الانتـــظار والأمـــــل
السيد منير الخباز
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (افضل العبادة انتظار الفرج). وروي عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام انه قال: (انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله فان احب الاعمال الى الله انتظار الفرج). وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: (ما ضر من مات منتظراً لامرنا ان لا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره). وروي عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال: (من دين الائمة الورع والعفة والصلاح الى قوله وانتظار الفرج بالصبر). وروي عن الإمام الرضا عليه السلام انه قال: (ما احسن الصبر وانتظار الفرج، اما سمعت قول الله (عز وجل) {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}، {فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} فعليكم بالصبر فانه انما يجيء الفرج على اليأس وقد كان الذين من قبلكم اصبر منكم).
يظن البعض ان الانتظار في العقيدة هو من خصائص الاسلام ومن خصائص المسلمين وربما قال البعض ايضاً بانه من خصائص اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام, بينما نجد ان هذه الظاهرة هي في الواقع ظاهرة دينية في كل الاديان السماوية وحتى العقائد الوضعية.
الانتظار مبدأ عقلي ومبدأ جبلي طبعي ومبدأ سماوي، اما انه مبدأ عقلي فان العقل لو خلي وحده لحكم بضرورة مبدأ الانتظار،وذلك لناحيتين:
الناحية الاولى اننا نعرف ان الهدف من بعث النبوات وبعث الرسل وانزال الكتب السماوية هو اقامة العدالة التامة على الارض {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وبما ان هذا الهدف لم يتحقق إلى الان، فلو لم يكن هناك انتظار ليوم تتحقق فيه العدالة التامة على الارض كلها لكان بعث الانبياء وارسال الرسل وانزال الكتب لهواً، واللهو قبيح, والقبيح لا يصدر من الحكيم تعالى، اذن العقل وحده مع قطع النظر عن النصوص يحكم بلزوم الانتظار ليوم تتحقق فيه أهداف السماء.
هناك وجه آخر ان هذا الكون كله هذا الفضاء اللامتناهي بذراته بمجراته خلق لخدمة الانسان، اي ان هذا الكون مملوء بالكنوز والطاقات التي اعدت لخدمة الانسان، الى الآن الانسان, وفي عصر الفضاء لم يصل ما اكتشفه الانسان الى واحد بالمليار اذن لا محالة سيأتي يوم يتمكن فيه الانسان من اكتشاف الكون كله {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} سلطان العلم، اذن هناك يوم يحكم العقل بانتظاره هو يوم اكتشاف الكون وطاقاته وكنوزه وهذا ما نعبّر عنه بمبدأ انتظار الحضارة المهدوية الكونية.
اذن مبدأ الانتظار مبدأ عقلي هذا اولاً، وهو ايضاً مبدأ جبلي نفسي، الله (تبارك وتعالى) عندما خلق الانسان اودع فيه غرائز تمكنه من الانفتاح على الحياة، اودع فيه غرائز من خلالها يبني الحياة، اودع في الانسان غريزة حب الذات حتى يتزوج وينجب ويبني اسرة ويبني مجداً، اودع في الانسان غريزة الغضب حتى يدافع عن نفسه ويدافع عن وجوده، اودع في الانسان ايضاً غريزة حب الجمال حتى ينتفه على الحياة بشتى الوانها، ايضاً اودع في غريزة الامل والانتظار، الامل والانتظار غريزة جبلّية في نفس كل انسان لولا هذه الغريزة لاختنق الانسان بالظروف القاسية والضغوط النفسية او الضغوط الاجتماعية، اذن مبدأ الانتظار مضافاً الى انه مبدأ عقلي هو مبدأ جبلّي ومضافا الى انه مبدأ عقلي ومبدأ جبلّي هو مبدأ سماوي، نحن عندما نقرأ قوله تعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ} الذكر يعني ذكر الله لا إله إلا الله، بعد هذه الكلمة (كلمة التوحيد) جاءت اعظم كلمة ان الارض يرثها عبادي الصالحون،وهذا يعني ان اليوم الموعود هو اعظم مقدس واعظم عقيدة بعد عقيدة التوحيد، وكلمة {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} والزبور لا خصوصية له ، ان تقول الآية بأن جميع الكتب السماوية وجميع الشرائع السماوية بشرت بهذا اليوم وحققت مبدأ الانتظار، اليهود ينتظرون يوماً، المسيحيون ينتظرون منقذا، البوذيون كذلك، جميع الشرائع سواء كانت سماوية او كانت انسانية جميع الشرائع تنتظر يوما لتحقيق العدالة التامة على الارض، تنتظر يوماً لاقامة الحضارة الكونية وهذا ما انبئت به الآية المباركة فهو مبدأ سماوي متغلغل في جميع الشرائع وفي جميع الملل.
نحن نجد على مر التأريخ ان اقواما كانوا ينتظرون مخلصيهم، اليهود مثلاً-بني اسرائيل- كانوا ينتظرون موسى عليه السلام لمدة طويلة حتى يأتي لتخليصهم،
جميع البشارات التي جاءت في الكتب السماوية السابقة على بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} وفي الانجيل (انجيل متى): المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وللناس احمد، وان كانت هذه حذفت في الاناجيل المتأخرة لكنها موجودة في النسخ القديمة، جميع الكتب السماوية نوح بشر بابراهيم عليه السلام وابراهيم عليه السلام دعا ربه كما في القرآن الكريم بأن يبعث في هذه الامة رسولا منهم بشر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وموسى وعيسى، جميع هذه البشارات بمقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي في الواقع بشارة للمهدي المنتظر عليه السلام، لان خاتمية دين النبي لجميع الاديان لا تتحقق إلا باليوم الموعود، النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما استطاع ان يقيم الشريعة على الارض كلها مع ان القرآن وعد بذلك حيث قال {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} والى الآن لم يتحقق ذلك، اذن خاتمية دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجميع الاديان متقومة ومنوطة بظهور الإمام، منوطة باليوم الموعود، فتبشير الكتب السماوية بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو في الواقع تبشير بظهور ذلك اليوم الموعود يوم خروج الإمام المنتظر عليه السلام.
قد يقال ايضاً بأن الامل سوف يظهر لا محالة كما بشرت الكتب السماوية وكما قال الانبياء عليهم السلام ، فلماذا الانتظار ما دام سيأتي، وله موعد وسيظهر وسيتحقق فيه الامل.
و هنا ندخل في تحليل معنى الانتظار الذي ورد في عدة نصوص عن النبي مستفيضاً، بل روته كتب الخاصة والعامة ككتاب ينابيع المودة للقندوزي،حيث روى: (افضل اعمال امتي انتظار الفرج او افضل العبادة انتظار الفرج). اقول أن هذه الرواية التي تقول: افضل اعمال امتي انتظار الفرج، كيف يتصور الذهن ان مجرد الانتظار النفسي هو افضل من الصلاة والصوم، كيف يتصور العقل ان مجرد الامل الذي يعيش في النفس افضل من سائر العبادات، لكن لهذه الرواية مداليل.
المدلول الاول هو مدلول عقائدي، المقصود بانتظار الفرج يعني الاعتقاد بأن الله يحقق اهدافه ومواعيده، الله وعد المؤمنين بالنصر {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} أن الله لا يخلف وعده لان خلف الوعد قبيح والايمان بأن الله يحقق هدف جميع الانبياء والرسل باقامة الحضارة الاسلامية الكاملة المعتمدة على العدالة التامة. المدلول الثاني للانتظار مدلول روحي، ان معنى الانتظار هو عبارة عن العبادة في مغيب الدولة الاسلامية ونقصد بها الدولة الاسلامية العامة على الارض كلها، والعبادة في فرض وفي ظرف مغيب الدولة الاسلامية عبادة مشوبة بالخوف، مشوبة بالقلق، لان ضغوط الدول الاستعمارية، ضغوط الدول الاستكبارية تحيط عبادة الانسان المسلم وممارسته لطقوسه والعبادة مع الخوف افضل من العبادة مع الامن فقد ورد في الرواية المعتبرة ان عمار الساباطي يسأل الإمام الصادق عليه السلام فيقول: (يا ابا عبد الله العبادة مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل بالسر افضل أم العبادة في ظهور الحق مع الإمام الظاهر منكم؟ قال عليه السلام : يا عمار صدقة السر افضل من صدقة العلانية). يعني العبادة في دولة الباطل مع احاطتها بالمخاوف والقلق افضل من العبادة في ظهور دولة الإمامة.
اذن معنى الانتظار بحسب مدلوله الروحي هو الاشارة الى هذا المعنى من العبادة.
المعنى الثالث للانتظار او المدلول الثالث هو المدلول التربوي، الانتظار يعني الاعداد، ولا معنى للانتظار إلا الاعداد، او امراً متقوقعاً في داخل النفس، او املاً محتجباً في داخل النفس، الانتظار اعداد، وهو كما تقول الدولة للمواطنين انتظروا زلزالاً فهل معنى هذا ان يبقى الناس في بيوتهم ويقولوا لا حول ولا قول إلا بالله فقط، او معنى الانتظار ان يستعدوا للاحتياط ولدرء مفاسد هذا الزلزال، وهو كما يقول لنا ضيف انا سآتيكم في الساعة الفلانية، هل معنى انتظار مجيء الضيف ان يبقوا بدون اعداد لوليمة وبدون اعداد لاستقباله، فمعنى الانتظار هو الاعداد، الانتظار بمدلوله التربوي هو الاعداد لذلك انما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : افضل اعمال امتي انتظار الفرج، يعني افضل اعمال امتي اعداد الامة لان تكون من انصار هذا الإمام الموعود، اعدادها ثقافياً، اعدادها سلوكياً، اعدادها روحياً، اعدادها لان تكون ارضية صالحة لاستقبال دولة الإمام ونصرة الإمام عليه السلام.
اذن نخلص الى ان هناك نوعين من الانتظار في الواقع،هناك انتظار ايجابي وهناك انتظار سلبي.
والانتظار السلبي هو ما يرتكز في اذهان بعض المسلمين انه لندع الامور تجري كما هي، لندع مثلاً المخططات المريبة لدول الكفر تنفذ مشاريعها، لندع مفاسد الاخلاقية والامراض التربوية تنتشر في مجتمعنا حتى يظهر الإمام فيخلصنا. كما ذهب البعض، فلتمتلئ الارض ظلماً وجوراً ولنساعد نحن على ذلك تعجيلاً لظهور الإمام.
وبعضهم ان قوله صلى الله عليه وآله وسلم لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلاً من اهل بيتي اسمه اسمي يملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا،أي ان الارض الى الآن لم تملأ ظلماً وجورا، اذن لابد ان نساعد على امتلاء الارض بالظلم والجور بأن نسكت ولا نمارس اي عمل دعوي او عمل ايجابي من اجل ان يستحكم الظلم والجور حتى يكون ذلك تمهيداً لظهور الإمام المنتظر عليه السلام ، فالانتظار السلبي هو ابشع صور الانتظار.
وبالتالي فان اقامة حكومة اسلامية يخالف مشاعر هؤلاء وآراءهم. لان هذا يعرقل ظهور الإمام عليه السلام حيث انه يمنع من امتلاء الارض ظلماً وجورا.
نحن نمشي مع ظواهر الادلة في الكتاب والسنّة، مثلاً عندما نأتي لقوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كيف بكم اذا فسق شبابكم وفسدت نساؤكم وتركتم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، قالوا ايحصل ذلك يا رسول الله؟ قال: بلى وترون المنكر معروفا والمعروف منكرا، لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر او يسلطن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم. كيف يمكن ان نرفع اليد عن هذه الظواهر بأن نقول لا داعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لان ذلك يعرقل خروج الإمام المنتظر عليه السلام، هذه آيات قرآنية مطلقات لا يمكن رفع اليد عن اطلاقها بمثل هذه التوهمات او بمثل هذه التصورات، مقتضى اطلاقات هذه الادلة ان نقوم بمسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ورد في تفسير سور العصر {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: (المؤمنون في عصر الغيبة في خسر إلا هؤلاء الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق)، يعني قاموا بمسؤولية نشر الحق، وتواصوا بالصبر بمعنى انهم صبروا على الطاعة ومن اشد انواع الطاعة هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة لتطبيق الحدود الشرعية ولتطبيق الاحكام الاسلامية.
اذن بالنتيجة لا يمكن لنا ان نرفع اليد عن هذه الاطلاقات في ظواهر الادلة في الكتاب والسنّة بمثل هذه التصورات، مضافا الى اننا عندما نأتي مثلاً، في رواية معتبرة لبريد العجلي يسأل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ما معناها؟ اجاب الإمام عليه السلام: قال (اصبروا على اداء الفرائض، وصابروا عدوكم) يعني في مواجهته، ورابطوا إمامكم المنتظر، كيف نرابط إمامنا، المرابطة لا معنى لها إلا الدفاع عن ثغور الكيان الاسلامي، الدفاع عن ثغور الكيان الاسلامي بتمام معناه وهناك مرابطة فكرية بأن ندافع عن الفكر الاسلامي لندحض الشبهات، هناك مرابطة سلوكية بان نقيم مسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونروجها في المجتمعات الاسلامية، فان ترويج هذه المسؤولية هو مرابطة سلوكية وتربوية وهناك مرابطة مادية وعسكرية كما يقوم به اخواننا المسلمون والمؤمنون في ارض فلسطين وغيرها، اذن المرابطة، ورابطوا إمامكم المنتظر الهدف من خروج إمامكم المنتظر هو اقامة الدولة الاسلامية العامة، والمرابطة لاجل هذه الدولة هو المحافظة على ثغور الكيان الاسلامي من الاندثار ومن التزلزل في عصر غيبة الإمام المنتظر عليه السلام، وهناك رواية معتبرة تتصل بالإمام الرضا عليه السلام عن ابيه عن آبائه عن الإمام امير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: (ليس يتم اليتيم المنقطع عن ابيه وامه باشد من يتم يتيم فقد إمامه، ولا يقدر على الوصول اليه وهو متحير في احكام دينه) ثم قال الإمام امير المؤمنين عليه السلام: (ألا كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهدى ضعفاء شيعتنا واخرجهم من ظلمة الجهل الى النور الذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيء في عرصات يوم القيامة كما يضيء الكوكب الدري لاهل الارض).
نقول ان الانتظار الايجابي وظيفة العلماء،يقول الإمام علي عليه السلام : (ألا من كان من شيعتنا عالماً بعلومنا ومعارفنا فهدى ضعفاء شيعتنا واخرجهم من ظلمة الجهل الى النور الذي حبوناه به). وظيفة العلماء وظيفة جسيمة وخطيرة في عصر الغيبة وهي الانتظار الحقيقي. الانتظار من كل شخص لحسبه، انتظار العالم ان يبث علمه، العالم من علماء آل محمد انتظاره لإمامه ان يبث وان يروج علوم آل محمد، انتظار الانسان التاجر الثري هو ان يبذل شيئاً من ثروته في سبيل انعاش الفقراء والمحتاجين او اقامة الكيانات الثقافية الاسلامية، انتظار الانسان العادي ان يربي اسرته على الالتزام والدين، انتظار من كل شخص بحسبه, فان الانتظار عبارة عن اعداد الارضية الاسلامية الصالحة لخروج الإمام المنتظر عليه السلام ، فالإمام لا يظهر في فراغ، او فجأة تمتلئ الارض ظلما وجورا فجأة يخرج الإمام فتمتلئ قسطا وعدلا، بل هناك ارهاصات واعدادات وعلامات هناك رايات اسلامية تسبقة قبل خروجه وهذه الرايات تعد الارضية لخروجه عليه السلام.
ولكن هل توجد لدينا ضوابط نصية من نصوص وروايات اهل البيت عليهم السلام في مسألة التطبيقات الخاصة بعلامات الظهور عليه السلام، وهناك من ضوابط شرعية لتحديد قادة، العلماء والمراجع العظام وايضاً اهل الخبرة بتحديد هذه الشخصيات التأريخية المذكورة على لسان الائمة كشعيب بن صالح والخراساني وغيره.
في كتاب (الإمام المهدي من الولادة الى الظهور) من تأليف علي محمد علي دخيل، يطالعك هذا الكتاب بخمسين آية من القرآن الكريم مؤولة في الإمام المهدي عليه السلام وخمسين حديثاً عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم ورد في الإمام المهدي عليه السلام . وتقرأ فيه فهرساً باسماء خمسين صحابياً وخمسين تابعياً ممن روى عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم حديثه في الإمام المهدي عليه السلام وخروجه وما يتعلق به. وتقرأ فيه كلمات لكبار العلماء والعظماء في ظهوره عليه السلام وما يتعلق به، مصادر البحث في هذا الكتاب هو القرآن الكريم والسنّة النبوية والعقل والاجماع.
ان الروايات تؤكد ان الإمام يقيم دولته بالكوفة وان اول خروج له للمواجهة، بعد ان يخرج اولاً بين الركن والمقام في مكة المكرمة ولكن هذا ليس بداية لخروج اقامة الدولة، ثم يخرج مرة اخرى في يوم عاشوراء في كربلاء المقدسة ومنها يبدأ مشروعه لاقامة الدولة الاسلامية العامة.
ورد في الرواية عن الإمام العسكري عليه السلام في تفسيره قوله تعالى {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} قال امر الله هو ظهوره عليه السلام، ظهور ولدي، اي الإمام الحجة عليه السلام، فلا تستعجلوه، نحن منهيون عن التوقيت كأن نقول في سنة كذا او بعد كذا سنة او بعد كذا يوم، وانما التطبيق عندنا من العلامات المؤكدة ظهور السفياني من دمشق، عندنا من العلامات المؤكدة ظهور الدجال من الجزيرة العربية، عندنا من العلامات المؤكدة قتل النفس الزكية اما بظهر الكوفة او بين الركن والمقام، عندنا ظهور الخراساني وظهور اليماني وهما الموكلان بتحرير القدس الشريف، هذه العلامات تطبيقها مرهون بأن نقرأ جميع الروايات، يعني لا يمكن لنا ان نأخذ رواية نطبقها على شخص يحمل بعض هذه المواصفات، لابد لنا في تطبيقها على الاشخاص وعلى الاحداث من ملاحظة مجموع الروايات واستخلاص الضوابط العامة من مجموع الروايات حتى يكون تطبيقها على بعض الموارد او على بعض الاشخاص تطبيقاً دقيقاً، لذلك ما يسأل عنه الاخ فاضل من انه هل توجد هناك ضوابط؟ نعم، الضوابط ضوابط علمية حوزوية وهي عبارة عن جمع بين الروايات الصحيحة واستخلاص من مجموع هذه الروايات الصحيحة العلامات المتواترة التي تنطبق على هذا الشخص او على هذا المورد بالذات.
عن الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المهدي منا اهل البيت يصلحه الله في ليلة.
ومعنى يصلح أمره، لا انه لم يولد، هو مولود وغائب ولكن ظهوره يحتاج الى اجتماع انصار معينين واستعداد للحظة المواجهة اللحظة الحاسمة، الاستعداد للحظة الحاسمة وهي لحظة المواجهة تحتاج الى تدخل غيبي وهذا معنى يصلحه الله في ليلة ان يصلح امر مواجهته عليه السلام.