الخلاص في الفكر الغربي
البروفيسور صالح عظيمة
كُتبت ابحاث ودراسات كثيرة حول الخلاص في الفكر الانساني, وهذه الدراسات منشورة، في فرنسا وفي امريكا وباقي الدول الاوروبية والغربية، فكيف يتعاطى الغرب مع فكرة الخلاص، وما هي اوجه الشبه بين هذه الفكرة وبين العقيدة المهدوية في الاسلام، وما هو نشاط الجاليات المسلمة في الغرب لتكريس هذه الفكرة.
هذه الفكرة فكرة قديمة، جديدة، مستمرة، خالدة، فكل امة لها مهديها، الذي تنتظر الخلاص على يديه، فكل امة تفكر بخلاصها، كل بقعة من بقاع الارض تطمئن الى ان الوعد الموعود قادم لا محالة، لا اقول السبب في ذلك وانما الاسباب كثيرة، منها ان الانسان يئس من الانسان، و يئس من المادة، وانه كلما نظر الى المادة ليستعين بها اخلفته الوعد، فلم تبق هنالك إلا رحمة الله، ورحمة الله ليس بالشيء المجرد،هي ظهور بشري، كما النبوة، النبوة هي فكرة هي ظاهرة ولكن هناك من يمثلها، فلنقف عند حدود فكرة الخلاص في الغرب، حيث ذكرها (نوستراداموس),الذي اطلع على وريقات لا نعلم اين اطلع عليها, ولربما في المكتبة الاسبانية او اخذها مترجمة من اللاتينية، لان اللاتينية ترجمت الفكر العربي كله من الاندلس، ولا ندري اذا كان اطلع على اشياء مخصوصة جداً وليست له، لكن الغرب اظهرها وكأنها له، واظهره وكأنّه عبقري.
وفيما يتعلق بالمهدي عليه السلام إنه انتبه اليها وذكرها. لان نوستراداموس قد اطلع على الفكر الاسلامي واطلع على التوراة لانه كان يهوديا. ليس ترجيحاً وانما ذلك امر مؤكد.
وهناك مثلاً (برناندشو) الذي قال وأكد في القول (ان الاسلام هو الذي ينبسط على الكون كله وهو الذي يأخذ الحكم في العالم كله)، هذه كلمة مشهورة له، وهي تترجم الآية الكريمة (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، وفي هذه الآية هي دلالة واضحة على الخلاص وعلى ظهور المخلّص.
وبعد برناندشو في انجلترا كان هناك الشاعر الفرنسي الكبير (رامبو)، الذي كره المسيحية ، وسافر الى اليمن،لقد هاجر في غابات افريقيا وابتعد كثيراً حتى وصل الى اليمن، وهو يبحث عن سر الهي،ان رامبو وهو يعالج سكرات الموت قالت له اخته أآتيك بالراهب؟ قال: ابتعدي عني انت والراهب وهو يقول الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا إله إلا الله،فمات مسلما و من الذين آمنوا بفكرة الإمام المهدي عليه السلام,كما جاء في صحيفة (الامم الافريقية) .
وبعده جاء صديقنا العلامة ( روجيه كارودي) وهو اعجوبة، فقد كان اول امره شيوعيا. بل من ابرز القياديين في الحزب الشيوعي ونائباً في البرلمان الفرنسي، وقد قال لي ان حكاية المهدي عليه السلام هي قضية طبيعية، وقضية انسانية ولا ارى فيها غرابة،وانها اقرب ما تكون حقيقة وواقعة، والبشر بطبعهم يأملون دائماً ويلتجئون عندما يرون الهرج والمرج يأملون بوجود انسان ينهي لهم هذه المعاناة، ويقدم لهم حلاً مقبولاً معقولاً ميسوراً ييسر لهم الامور، وفي الوسط الالماني، كان العبقري الكبير الشاعر (غوته). والذي له ديوان الشرق المعروف. وله ترجمات لآيات قرآنية وضع الآيات القرآنية في اشعاره بطريقة عجيبة وله ايمان بالمهدي وبالمخلّص.
ان اوجه التشابه في هذه القضية موجودة، لكن الينابيع تختلف، بين ينابيع معصومة وبين ينابيع غير معصومة، وهي واضحة في القرآن الكريم وفي الاحاديث ايضاً عند الطائفتين الكريمتين السنّة والشيعة، وفي قول الائمة عليهم السلام، وقد ورد هذا الكلام عند الشيخ منصور علي في كتاب (التاج على الاصول في احاديث الرسول) في خمس اجزاء، وفيها باب مخصص او كتاب المهدي وكتاب فتن الساعة وما اليها، وهذه الاحاديث موجودة ومشهورة وغنية عن الذكر والتعريف.
واما عند الشيعة فهي كثيرة واكثرها صحيح، ومن ذلك قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: (اللهم لا تخلو الارض من قائم لله بالحجة)،وقول علي بن ابي طالب عليه السلام ليس بالامر السهل، وليس بالامر اليسير فعندما يقول عليه السلام كلاماً، فالارض لا تخلو من حجة، عند السنّة والشيعة حكاية الابدال، الابدال هذه قضية يتوارثون حكم الارض، والحقيقة ان (اللهم لا تخلو الارض من قائم لله)، قضية معروفة جداً وفيما يتعلق بالغرب فان عندهم في التوراة وفي الانجيل، ولكننا لا نقول انها معصومة، بل انها محرفة. وقد ذكر القرآن الكريم هذا التحريف، هذا امر نحن نقر به ونقول به والقرآن لا ينطق عن هوى.
ان التشابه الموجود بين الكتب السماوية هو ظهور هذا المخلّص وله صفات، له زمن، كيف تكون الارض، و لكن ما هي العلامات، فعند المسيحيين ينزل المسيح عليه السلامإلى الارض،أما عند المسلمين الشيعة فيقولون بانه عند ظهور المهدي يظهر السيد المسيح عليه السلام ويصلي وراءه، السنّة ايضاً يقولون ذلك، التشابه والخواص المشتركة موجودة.