تمهيدنا
كلمات تضيء الدرب
كثيرة هي الكلمات التي صدرت من الأفواه، وقليل منها التي خلدته ذاكرة التأريخ، والأقل من ذلك هو الذي رسم للبشرية طرقاً للوصول وتحصيل الأهداف, والأندر هو ما كان يضيء للسالكين ذلك الطريق المحقق للهدف، ومن ذلك الأندر كلمات الحجة المنتظر عليه السلام.
ولو وقفنا على تلك الكلمات متأملين في هذا الزمن الذي يعد شاخصه الأبرز التعمق والغوص في أعماق الألفاظ واستخراج درر المعاني ومخزون المفاهيم لاستخرجنا منها كنوزاً من المعارف وجواهر من المعاني السامية.
إنه ينبغي لنا باعتبارنا أتباعاً وموالين، ان نعتقد بأن ما صدر من المهدي المنتظر عليه السلامهي كلمات نورانية فوق كلمات البشر ودون كلمات الخالق جل وعلا، فهي إذاً مصابيح تنير لنا الدروب وطرقا نسلكها للوصول، وليست مجرد شعارات مفرغة ولا قصصاً للتسلية.
ورد في أحد التوقيعات أن الصاحب عليه السلام متعلق بأستار الكعبة عند بيت الله الحرام وهو يقول: (اللهم انجزلي ما وعدتني)، وفي توقيع آخر انه متعلق بأستار الكعبة أو في المستجار ويقول : ( اللهم انتقم لي من أعدائك).
إن قراءة هذه الكلمات والتدبر فيها يكشف لنا عن حقائق متعددة نسلط الضوء على بعض منها بما يتيسر للنفس المحدودة أن تأخذ من اللامحدود ومن هذه الحقائق حقيقة الدعاء للإمام المهدي عليه السلام وحقيقة الدعاء على أعدائه عليه السلام .
كلنا يأمل ويرجو أن يظهر الإمام عليه السلام، ولكن أغلبنا لا يسير ولا يخطو خطوات نحو تقريب هذا الأمل المبارك، وأول هذه الخطوات التزام الدعاء للإمام عليه السلام بأن يعجل الله تعالى ظهوره وأن ينجز له ما وعده، وفي نفس الوقت بأن يهلك أعداءه وينصره عليهم، فهاتان المفردتان _الدعاء له والدعاء على أعدائه- من المفروض أن يتحلى بهما ويداوم على العمل عليهما كل من يؤمن بالإمام عليه السلام وأنه حجة آخر الزمان.
إذ أن التوقيعات التي سلطت الضوء على حركة الإمام عليه السلام وحياته مع ندرتها بينت أن الإمام عليه السلام طلب ممن يؤمن به أن يكثر الدعاء بالفرج فإن فرج الإمام عليه السلام هو فرج الناس، وفرج العدل لقطع دابر الظلم.
فعلينا أن نلتزم بفريضة الدعاء له عليه السلام والدعاء على أعدائه لتنفتح أمامنا فرائض أخرى لأن الإنسان كلما تجاوز مرحلة من مراحل التكامل سينتقل إلى مرحلة أخرى، فمن صار الدعاء -للإمامعليه السلام وعلى أعدائه- ملكة له فان نفسه تهفو وتتلهف إلى ملكة أخرى، وهكذا.
ثم هل يا ترى انّ ما يعلق على الجدران من حكم وكلمات، نطق بها البعض من هنا وهناك، وزنها على نفوس أتباع الأمام هي أثقل مما صدر عن الإمام عليه السلام من كلمات نورانية.
فلماذا لا نقوم بمهمة الاهتمام بكلمات الإمام عليه السلام ونبدأ مرحلة جديدة في التعامل معها، ولو بأن ننظر إليها ونمتّع أبصارنا بضياء نورها، ثم بعد ذلك تأتي المراحل الأخرى التي تترتب على الاهتمام بكلماته عليه السلام كحفظها والتعود على تلاوتها في المجالس والمحافل، والاستشهاد بها والاستدلال بها على المطالب،و من ثم تحليلها والكتابة عنها إلى أن تكون دساتير لنا في أعمالنا ومعاملاتنا نطبقها ونعمل بمضامينها.
فهي نافذة نفتحها لأحباب الإمام عليه السلام.
رئيس التحرير