التصرف في الحقوق الشرعية ومراجعة الحاكم الشرعي
من حق المكلف أن يفعل ذلك _ان يتصرف بالحقوق الشرعية_ إذا كان من يقلده -طبق الموازين الشرعية- يفتي بعدم وجوب مراجعة الحاكم الشرعي. أما في غير ذلك فهو خروج عما أمر به الله تعالى من الرجوع لأهل العلم، وللإمام صاحب الحق عليه السلام الذي ورد عنه أنه قال: <وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله>.
والإنسان المؤمن إنما يدفع الحق من أجل أن تبرأ ذمته منه، ولا يطالب به بين يدي الله تعالى، ويأمن عقابه، وكيف يحصل على ذلك وهو يخرج به عن ميزانه الشرعي بمقتضى تقليده الذي فرضه حجة على نفسه يحاسب على ضوئه يوم يقف بين يدي الله تعالى؟! ولماذا هذا التسامح في أداء فرائض الله تعالى والخروج عن حدوده؟.
على أن في ذلك تشتيتاً للكيان الشيعي ولإمكانياته، وتسيباً في صرف الحق، حيث يتعرض للرغبات الفردية، والقناعات الشخصية التي يسهل سيطرة المتملقين عليها، وتتحكم فيها العواطف والمجاملات، حتى ينحرف به تدريجاً عن وجهه ويبعد عنه.
نعم، إذا كان صاحب الحق ذا خبرة بمصارف الحق وقدرة على صرفه فيها، أو له وجهة نظر في ذلك أمكنه التنسيق مع الحاكم الشرعي وتبادل وجهات النظر، لأن كلمته مسموعة عنده، ولاسيما بناءً على فتوانا من أن الولاية على الحق مشتركة بينهما.
وبذلك تتركز المرجعية الدينية، ويتماسك الكيان الشيعي، وتنحل كثير من الإشكالات، ونتجنب كثيراً من السلبيات والمفارقات المتوقعة (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْعَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).