الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٤٥٩) شرح زيارة آل ياسين (١)
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٤٥٩) شرح زيارة آل ياسين (١)

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/١٠/١٩ المشاهدات المشاهدات: ٤٨٥٧ التعليقات التعليقات: ٠

شرح زيارة آل ياسين (١)

الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي

روي عن الشّيخ الجليل احمد بن أبي طالب الطّبرسي في كتاب (الاحتجاج) أنّه خرج من النّاحية المقدّسة إلى محمّد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى? عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى... .
تعتبر هذه الزيارة المباركة من الزيارات المشهورة التي صدرت عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلى أبي جعفر الحميري الذي كان قد استفتى الإمام (عجّل الله فرجه) في جملة مسائل، فورد الجواب متضمناً هذه الزيارة المباركة وقد تلقى علماء الطائفة واتباعها هذه النصوص بالقبول، والإقبال عليها عند التوجه لزيارة الإمام (عجّل الله فرجه) في منزله أو أي مكان آخر وقد تضمنت هذه الزيارة الشريفة جملة من المقاطع المهمة التي تتحدث عن صفات الإمام (عجّل الله فرجه) وألقابه وحالاته وعن الإقرار للأئمة (عليهم السلام) جميعاً بأنّهم حجج الله تعالى وأنهم الحق والإقرار بجملة العقائد التي ينبغي للإنسان المؤمن أن يعتقدها، وإن مصدر هذه العقائد الحقة هم أهل البيت (عليهم السلام).
والحديث شرحاً لهذه الزيارة يقع في محوريين:
المحور الأول:
في إثباتها.
والمحور الثاني: في الوقوف على مضامينها وشرح مفرداتها وما تتضمنه من أبحاث عقائدية ومن برامج تنظم علاقة الإنسان بالإمام (عجّل الله فرجه) والمنظومة العقائدية التي يؤمن بها.
المحور الأول: حيث أنّ هذه الزيارة رويت في الكتب المشهورة كـ(الاحتجاج) و(البحار) و(المزار) وغيرها...
وتلقاها العلماء بالقبول والإذعان وجرت سيرتهم على الالتزام بها وترتيلها أثناء القيام بشعيرة الزيارة للإمام الغائب (عجّل الله فرجه) وهذا يكشف عن وجود سيرة علمائية فضلاً عن سيرة أخرى ملازمة لها من قبل المؤمنين على تلقي هذه الزيارة والعمل بها، فهي وإنْ لم تكن من طريق الإثبات السندي تمر برجال ثقات في جميع سلسلة السند إلاّ أنّها من حيث المضمون متلقات بالقبول والعمل، وهذه السيرة ذات دلالة واضحة على أنّ المضامين الواردة في الزيارة مقبولة ولا تصطدم بالمنافي العقائدي أو الفقهي أو غيره، مما يعكس لنا الرضا بهذا المضمون والإمضاء له إنْ لم نقل أنّه يكشف عن الحث عليه والالتزام به، فالذي يلاحظ حالة العلماء المدققين في طرق وصول الأحاديث ويلاحظ في ذات الوقت التزامهم بهذه الزيارة أثناء أداء المراسم يطمئن إلى أنّ المضامين مقبولة ومرضية وينبغي للإنسان المؤمن أنْ يجعلها نافذة من نوافذ الارتباط مع الإمام (عجّل الله فرجه).
ولا أقل فإنّ هذه الزيارة ليست مرفوضة ولمْ يصدر بشكل واضح أو خفي أنّ هذه الزيارة الّفت على لسان الإمام (عجّل الله فرجه)، كما صدر ذلك في حق بعض الأدعية حيث شكك بعض العلماء في صدورها وانتسابها إلى الإمام (عجّل الله فرجه)، مما يشكل حالة من عدم الاطمئنان في الأخذ به بخلاف ما نحن فيه من زيارة آل ياسين حيث أنّها:
١- وردت في الكتب المشهورة.
٢- تلقاها العلماء بالقبول والعمل.
٣- لم ينعكس ألينا أي رفض لها وعدم قبول من قبل العلماء ولا غيرهم.
وبذلك نطمئن إلى حد ما بمضمون هذه الزيارة ونبدأ بالشرح لمضامينها التي تتحدث عن صفات المولى وعن ما ينبغي لنا عند التوجه به إلى الله سبحانه وتعالى من كيفية وطريقة، مستمدين العون لذلك من رعايته ومنّه فمنه وإليه هذه البضاعة المسجاة.
المحور الثاني: شرح فقرات الدعاء ونبدأ بالفقرة الأولى:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لاَ لأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِي النُّذُرِ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى? عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.
إذا أردتم التّوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى... .
من هذه الفقرة الشريفة نلتمس عدة أبحاث وأمور:
١- الكيفية التي كان يخاطب فيها الإمام (عجّل الله فرجه) أتباعه حيث ينبغي علينا أنْ تكون لنا نظرة تجاه التوقيعات الشريفة التي صدرت من الإمام (عجّل الله فرجه). لما في ذلك من بناء للثقافة المهدوية وترقية المعرفة في أساليب الخطاب الذي كان يصدر من الإمام (عجّل الله فرجه) لأتباعه.
٢- إنّ هذا الخطاب صادر من الإمام (عجّل الله فرجه) إلى مواليه وشيعته وأتباعه يعرّف فيه عن بعض خصائصه ويتحدث من خلاله عن بعض ما يجب على هؤلاء الأتباع وما ينبغي لهم القيام به.
٣- ابتداء الحديث منه (عجّل الله فرجه) بالبسملة ولا نقف مع هذه الفقرة كثيراً فإنّ الأبحاث التفسيرية والبلاغية قد تناولت ثمرات التصدير بالبسملة وشرحت ذلك بشكل وافي.
٤- قوله (عجّل الله فرجه) (لا لأمر الله تعقلون) هذه العبارة عبارة تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني، فهي وما يأتي بعدها من عبارات فيها نوع من الخطاب الشديد والعتاب القوي للاتباع ويحتمل أنّ التصدير لهذه العبارة جاء تحذيراً للاتباع والشيعة لعظم ما سيقع من غيبة طويلة يغيب فيها الإمام عن شيعته ولا يلتمس أمره، فلكي يؤمن الإمام لأتباعه مصدّات الانزلاق في الفتنة ابتدأ بخطاب لهجته العتاب والتشدد لأجل أن يعكس إليهم الحالة التي سيمرون بها، ولكي لا يقع منهم ما يخاف عليهم كما حصل بعد شهادة أبيه (عليه السلام) وتفرق بعض الاتباع عنه.
فكان من المناسب أنْ يتصدر الخطاب بهذه اللهجة ثم تلى هذا العتاب أنّ هذه الحالة التمحيصية والبلائية هي حالة حكمية اقتضتها الإرادة الإلهية وسجّلتها الآيات الكريمة التي تحدثت عن الفتنة ورغم ذلك أنّ قوماً من المؤمنين يقعون في الفتنة كل حين، قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾.
٥- قوله (عجّل الله فرجه) (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) هذه العبارة يعكس فيها الإمام (عجّل الله فرجه) آلية الابتداء في الحديث معه، وأنّه لابدّ أن يبتدأ بالسلام وأنْ يكون عاماً وشاملاً له ولأهل بيته ولجميع عباد الله الصالحين، لما في السلام من دلالة تعكس عن نفسية المخاطب للمخاطب من خطاب تودّدي يحمل في أجوائه الوئام والسلام والتقرب بخلاف ما لو كان الخطاب معراً عن السلام فإنّه لا يكشف عن نفسية المخاطب، وهذا احتمال وهناك احتمالات أخرى يمكن أنْ نلتفت إليها، وتذكر شرحاً لهذه الفقرة ولكنّنا روماً للاختصار تركناها.
٦- قوله (عجّل الله فرجه) (فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا) فإن هذه العبارة وإنْ صدرت بإرادة المتحدث، وأنّ التوجه إلى الله سبحانه وتعالى أمر اختياري إلاّ أنّ الواقع الذي تريد ان تحكيه لنا أنّ كل توجه سواء كان بقصد أو بغير قصد إلى الله سبحانه وتعالى لا يكون إلاّ عن طريق أهل البيت (عليهم السلام)، وفي نفس الوقت فإنّ هذا التوجه ليس بمعزل عن الإرادة الإلهية ونفي الغلو، وكذلك فإنّ هذا المقطع يؤكّد على أنّ سببية أهل البيت (عليهم السلام) وكونهم عنصر الفيض في عالم الوجود أمر لا ريب فيه ولاشك، فالمقطع يريد أنْ يحكي لنا انحصارية التودد إلى الله سبحانه وتعالى وسببيته بهم (عليهم السلام) وأنّ السبب المتصل بين الأرض والسماء هو (عجّل الله فرجه)، فلولا وجوده المبارك لانعدمت سائر الوجودات وتلاشت، لاقتضاء الحكمة الإلهية ليكون فيضها الدائم عن طريقه (عجّل الله فرجه) وأكدت جملة من الروايات هذا المعنى، ففي الحديث عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: (إنّما يعرف الله (عزَّ وجل) ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت، ومن لا يعرف الله (عزَّ وجل) ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنّما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً)، وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) قال: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضى الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام... أما لو أنّ رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان).

التقييم التقييم:
  ١ / ٥.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016