انكار جعفر بن علي ولادة الإمام المهدي عليه السلام
الشيخ المفيد رحمه الله
يقول الشيخ المفيد في المسائل العشر:
ان المتعلق بانكار جعفر بن علي شهادة الامامية بولد لاخيه الحسن بن عليL ولد في حياته بعده،ليس بشبهة يعتمدها عاقل في ذلك, فضلا عن حجة, لاتفاق الامة على ان جعفراً لم تكن له عصمة الانبياء, فيمتنع عليه لذلك (العصمة) انكار حق ودعوى باطل, بل كان من جملة الرعية التي يجوز عليها الزلل, ويعتريها السهو, ويقع منها الغلط, ولا يؤمن منها تعمد الباطل, ويتوقع منها الضلال.
وقد نطق القرآن بما كان من اسباط يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام في ظلم اخيهم يوسف عليه السلام,والقائهم له في غيابة الجب, وتغريرهم بدمه بذلك, وبيعهم اياه بالثمن البخس, ونقضهم العهد في حراسته, وتعمدهم معصية ابيهم في ذلك وعقوقه, وادخال الهم عليه بما صنعوه باحب ولده اليه واوصلوه إلى قلبه من الغم بذلك, وتمويههم على دعواهم على الذئب أنه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم, ويمينهم بالله العظيم على براءتهم مما اقترفوه في ظلمه من الاثم, وهم لما انكروه متحققون, وببطلان ما ادعوه في امر يوسف عليه السلام عارفون.
هذا وهم اسباط النبيين, واقرب الخلق نسبا بنبي الله وخليله ابراهيم.
فما الذي ينكر ممن هو دونهم في الدنيا والدين: ان اعتمد باطلا يعلم خطؤه فيه على اليقين, ويدفع حقا قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين.
(تسفيه من استدل بقول جعفر على عدم ولادة الإمام عليه السلام)
وما ارى المتعلق في انكار وجود ولد الحسن بن علي بن محمدK, وقد قامت بينة العقل والسمع به ودل الاعتبار الصحيح على صواب معتقده, بدفع عمه لذلك مع دواعيه الظاهرة كانت اليه (الانكار), بحوز تركة اخيه دونه (المهدي), مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها (اذ هي منصب الامامة), لتعجل المنافع بها, والنهضة بمآربه عند تملكها, وبلوغ شهواته من الدنيا بحوزها, ودعوى مقامه, إلا كتعلق اهل الغفلة من الكفار في ابطال (دعوى النبوة للخاتم بـ إبطال) عمه ابي لهب صدق دعوته, وجحد الحق في نبوته, والكفر بما جاء به, ودفع رسالته, ومشاركة (بعض) ذوي نسبه من بني هاشم وبني امية لعمه في ذلك, واجتماعهم على عدواته, وتجريدهم السيف في حربه, واجتهادهم في استئصاله ومتبعيه على ملته.
هذا مع ظهور حجته, ووضوح برهانه في نبوته.
ومن صار في انكار شيء أو اثباته أو صحته وفساده إلى مثل التعلق بجعفر بن علي في جحد وجود خلف للحسن عليه السلام، سقط كلامه عند العلماء، ولم يعد في جملة الفقهاء، وكان في اعداد ذوي الجهل والسفهاء.
(السبب في عدم التعرض لجعفر)
وبعد، فان الشيعة وغيرهم ممن عني باخبار الناس، قد ذكروا اخبار اً عن احوال جعفر بن علي في حياة اخيه ابي محمد الحسن بن عليL، واسباب انكاره خلفاً له من بعده، وجحد ولد كان له في حياته، وحمل السلطان على ما سار به في مخلفيه وشيعته، لو اوردتها على وجهها لتصور الامر في ذلك على حقيقته، ولم يخف على متأمل بحاله، وعرفه على خطيئته.
لكنه يمنعني عن ذلك كثرة من يعترف بالحق من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا، ويظهر التدين بوجود ولد الحسن بن علي في حياته، ومقامه بعد وفاته) (أي الامام الحسن عليه السلام) في الامر مقامه، ويكره اضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جده، بل لا اعلم احداً من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا يظهر خلاف الامامية في وجود ابن الحسن عليهما السلام والتدين بحياته والانتظار لقيامه.