رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
قانون جذب الأفكار وانتظار الفرج
قال تعالى في سورة الرعد : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) هذه الآية لكثرة تداولها أصبحت من الحكم والأمثال التي تضرب على كل واقع بائس لا يمكن معالجته، أو على أي انجاز يتحقق بعد تغيير طريقة التفكير والسلوك للأفراد، والسؤال هنا كيف يغير الإنسان نفسه بحيث أن هذا التغيير يؤدي إلى التغيير الشامل لكل أفراد المجتمع؟.
في رصد سابق نوهت رصدنا إلى قانون جذب الأفكار وكيفية تأثيره في حال الفرد بصورة مجملة، وفي هذا العدد رأت رصدنا بأن تبسّط القول في هذا القانون لما له من دور فعال في قضية التنمية البشرية وتغيير الواقع المرير إلى واقع أفضل، وكل هذا يصب في رافد مشروع التمهيد لظهور الإمام المهدي عليه السلام من خلال السعي للتغيير.
أولا: ما هو قانون جذب الأفكار؟
يطلق على قانون الجذب مصطلح Law of Attraction وهي عبارة استخدمت على نطاق واسع من قبل مفكري الثقافة المعاصرة ليشيروا إلى الفكرة القائلة بأن (الأفكار تجلب الفرص) والمبنية على الاعتقاد بأن للأفكار (سواء أفكار الوعي أو اللاوعي) قدرة على التأثير في الأشياء من حولنا ليس فقط من خلال التحفيز ولكن بوسائل أخرى كما يقول قانون الجذب :(ما هو مرغوب يمكن أن يجسد نفسه)، ويجد بعض أولئك الكتاب في ما ورد ذكره في الاصحاح ١١ عدد٢٤ من الكتاب المقدس بعهده الجديد على لسان السيد المسيح أمراً يدعم مزاعمهم فيه ،إذ ورد في إنجيل مرقس: (( لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم)) .
ففي علم البرمجة العصبية يوجد قانون يسمّى قانون الجذب, وهو أحد مفاهيم هندسة الذات، بمعنى أنَّ الإنسان عندما يريد أن يهندس ذاته يحتاج إلى قانون الجذب, وهو قانون مستقى ومنتزع من قوانين العقل الباطن حيث يؤثّر على سلوك الإنسان و مسيرته.
ويقول علماء البرمجة العصبية في علم النفس: إنَّ الدماغ المادي الموجود في جسم الإنسان كما هو عضو كيميائي هو أيضاً عضو كهربائي، بمعنى أنَّ الدماغ كالمغناطيس الذي يجتذب الأفكار المجانسة والأفكار المقاربة. فأيّة فكرة تعبر على الدماغ تحدث اهتزازاً فكرياً لا يشعر به الإنسان ولا يحسّ به، ونتيجة هذا الاهتزاز يجتذب الدماغ الأفكار المشابهة لهذه الفكرة التي تجول فيه، فمثلاً: الإنسان يفكّر في الفشل كالإخفاق في الدراسة ونتيجة الإخفاق بدأ يفكّر بأنَّه فاشل, وأنَّه محبط وأنَّه عاجز عن تحقيق طموحاته وآماله وهذا التفكير يجرُّ الأفكار المشابهة شاء أم أبى، فإنَّ هذا التفكير بمثابة المغناطيس الذي يجذب الأفكار المشابهة.
ثانيا: قانون الجذب عبر التاريخ
قانون الجذب الفكري ليس جديدا وليس من معطيات القرن الواحد والعشرين بل هو قانون قديم قدم الحضارة إذ أن المصريين القدماء اعتقدوا بوجود هذا القانون، واستعملوه في حياتهم اليومية وتبعهم في ذلك اليونانيون القدماء ولكن نسي العالم شأن هذا القانون لفترة طويلة امتدت حتى أواسط القرن العشرين حين بدأ علم البرمجة اللغوية العصبية يشق طريقه إلى العالم ويصبح علما معترفا به، فقد بدأ علماء هذا العلم بإحياء هذا القانون من جديد وهم يصرون على أن جميع من أنجزوا شيئا مهما أو بلغوا مستويات عالية من النجاح في الحياة قد طبقوا هذا القانون في حياتهم بشكل أو بآخر ، ففي أوائل عام ١٩٠٢ ، برزت تلميحات إلى أمر يشابه قانون الجذب، حيث قام جون أمبروز فليمنج وهو مهندس كهربائي وفيزيائي ضليع (يلقبه البعض بمعجزة القرن) بوصف كل المظاهر المنتهية أياً كان نوعها و أياً كان مداها بأنها (طاقة جذب جامحة) تتسبب للكائنات في زيادة مطردة في قوة ووضوح الغرض ، وحتى اكتمال عملية النمو والوصول إلى النضج باعتباره أمراً واقعاً .
(وقد ادعى توماس ترووارد، الذي كان له تأثير قوي في حركة الفكر الجديد New Age Movement ، بأن الفكر يسبق الشكل المادي ، وبأن عمل العقل يزرع تلك النواة التي إذا سُمح لها بأن تنمو دون عائق ، فإنها في النهاية سوف تجذب لنفسها جميع الظروف اللازمة لتتجسد في شكل خارجي مرئي ).
وفي عام ١٩٠٦ ، استخدم (وليام ووكر أتكنسون (١٨٦٢ - ١٩٣٢) هذه العبارة في كتابه حول حركة الفكر الجديد المسمى اهتزاز الفكر أو قانون الجذب في فكر العالم.
وفي السنة التالية نشرت (اليزابيث تاوني ) وهي رئيسة تحرير مجلة (نوتيلوس ماجازاين) و هي مجلة مهتمة بالفكر الجديد - وكتاب (بروس ماكليلاند) الذي يحمل عنوان (خلال قوة الفكر) والذي لخص فيه المبدأ، قائلاً :( أنت هو ما تعتقد ، وليس ما تعتقد أنه أنت).
وبحلول منتصف عام ١٩٠٠ ، ناقش العديد من الكُتاب هذا الموضوع والأفكار ذات الصلة ؟
ثالثا: فيلم السر والضجة الإعلامية
في عام ٢٠٠٦ ، عُرض فيلم بعنوان (السر) وهو يستند على (قانون الجذب) ثم تم وضعه بعد ذلك في كتاب يحمل نفس العنوان في عام ٢٠٠٧. وقد حصل كل من الفيلم والكتاب على اهتمام واسع في وسائل الإعلام من برنامج (ليلة السبت) على الهواء مباشرة وحتى برنامج (أوبرا وينفري) في الولايات المتحدة . وفي العام نفسه أصبح كتاب (قانون الجذب) لمؤلفه (هيكس) هو الأفضل مبيعا في قائمة صحيفة (نيويورك تايمز) للكتب الأكثر مبيعاً. وقد أدى نجاح الفيلم والكتب المختلفة إلى زيادة التغطية الإعلامية ، حيث خصصت أوبرا وينفري حلقتين من برنامجها لمناقشة الفيلم وقانون الجذب. وناقش مقدم برنامج (توك شو) لـ (لاري كينج) هذا الأمر أيضاً حيث تعرض وقتها لانتقادات عدة، حينما أشار إلى المعاناة في العالم فأخذ يتساءل :(إذا كان الكون يُظهر وفرة في الفكر المجرد، فلماذا يوجد هناك الكثير من الفقر والجوع والموت )؟. ويعتبر تصريح (كينج )مشابه للانتقادات القائلة بأن قانون الجذب يعمل فقط ،لأن معظم الحكايات التي ورد ذكرها في الكتب والأفلام تدور حول أناس يعيشون في ظل ثقافة لديها مسارات حياة تسمح لهم التغلب على محنهم ، في حين أن هذا ليس صحيحاً بالنسبة لكثير من الناس في أنحاء العالم !.
التفكير الإيجابي.. للبدء في تغير الواقع
يقول علماء النفس عندما يطلق للخيال العنان كي يرسم الصورة التي يحبها الإنسان في حياته فإنه بذلك يستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعه الذي لا يريده، فما التفكير الايجابي؟ وما هي أنماط وخصائص هذا النوع من التفكير؟ وكيف نتعلم التفكير بالطريقة الإيجابية؟ وكيف يمكن أن نزرع التفكير الإيجابي في شخصيتنا؟
التفكير الإيجابي هو الطريق إلى حياة ناجحة، ومسار للذات التي لا ترضى بديلا عن أعلى مستويات التقدم والنجاح، وهو الاختيار الذي يميز الحقائق عن الأوهام من خلال التأمل في النفس جيدا وإيجاد الكثير من المواهب والقدرات التي وهبها الله لها لكن للأسف كثير من الناس يصر على رؤية العيوب وتضخيمها، وهذا يبعث على التفاؤل والنظر إلى الجانب الجميل في كل شيء.
والمفكر الإيجابي هو الشخص الذي يقر بوجود عناصر سلبية في حياته، لكنه يؤمن بأن كل مشكلة يمكن التعامل معها وحلها.،مما يجعله إنسان يقّدر الحياة ويرفض الهزيمة، ويفهم أن تغيير السلبي يتطلب التحلّي برغبة وعزيمة وإرادة جادة.
أن للإنسان طاقة وقوة كامنة بداخله , إلا أنه يجهلها , ويمكن تسليط الضوء عليها عبر عدة قواعد يمكن تسميتها بقواعد وأسرار قوتك وهي :
الأولى : أن لا تقول أبداً لا أقدر بل قل أقدر .
الثانية : أن تحيل التفكير السلبي إلى إيجابي .
الثالثة : الإيمان القاطع بالقوانين الكونية.
الرابعة : استخلاص العبر من التجارب .
الخامسة : الإيمان القاطع بضربة القدر .
السادسة : أنّ قانون الجذب الكوني المتمثل في كون التفكير الإيجابي يجذب الأشياء الإيجابية والعكس صحيح .
السابعة : تغيير نظام الاعتقاد فإذا كان المرء يعتقد أنه ناجح فسينجح فعلا والعكس صحيح.
الثامنة : ان العقل الباطن هو المحرك لجسم وتفكير الإنسان .
التاسعة : التمارض يجلب المرض والتطبع ينقلب إلى طبع بالممارسة .
العاشرة : هي الإرادة.
رابعا: قانون الجذب في الرؤية الإسلامية
قانون الجذب هو عبارة عن قانون الثقة والإيمان بالله والتوكل عليه و حسن الظن به، كما تبين في صدر الكلام ما ورد على لسان السيد المسيح،وروي في مشكاة الأنوار إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام: إن في الحبس رجلين من بني إسرائيل ، أمر بإطلاقهما ، قال : فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة، فقال له : ما الذي بلغ بك ما أرى منك ؟ قال : الخوف من الله ، ونظر إلى الآخر ، لم يتشعب منه شيء، فقال له : أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد ، وقد رأيت ما بلغ الأمر بصاحبك ، وأنت لم تتغير ، فقال له الرجل : إنه كان ظني بالله جميلا حسنا ، فقال : يا رب قد سمعت مقالة عبديك ، فأيهما أفضل ؟ قال تعالى: صاحب الظن الحسن أفضل.
كذلك روي في نفس المصدر إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام:( يا موسى قل لبني إسرائيل : أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء يجدني عنده) . وقال سبحانه وتعالى في سورة يوسف: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) وقال في سورة الحجر: (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)، فقانون الجذب مرتبط ارتباطاً قوياً بديننا، فمن يرجع تعاسته إلى أن الله كتبها له وان قدره هو تعيس..فهو بذلك قد أخطأ لان الله اعدل العادلين واحكم الحاكمين، فالله كل ما يرسله خيراَ لعبده ولكن كل ما يحدث له هو ناتج من ظنه بالله عز وجل ، فإنّ في الحديث القدسي يقول ( أنا عند ظن العبد بي )، وليس عند حسن الظن ،بمعنى إن الظن -الفكرة- هو راجع للعبد نفسه فيما يتوقع من الله جلا جلاله أن يعطيه.
خامسا: قانون الجذب وانتظار الفرج
قانون جذب الأفكار يخلق الأمل لدى الإنسان والأمل أمر مهم جدا، فهو روح الثقة بالله، وروح التطلع إلى المستقبل السعيد، وهذا ما تعززه لنا فكرة انتظار الفرج، فالمنتظر عندما يضع نصب عينيه وفي أفكاره حتمية الوصول إلى الهدف المنشود وهو السعادة الحقيقية المتجسدة بظهور الإمام المنتظر عليه السلام من خلال العمل والتمهيد لذلك الظهور المبارك وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج)، فـ(أفضل الأعمال) بمعنى انه (عمل)، وهذا يوضح أن الانتظار ليس مجرد أمل، إنما هو برنامج عمل، وليس برنامج تقاعس، عندها سيتغير سلوكه وتتغير طبيعة تفكيره نحو الأفضل، وإذا حصل هذا التغيير على مستوى الجماعة ستكون القواعد الشعبية مهيأة لاستقبال الإمام المنتظر عليه السلام وعندها سيكون الظهور بإذن الله.
يحمل مفهوم( انتظار الفرج) البشرى للبشريّة جمعاء، فلا يختصّ بفرد معيّن أو جماعة محدّدة، إذ تمثّل مسألة نهضة المهدي عليه السلام قضيّة اجتماعيّة وفلسفيّة كبرى لها خصائص وعناصر ذات أبعاد عالميّة، خصائص ثقافيّة وتربويّة كما هي سياسيّة اقتصاديّة واجتماعيّة، ومن خصائصه.
أ- تتجه البشريّة نحو مستقبل مشرق تُجتثّ فيه جذور الظلم والفساد من منابتها. وهذا مما يبعث على التفاؤل في مستقبل البشريّة، ويقع ذلك في مقابل نظريّتين:تعتقد الأولى أنّ الشرّ والفساد والتعاسة صفات ملازمة للحياة الإنسانيّة، وعليه فإنّ أفضل ما يمكن أن يقوم به الإنسان هو وضع حدّ لهذه الحياة. وتؤمن الثانية بأنّ البشريّة، وبفعل تطوّرها وتقدّمها في صنع وسائل الدمار والخراب، فهي تحفر قبرها بيدها، وبذلك فهي تسير نحو الانهيار والسقوط.
ب- ستنتصر قوى الحقّ والتقوى والسلام والعدل والحريّة على قوى الظلم والاستكبار والاستعباد، وستُقتلع جذور الفساد.
ج- ستقوم حكومة عالميّة واحدة، تجمع تحت ردائها جميع الفئات والمجموعات البشريّة.
د- ستعمر الأرض وتُستغلّ ثرواتها، وتستثمر ذخائرها إلى أقصى حدّ ممكن. وبالإضافة إلى ذلك ستحلّ المساواة بين البشر في مجال توزيع هذه الثروات.
هـ- ستبلغ البشريّة حدّ التكامل والنضج، حيث يتّخذ الإنسان سبيل العقل متحرّراً من أغلال الشهوات والظروف الطبيعية والاجتماعيّة، وتحصل المواءمة بين الإنسان والطبيعة، وتخلو النفوس من العقد والأحقاد.
وهذه الأمور كلها يدعو لها قانون الجذب ،ولكن بعبارة أخرى أساسها الأمل والعمل.
كلمة رصدنا:
فيما تقدم سلطت رصدنا الضوء على قانون الجذب في علم البرمجة العصبية، وهذا لا يعني أنَّنا نقبل هذا القانون كاملاً، بل نقبله في إطار أنَّه يبعث التفاؤل للإنسان ويزرع فيه الأمل ، ويحثه على العمل لتحقيق أهدافه في ظل حسن ظنه بالله عز وجل، وانه يغير سلوكه وفقا لتغير طبيعة تفكيره إلى الأحسن مما ينعكس على واقعه ومصيره في النهاية ولكن لا نقبل كلّ معلومات هذا قانون، فمن معلوماته أنَّه لا يوجد شيء اسمه قدر، بل الإنسان هو الذي يصنع القدر، لكن هذا غير صحيح وتوضيح هذه المطالب موجودة في محلها من كتب العقائد المفصلة.