قصة قصيرة
سيـــــــــــــــد العـــــــــــالم
محمد حسن عبد
(سيد العالم) عبارة ظلت تدق في ناقوس نفس محمد الكوفي الششتري.
فبعد ان عزم على قضاء ايام ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام في زاوية من زوايا المسجد يستذكرها فيها مصائب الإمام عليه السلام.
كان ذلك في الليلة التاسعة عشرة من رمضان المبارك, وعند مقام الإمام علي عليه السلام في مسجد السهلة المعظم, عقيب أدائه فريضة الصلاة, وفي طريقه إلى مكان آخر من المسجد يتناول في افطاره, فوجيء بشخص متزمل بعبائة.
كان يجلس بالقرب من صاحب العباءة شخص آخر يرتدي زي العلماء, وقد راح يسأل محمداً عن احوال العلماء والفضلاء والخيرين في النجف الاشرف, ومحمد يجيبه انهم بخير وسلام.
وبينما هم كذلك واذا بالرجل المستلقي يقول للسائل شيئاً لم يفهمه الكوفي.
دفع ذلك الامر محمداً ان يسأل عن شخصيته, فاجاب بأنه سيد العالم.
استكثر الكوفي هذا الجواب, وظن ان المجيب يريد ان يعظم صاحبه في عين السائل.
ظل محمد يردد في نفسه: كيف يكون هذا سيد العالم, وسيد العالم هو مولاي صاحب العصر والزمان, الإمام المهدي, الحجة بن الحسن عليه السلام.
وبغية ان يزيل هذا التوهم عن نفسه, قال مستفهما: سيد العالم؟ فرد عليه الرجل: لا, هذا سيد العالم.
حينئذ لم يجد الكوفي غير السكوت والنظر فيما حوله دهشة وتعجباً, ولكن سرعان ما ايقن صحة عبارة المجيب حين ابصر ان المسجد مغمور بنور شامل, بدت معه مصابيحه وكأنها بصيص ضئيل.
ومما زاد في تعجبه ان سيد العالم, وفي هذه الاثناء طلب ماءً, فظهر على الفور شخص وناوله اناءً فيه ماء, وما ان انتهى من شرب الماء حتى استعاد الشخص المناول الاناء وغاب عن بصر الكوفي.
عندها قام محمد قاصداً اداء النافلة, فبادره الرجل: إلى اين انت ذاهب؟ فاجابه: إلى الصلاة, فقال له: بارك الله فيك.
ولكن وبعد ان خطى محمد الكوفي بضع خطوات, حانت منه التفاتة إلى الرجلين, فلم يرهما, رغم ان لم يسر إلا قليلاً.
ظلت نفس الكوفي تسأل: هل ان الذي شاهدته هو: سيد العوالم؟!