة بقضية المهدي المنتظر علیه السلام بشكل مباشر او غير مباشر وجدت جدلا واسعا حول عمل سينمائي وصل الى درجة ان تدخل السياسة في منع عرضه، ويمتعض آخرون مما تناوله في احداثه.
وبغض النظر عن موقف (رصدنا) من هذا العمل, الا انه جدير بالوقوف عنده، وهذا العمل هو الفيلم السينمائي (عيسى روح الله) والذي سيكون موضوع رصدنا لهذا العدد.
هوية الفيلم:
(عيسى روح الله) فيلم ايراني انتج في العام ٢٠٠٨, وقام باخراجه المخرج (نادر طالب زاده), وأشرف على تمويله التلفزيون الإيراني . وقد تحوّل فيما بعد الى مسلسل تلفزيوني قامت بعرضه العديد من القنوات الفضائية خلال شهر رمضان المبارك من عام ١٤٣١ هجرية، ولا يزال يلقى نجاحًا لافتًا من قبل المشاهدين، وقد حظي الفيلم باستقبال حافل، حيث تم عرضه في خمس دور السينما في طهران كما حصل على جائزة (حوار الحضارات) في مراسم خاصة أقيمت بمهرجان (دين اليوم) الذي اقيم في إيطاليا.
قصة الفيلم و(المشهد الاخير):
يستعرض الفيلم مسألة بعث النبي عيسى علیه السلام وصراعاته ومعاناته لايصال شريعة السماء إلى اهل الارض،كذلك مؤامرات اهل الباطل ضد رسالته، الفيلم يركز على مشهد هو ان (يصعد نبي الله عيسى علیه السلام إلى السماء، في الوقت الذي يتم صلب شبيهه).. كما هو الاعتقاد الإسلامي عن المسيح علیه السلام، وهو خاتمة الفيلم، الذي يؤكد مخرجه انه استند الى انجيل (برنابا) والقرآن الكريم في اعداد قصته.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مخرج الفيلم رؤيته بأن (الفيلم رد إسلامي على فيلم (آلام المسيح علیه السلام) للمخرج (ميل جيبسون) المنتج عام ٢٠٠٤ والذي لاقى إقبالا بالغًا، لكنه ببساطة كان مخطئًا). واضاف (ان فيلم جيبسون هو فيلم جيد من الناحية المهنية، لكن القصة خاطئة تمامًا.. فهي لم تكن كما عالجها)، بهذه الكلمات تابع طالب زاده، مشيرًا إلى اختلافين رئيسين بين الإسلام والمسيحية بشأن عيسى علیه السلام، هما: أن الإسلام يرى ان عيسى علیه السلام رسولاً وليس ابن إله، وأنه لم يُصلب).
ولفت المخرج إلى أنه تردد أكثر من مرة على شقة المخرج (جيبسون) في كاليفورنيا, لعرض فيلمه عليه، مضيفًا (إنه كان يوم الأحد والأمن محتشد على البوابة، حيث أخذ أحد عناصره الفيلم, وكتيبا خاصا به ووعدني بتسليمه إياه)، لكنه لم يتلق ردًّا.
اهداف الفيلم:
الهدف من فيلم (روح الله) هو إقامة جسر بين الخلافات القائمة بين الإسلام والمسيحية، برغم التباعد الشاسع بينهما بشأن ساعات المسيح علیه السلام الأخيرة على وجه الأرض. هذا ماقاله مخرج الفيلم لوكالة الانباء الفرنسية وأضاف (من المثير للمسيحيين أن يعلموا أن الإسلام يعطي عيسى علیه السلام حقه من التمجيد، ولديه الكثير من المعلومات حول عيسى علیه السلام)، وتابع (بهذا الفيلم أريد إقامة جسر بين المسلمين والمسيحيين؛ لفتح باب الحوار حتى يتسنى إيجاد أرضية مشتركة بين الإسلام والمسيحية). وبمزيد من الإيضاح قال: (القرآن يؤكد: ان عيسى علیه السلام لم يكن المصلوب، لكن يهوذا أحد حواريه الاثني عشر والذي خان المسيح عيسى علیه السلام وأراد تسليمه للرومان ليقتلوه.. هو من اظهر انه المصلوب).
اشارة الفيلم إلى المهدي المنتظر علیه السلام:
لم ينسَ المخرج في حديثه عن الفيلم أن يربط بين عيسى والإمام المهدي علیهما السلام، قائلاً: (إنه غاب منذ ١٢ قرنًا، وإن عودته إلى الأرض مذهب عقدي) وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
وعن عمله الفني القادم قال: (إنه سينصبّ على إظهار العلاقة بين المسيح عيسى والمهدي المنتظر علیهما السلام ، مضيفًا القول (نحن المسلمون نصلي وندعو من أجل ظهور المهدي المنتظر والمسيح عيسى علیهما السلام، ومن ثَم تكون النهاية) وقد وظف الفلم دينيا فى الربط بين السيد المسيح علیه السلام وعودة المهدى المنتظر علیه السلام وإظهار تلك العلاقة, وذلك الرابط.
وعن علاقة الفن بالدين تساءل المخرج (هل ينبغي علينا باعتبارنا فنانين أن نقف مكتوفي الأيدي حتى يأتي ذلك الوقت؟ أليس هناك واجب علينا القيام به).
آلام المسيح علیه السلام:
بينا ان فيلم (السيد المسيح روح الله) جاء ردا على فيلم (آلام المسيح) ولابد من القاء نظرة على هذا الفيلم أي (آلام المسيح):
لقد انتج الفلم سنة ٢٠٠٤, ساعد في كتابته وإنتاجه الممثل (ميل جبسون) وأخرجه الفيلم بمفرده, علماً ان الفيلم مقتبس من الرواية الكاثولكية للأحدات التي يؤمنون بأنها حدثت للمسيح علیه السلام، من اعتقال ومحاكمة, وأخيراً الصلب ومن ثم قيامة المسيح, كذلك ان الفيلم ينطق باللغات الآرامية واللاتينية والعبرية، واحداثه حدثت وبإختصار: في وقت ما بحدود العام ٣٠م, وفي فلسطين, أحدى المقاطعات الرومانية آنذاك, حيث بدأ نجار عبراني يدعى يسوع الناصري (عيسى) بالتعليم والتبشير علناً بتعاليم دينية غير اليهودية والوثنية.
في وقت كان الشعب اليهودي, ينتظر لقرون عديدة, مجيء المخلص المنتظر المعروف بـ (المسيَا)، الذي كان يتوقع منه أن يعيد لإسرائيل أمجادها القديمة ويخلص أرض اليهود المقدسة من الشر والهزائم، بالنسبة للكثيرين. كان يسوع(عيسى علیه السلام) هو هذا المسيَا المنتظر. وقد تبع يسوع الذي رافقه تلاميذه الاثنا عشر كثير من عامة الناس في الجليل واليهودية, مؤمنين بكونه المسيَا. وعلى النقيض من ذلك, كان ليسوع كثير من الأعداء, فقد بدأ (السنهدرين)، وهو المجلس اليهودي الحاكم, المؤلف من كهنة اليهود والفريسيين, بالتآمر على يسوع للتخلص منه، وقد تم هذا بمساعدة يهوذا الإسخريوطي, أحد تلاميذ يسوع, الذي ساعد السنهدرين في القبض عليه وتسليمه للسلطات الرومانية الحاكمة, حيث اتهموه بخيانة الدولة الرومانية. ومع أن يسوع (عيسى)أصرَ على أن مملكته هي روحية سماوية وليست أرضية(حسب الرواية المسيحية), إلاَ أن الحاكم الروماني أمر بأن يؤخذ يسوع (عيسى) خارج القدس ويصلب.(انتهى) هذا ما كتب عن (آلام المسيح) في موقع الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) .
الفيلم يثير جدلا واسعا
غادر مسلسل (السيد المسيح)، الآتي من ايران، الشاشة في العاصمة اللبنانية بيروت، بعدما كاد ان يتسبب مع (أول وصوله) في الاول من رمضان بـ (فتنة) و(هرج ومرج) في البلاد فبعد ثلاثة أيام من عرضه قررت قناتا المنار ، وNBN اللبنانية، وقف عرضه، بعد الجدل الكبير الذى أثاره على الساحة اللبنانية،فقد اعتبره المسيحيون اللبنانيون قد احتوى العديد من الأخطاء التى تمس صلب العقيدة المسيحية، إلى جانب بعض الأخطاء التاريخية والشخصية الخاصة بأسماء تلاميذ السيد المسيح علیه السلام.
قال راعى (أبرشية جبيل) للموارنة المطران (بشارة الراعى)، (إن المسلسل يعتمد على(إنجيل برنابا) وهو إنجيل لا تعتمده الكنيسة ولا تعترف به، لافتا إلى أن (كل الأحداث الواردة فى هذا المسلسل فيها تحريف بالمعتقد المسيحى، وهو ينكر صلب المسيح ويضع مكانه يهوذا)، مشيراً إلى أن المسلسل لا يوضح قيامة للمسيح علیه السلام، والكنيسة تعتبر أن هذا الأمر هو أكبر إهانة للسيد المسيح ولكنيسته، وهو مسلسل يقوض كل أسس الدين ومعناه ويخلق فتنة).
وبعد سلسلة من الاتصالات التي شارك فيها قيادات سياسية ودينية رفيعة المستوى تم التوافق على منع عرض المسلسل الذى اعتبر أنه يهدد العيش المشترك فى البلد .
وفي تصريح لمخرج المسلسل (المسيح روح الله) المشتق من الفيلم نشرته (العربية نت) بتاريخ ١٦/٨/٢٠١٠ قال فيه: ( يجب أن لا نكون كاثوليكيين أكثر من البابا، فالفيلم الذي استند اليه المسلسل ذاته حصل في العام ٢٠٠٧ على جائزة فيلم (حوار الأديان) ضمن مهرجان (الدين اليوم) الذي تم تنظيمه من قبل الفاتيكان, وقد تم عرضه على مجموعة من القساوسة هناك، وتمت الإشادة بطريقة عرض الاختلاف بين الروايتين الاسلامية والمسيحية للسيد المسيح).
واشار الخبر المنشور في (العربية نت):
وفي حديث لـ(سينما إيران) قال فيه مدير مكتب فضائية ( آي فيلم ) الإيرانية بدمشق: إن قضية منع عرض المسلسل (سياسية صرف ولا علاقة لها بالأمور الدينية، ولا أعتقد أن المسلسل يتضمن أية إساءة, لان هناك قدسية للأنبياء وللسيد المسيح في الدين الإسلامي، وأشار إلى وقوع إساءات للسيد المسيح في الصحافة اللبنانية مؤخرا، لكنها لم تواجه أي اعتراض من قبل الأطراف التي اعترضت على المسلسل, وذلك بسبب عدم وجود مواقف سياسية متباينة بين أصحاب الصحف المسيئة للسيد المسيح علیه السلام والأطراف المسيحية الأخرى.
وردا على المطران (بشارة الراعي) نشر الموقع الاخباري (صيدا اون لاين) مقالا بتاريخ ١٣/٨/٢٠١٠ تحت عنوان (خلفيات دعوة المطران بشارة الراعي قناة المنار لوقف بث مسلسل المسيح علیه السلام) جاء فيه (ان دعوة المطران بشارة الراعي قناة المنار لوقف بثها لمسلسل (المسيح) تستدعي المناقشة من الوجه الديني العقائدي ، إذ ينطلق المطران الراعي من خلفية تفترض ان الكنيسة المسيحية هي القيم الوحيد على صورة نبي الله عيسى علیه السلام, وانها وحدها التي تملك حق تحديد سيرته ومسار حياته وهذا بطبيعة الحال، وإن كان يعكس خلفية القرون الوسطى, الا انه ايضا يتجاهل حقيقة كبرى وهي ان الايمان بالمسيح علیه السلام ونبوته هو جزء من صلب العقيدة الاسلامية, وان الصورة التي قدمها القرآن الكريم عن حياة المسيح علیه السلام هي ركن من اركان عقيدة المسلمين, فقد ذكر المسيح خمساً وعشرين مرة في القرآن الكريم, كما ذكر القرآن ان لعيسى بن مريم علیه السلام لقبين يختص بهما دون غيره من الانبياء وهما كلمه الله و روح منه, وعليه فالمطران بدعوته الى وقف بث المسلسل (لأنه يتعارض وتعاليم الإنجيل التي يعرفها المسيحيون في جميع أنحاء العالم _حسب تعبيره_ يعد تدخلا سافرا في عقائد المسلمين ويصادر حقهم في مقاربة حياة نبي من انبيائهم من الزاوية العقيدية التي نص عليها القرآن الكريم، والاخطر من ذلك انه يشكك في قرآنهم، اضافة الى ان سلوكه وتعبيراته تظهر سطحية غريبة في مقاربة الموضوع, وكأن المطران الراعي يقول هذا لنا وليس لكم, إذن نحن وحدنا نملك الحق في رواية سيرته).
كلمة رصدنا:
ومن خلال ما تقدم ترى رصدنا ان الامر لايستحق كل هذا العناء, والاخذ والرد من قبل الطرف الاخر, فالعمل الفني مهما كانت دوافعه لايسيء مطلقا لشخصية النبي عيسى علیه السلام ولو كان كذلك فنحن المسلمون كنا سنرفض ذلك, إضافة الى ان اهم سبب لرفض هذا العمل من قبل الطرف الآخر هو تسليط الضوء على مجيء المخلص, وهو غير المسيح علیه السلام, كذلك التبشير بمجيء النبي الخاتمN, وهذا ما يخالف معتقداتهم رغم تصريح صحاحهم بذلك.
وان كانوا لا يعتبرون انجيل (برنابا) فهناك عبارة في انجيل يوحنا (١٢/٣٤) تقول: (أجابه الجمع: نحن سمعنا من الناموس أن المسيح علیه السلام يبقى إلى الأبد، فكيف تقول أنت: إنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان، من هو هذا ابن الإنسان) الذي ورد ذكره في انجيل يوحنا وهو من الاناجيل المعتبرة لديهم, هذا من جهة ومن جهة اخرى من يتابع تفاصيل الموضوع يجد ان هناك خوفاً شديداً من الحقائق المتعلقة بالامام المهدي والنبي عيسى علیهما السلام ودورهما في انقاذ العالم, فكل طرف يروم حيازة هذا الشرف العظيم, ولكن الامر ليس مزاجيا, فهناك وعد الهي بإظهار الاسلام على الدين كله, وهذا لا يتم الا على يد الإمام المهدي المنتظر علیه السلام الحجة بن الحسن العسكري علیهما السلام.