دراسة في النيابة والنواب (٢)
ندى سهيل عبد محمد الحسيني
النيابة العامة: هي التي لم تحدد بالتشخيص لشخص، إنما حددت بعنوان عام ينطبق على هذا الفقيه، أو على ذاك الفقيه، فيعبر عن الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى بأنهم (نواب عامون).
- أو هي: النيابة المتمثلة بفقهاء الشيعة ومجتهديهم المؤهلين من نواحي العدالة، والأعلمية، والخبرة، ويطلق عليهم اسم (مراجع الدين)، ومفردها المرجع الديني، لرجوع الناس إليهم في أخذ الفتوى والإرشاد، ويتم وصول المجتهد إلى مرتبة المرجعية من خلال تأييد الناس والمؤسسات الدينية له. وقد بدأت النيابة العامة بعد أن انتهت نيابة النواب الأربعة.
وإن من يتولى المرجعية العامة للمسلمين في زمن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه)، لا بد أن تتوفر فيه الشروط الآتية:
١- البلوغ. ٢- العقل. ٣- العدالة. ٤- الرجولة. ٥- الاجتهاد. ٦- الحرية.
قال السيد محمد باقر الصدر (قدس سره): إن مجموعة من الشروط التي يجب أن يتوافر عليها من يتصدى لقيادة الأُمة وتولي زمام الأمر وهي: العدالة، العلم، الوعي بالواقع وما يدور به من مستجدات، وكيفية استيعاب المبادئ الإسلامية لإشكالياته المختلفة. قال تعالى: ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء﴾.
وقد ثبت منصب النيابة العامة بنصوص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحاديث الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، والإجماع والسيرة المتصلة القطعية للعلماء العاملين، والفقهاء الراشدين، فيجب على كافة المكلفين الرجوع إلى العلماء حفظة العلوم والأخبار وآثار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) العارفين بالأحكام الصادرة عنهم بالنظر والاستنباط والعقل والتدبر، ولابد للمكلفين أن يأخذوا مسائل الحلال والحرام منهم، ويرجعوا في قطع المنازعات إليهم، وكل ما يقولون هو حجة عليهم، لأنهم جمعوا شرائط الفتوى من قوة الاستنباط إلى العدالة والبلوغ.
والروايات الواردة في حقهم كثيرة وهي مذكورة في كتب الحديث والفقه، منها:
- ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم ارحم خلفائي - ثلاثاً -، فقيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الذين يأتون من بعدي، يروون حديثي وسنتي».
- ما جاء في التوقيع الشريف الصادر عن الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) على يد نائبه الثاني محمد بن عثمان العمري (رحمه الله)، قال (عجّل الله فرجه): «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليكم».
- ما روي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في حديث طويل، جاء في طرف منه: فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم.
وغير ذلك من الروايات الأخرى التي تبين أنه (عجّل الله فرجه) لم يترك المسلمين لا سيما شيعته سدى من غير مرجع ومفزع، فكان العلماء هم المرجع الوحيد لحل المشاكل التي كانت تواجه الشيعة منذ ذلك اليوم حتّى يوم الناس هذا.
هذا وإن المرجع الذي يتقلد منصب النيابة العامة عن الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) تقع عليه مسؤوليات، أهمها ما يأتي:
١ - رعاية العالم الإسلامي بجميع طوائفه وفرقه، وتفقد شؤونهم والذب عنهم إذا دهمهم عدو، وغزا أرضهم كافر.
٢ - الإنفاق على الحوزات العلمية الدينية، وتفقد جميع شؤونها الاقتصادية والعلمية والاجتماعية.
٣ - الإنفاق على الفقراء والبؤساء والمحرومين.