نقد الأفكار الهدّامة للجماعة الكاطعية
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
هناك ثلاثة أفكار مهمة وخطرة جداً وحساسة للغاية في أطروحة هذه الجماعة وهي ما يلي:
الفكرة الأولى: تسقيط علماء الدين وانحراف جميع علماء الدين الفقهاء باعتبار أنّهم غير عاملين، واعتبارهم شرّ خلق الله.
هذه الفكرة هدف جاء التأكيد عليه بشكل مكثف في كل كتابات أحمد ابن كاطع وأنصاره حتى يبدو أنّه ليس لديهم أية قضية سوى محاربة مراجع الدين وفقهاء الشريعة، أو كأنه لا خطر على الإسلام والتشيع أكبر من خطر هؤلاء، ولذا فلابد من فصل الأمّة عنهم بحجة انحرافهم وبحجة أنّهم غير معصومين. اسمع ماذا يقول: (إن أهل البيت (عليهم السلام) وضحوا حقيقة لابد للإنسان أن يعترف بها لكثرة ورود أحاديثهم (عليهم السلام) حولها وهي إن علماء زمن الظهور شرار خلق الله، وبالتحديد علماء المذهب الجعفري).
الفكرة الثانية: انحراف الشيعة انحراف جميع الشيعة - إلاّ أنصار أحمد - واستحقاقهم جميعاً للنار، وهو ما يسميه بالرسوب الجماعي عند الامتحان بظهور رسول ووصي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه). (إن الشيعة سوف تخرج من حيث لا تعلم عن خط ولاية الأئمة الأطهار (عليهم السلام). أي إن الناس بصورة عامة والشيعة بصورة خاصة استحقوا النار وفارقوا منهج أهل البيت (عليهم السلام). ثم يقول: (ونعود بعد هذا نسأل. ما هو هذا الاختبار الذي يخرج الناس عن خط الولاية ومذهب آل البيت (عليهم السلام)؟). ويقول في الجواب: (يكون امتحان واختبار في الإمام المفترض الطاعة والمنصوص عليه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكون هذه الفتنة قبل قيام القائم).
ثم يقول: (فمعشر الشيعة وهم معروفون بولاية أهل البيت (عليهم السلام) سوف يمحّصوا بإمام زمانهم إذا خرج القائم (عليه السلام) ويفارقوا المسير الذي ساروا عليه لمدة من الزمن ويستبدلهم الله بقوم آخرين بعيدين كل البعد عن مسيرة الخط الإلهي).
نقد الأفكار الهدّامة: لا نعتقد اننا بحاجة إلى نقد هذه الأفكار الهدامة والتي تتناغم تماماً مع الأفكار العدائية للدين، وهي أفكار كان يؤكدها النظام السابق وعلى رأسها معاداة علماء الدين، واتهام الشيعة. لعلنا لسنا بحاجة إلى التذكير بمدى تأكيدات أهل البيت (عليهم السلام) على الارتباط بالفقهاء، وأنهم هم الذين يمثلون النيابة العامة عن الإمام المعصوم (عليه السلام)، طبعاً مع التأكيد على العدالة والنقاء (فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أنْ يقلدوه) كما جاء عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أو الأحاديث المكرّرة في (انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا فليرتضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما بحكم الله استخف وعلينا ردّ والراد علينا الراد على الله وهو على حدّ الشرك)، أو الأحاديث التي تقول (فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
كما إننا لسنا بحاجة للتأكيد على أنّ عدم عصمة الفقهاء لا يسوّغ اتهامهم بالفسق والفجور والخيانة - كما جاء في كتابات أحمد ابن كاطع وأنصاره في مئات المواقع - كما أنّ عدم عصمتهم لا يدل على عدم وجوب طاعتهم، فإنّ الطاعة ليست مشروطة بالعصمة.
نعتقد أن هذه الأساليب مخادعة للناس، فالطاعة ثابتة في الشريعة الإسلامية في موارد عديدة. وعلى كل الأحوال نحن نعتقد أن الاتجاه نحو ضرب علماء الدين هو اتجاه يسعى له دائماً أعداء الدين والنظم المستبدة والجماعات المنحرفة، لأنّ العلماء يمثلون عصمة الأمّة وحصنها، كما قال سيدنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره): (إن المرجعية هي الحصن الواقي لكثير من أنواع الانحراف) ولا ندري كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أنْ يجعلوا أنفسهم هم المقياس في معرفة العالم العامل من غير العامل، حتى لا يبقى سوى أحمد ابن كاطع عاملاً فقط! ولننتقل إلى الحديث عن الشيعة في زمن الظهور: هل صحيح أنّهم يستحقون النار؟ هل صحيح أنهم الذين سينحرفون عن طريق أهل البيت (عليهم السلام)؟ كيف ينظر أهل البيت (عليهم السلام) إلى شيعتهم؟ أيضاً لا نريد أن نتوسع في عرض هذا الموضوع، لكن ما نريد تأكيده هو الرؤية الإيجابية لدى أهل البيت (عليهم السلام) تجاه شيعتهم، فهم الفرقة الناجية، وهم الذين قال فيهم الإمام الصادق (عليه السلام) (والله ما بعدنا غيركم وإنكم معنا في السنام الأعلى، فتنافسوا في الدرجات) وهم الذين قال فيهم أيضاً: (لا والله لا يدخل النار منكم اثنان، لا والله ولا واحد).
وأمّا عن زمن الظهور: (ومن الطريف أن أحمد ابن كاطع يفترض أنّ حركته هي التي تمثل الظهور). فإن روايات أهل البيت (عليهم السلام) تؤكد أنّ قوم آخر الزمان هم أفضل الأقوام، كما تؤكد الروايات الشريفة أن أول من يجتمع إلى إمام العصر (عجّل الله فرجه) هم الشيعة، بل تؤكد الروايات أنّ أسعد الناس بظهور صاحب العصر هم شيعة العراق، وكما تؤكد روايات أخرى أنّ زمان ظهوره هو زمان البركة والخير لشيعته وأنه (عجّل الله فرجه) يمسح على رؤوسهم.
إنّنا نفهم جيداً أنّ شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هم أهل النجاة، والفائزون بظهوره (عجّل الله فرجه) وأول الأنصار والمؤيدين له، لكنّ كلمات جماعة (أحمد الحسن) نابعة من أحقاد على جمهور الشيعة والعراقيين خاصة، وأحقاد على علماء الدين، وهي نفس الطريقة التي كان يتعامل بها صدام مع الشيعة ومع العلماء.