الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٥٠٤) تطور الحياة الاقتصادية والعلمية في دولة الإسلام العالمية
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٥٠٤) تطور الحياة الاقتصادية والعلمية في دولة الإسلام العالمية

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الدكتور محمد حسين علي الصغير تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/١٢/١١ المشاهدات المشاهدات: ٤٢٥٤ التعليقات التعليقات: ٠

تطور الحياة الاقتصادية والعلمية في دولة الإسلام العالمية

الدكتور محمد حسين علي الصغير

تتفتح أبواب السماء بخير منهمر، وتخرج الأرض أرزاقها، وتنقشع سحب الفقر والجوع، وتبرز في الأفق علائم الانتعاش الاقتصادي في ظل عدالة تفرضها إرادة السماء في دولة العدل الإلهي، فعن أبي سعيد الخدري أنّ الرسول الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم)، قال: يخرج المهدي في أمتي، يبعثه الله غياثاً للناس، تنعم الأمة، وتعيش الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً.
فالأمّة وهي تعيش أزمات الماضي ينقذها الله بالمهدي فيغيثها في الحاضر، ويتابع الله البركات وينزل الخيرات، ويهب الإمام من المال ما لا يعد عدّاً، ويعضده ما عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، أنه قال: يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده.
وهو إيحاء بكثرة المال في عصره فيكتفي بتقسيمه بين الناس دون العدّ، ويكون تقسيمه على السواء مراعاة للعدل الاجتماعي بمعاييره المثلى، فعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنه قال: إذا قام قائم أهل البيت (عليه السلام) قسم بالسوية وعدل بالرعية.
وأعطى الإمام (عجّل الله فرجه) عطاء من لا يخاف الفقر، فيقضي على ظاهرة الحرمان وعوالم الاضطهاد الاقتصادي، فعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، أنه قال عن زمن المهدي (عجّل الله فرجه): ويكون المال كدوساً، قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): يجيء الرجل إليه فيقول: يا مهدي اعطني! قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أنْ يحمل.
ولا يرفض الإمام (عجّل الله فرجه) طلب محتاج لكثرة ما في يده، ولعطفه الروحي على الناس، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) متحدثاً عن وفرة المال في عصر الإمام المهدي وكرمه (عجّل الله فرجه): والمال كدوس، فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول خذ.
ومن خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) يصف حال المسلمين في الرخاء والغنى وشهامة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ومروءته: وتخرج لهم الأرض كنوزها، ويقول القائم (عليه السلام): كلوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية... .
وعن بشر بن غالب الأسدي، وهو ينقل لنا شذرات ثمينة من إفاضات سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام) في ولاء أهل البيت (عليهم السلام) وحبهم في ذات الله أو للدنيا فحسب، يقول سيد الشهداء (عليه السلام): يا بشر بن غالب من أحبّنا لا يحبّنا إلّا لله، جئنا نحن وهو كهاتين وقدر بين سبابتيه، ومن أحبّنا لا يحبنا إلّا للدنيا، فإنّه إذا قام قائم العدل وسع عدله البر والفاجر.
ويتولى الإمام (عجّل الله فرجه) تنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما ً دقيقاً لا نظير له، فتكون الأعطيات الضخمة نصف سنوية للمسلمين، وتكون المرتبات المنظمة نصف شهرية، أو يكون التموين الغذائي بالمواد العينية نصف شهري، وبذلك يضمن الإمام (عجّل الله فرجه) إتاحة الفرص بين أيدي الناس بامتلاك أكبر كمية من المال والغذاء لسد الاحتياجات المعاشية دون انقطاع، فعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، أنه قال: كأني بدينكم هذا لا يزال مولّياً يفحص بدمه، ثم لا يرده عليكم إلا رجل منا أهل البيت (عليهم السلام)، فيعطيكم بالسنة عطاءين، ويرزقكم في الشهر رزقين... .
وإذا علمنا أن هذين العطاءين غير محدودين برقم معين، وان هذين الرزقين غير مقيدين بكمية غير مقننة في التقتير، فهما كرم غامر وسخاء مستفيض، أدركنا ما يصل إليه الإنسان المعاصر للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من الرخاء والازدهار الاقتصادي.
وتكون هذه الرفاهية في المرتبات والأرزاق عامة وشاملة، فيغني الله كلاً من فضله، حتى لا يحتاج أحد إلى أحد، ولا يقبل مؤمن من مؤمن صلة، واستغنى جميع الناس، هذا المكسب العظيم يحدثنا به المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنّه قال: إنّ قائمنا اذا قام أشرقت الأرض بنور ربها... ويطلب الرجل منكم من يصله بماله، أو يأخذ منه زكاته، فلا يجد أحداً يقبل منه ذلك، واستغنى الناس بما رزقهم الله ومن فضله.
ولا شك أنّ هذه التنظيمات الاقتصادية المثلى مما يحقق الاكتفاء الذاتي، ويضمن للإنسان حياته الحرة الكريمة، ويكون جهده وكدّه بإزاء التطور نحو الأفضل في مجالات الحياة.
ومن البديهي عادة أنّ الإنسان المتكامل الإيمان أو من هو في سبيل تكامل إيمانه، إذا توافر له الأمن والأمان وفي دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يأمن الإنسان وحده، بل تأمن الطيور في أوكارها، والسباع في غاباتها كما عليه الروايات، واستقام لديه المورد الاقتصادي بأروع صوره فإنه يتجه بمشاعره وأحاسيسه نحو الصلاح المطلق، فإذا كان ذلك الاتجاه برعاية ولي العصر وهدايته، كانت المهمة القصوى قد تحققت لديه، في بناء الشخصية على الإيمان والورع والتقوى، واتجه بكل القوى الفاعلة نحو الإنابة لله تعالى، وكان داعية جريئاً في ذات الله، واختفت الأمراض النفسية والعاهات عنه، وكان مثالاً بارزاً لما أنبأ عنه الإمام زين العابدين (عليه السلام) بقوله: إذا قام القائم أذهب الله عن كل مؤمن العاهة، وردّ إليه قوته.
علماً بأنّ الراوي لهذه الرواية هو الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر عن زين العابدين (عليهم السلام).
وفي هذا الضوء لا يكون لهذا الإنسان الذي ذهبت عاهته، وردّت إليه قوته، إلّا الاندماج الكلي في ثورة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ودولته، وهو ما تتحدث عنه الرواية عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام): إذا وقع أمرنا، وجاء (خرج) مهدينا، كان الرجل من شيعتنا أجرأ من ليث، وأمضى من سنان، يطأ عدونا برجليه، ويضربه بكفيه، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد.
وبلوغ درجة التكامل الاجتماعي توحي بهذا الأعداد وتلك الخصائص، فلا يهاب المسلم الملتزم خطراً، ولا يخفق عند النوازل، وتكون قوته مستمدة بعناية غيبية، وهو ليس بالأمر المستبعد، كما تؤكد الرواية عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، أنه قال:...لو كان ذلك (حكم المهدي وقيامه) أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلاً، وجعلت قوتكم كزبر الحديد، لو قذف بها الجبال لقلعتها، وكنتم قوام الأرض وخزنتها.
وإذا استقرت الحياة بهذا الشكل من الرفاه والقوة، يتفرغ الإنسان لبناء نفسه بالعلم الذي يسيره الإمام (عجّل الله فرجه) في الشرق والغرب، وحينئذ يكون الانتصار العلمي للإمام قائماً بذاته من خلال ما يضخه من ينابيع المعرفة الإنسانية العليا مما لا يخطر على أذهاننا اليوم، وهو مما لا يخضع لتجربة أو قياس أو معادلة، لأنه فوق المعايير المتداولة فيما بيننا، وهنا يتضاءل أمام الإمام الغرور العلمي، ويقصر عن بلوغه الحساب التقليدي، وبه نقف على حقيقة ما تكون عليه الحياة العقلية والعلمية من خلال هذا التطور المفاجئ العظيم بالشكل الذي يجعل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) رائداً جديداً في الانفتاح على الحركة العلمية الهادفة، بل نعتبره قائداً مظفراً لهذا الركب الزاحف علماً وهداية بوقت واحد، وذلك من سمات دولته العالمية الجديدة التي لم تألف البشرية أمثالها عبر التاريخ، وهنالك يبدو دور التطور العلمي الحديث في تصديق هذه المعالم البارزة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال: إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي هو بالمغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق.
وكان هذا الطرح غير وارد تصوراً وتصديقاً في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) وحتى عهد قريب إلّا تعبداً بصدق قوله (عليه السلام).
إلاّ أنّ الكشف العلمي المعاصر لأجهزة التلفزة المتطورة اثبت انّ هذا الطرح أمراً اعتيادياً، فكيف لو دعم بملحظ إعجازي.
وهذا نفسه يفسر به قول الإمام الصادق (عليه السلام) عند الظهور: لا تراه عين في وقت ظهوره إلّا رأته ألف عين، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه.
وكذلك الرواية القائلة: فلا يبقى أهل بلد إلّا وهم يظنون أنه معهم.
وهكذا إذا نودي باسم المهدي (عجّل الله فرجه)، فيسمع ذلك كل قوم بلغتهم، فإن أجهزة الترجمة الفورية تكون بإزاء وظيفتها العاجلة بترجمة النداء، فعن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال: ينادي مناد باسم القائم. قلت: خاص أو عام؟ قال (عليه السلام): عام يسمع كل قوم بلسانهم.
وقد يكون ذلك آية سماوية على سبيل الإعجاز، ولا مانع منه، فيقترن التطور العلمي، بالإيحاء الإعجازي، وتبدو الحقيقة واضحة المعالم في عاملين فني وروحي، فتتلاشى الشبهات.

التقييم التقييم:
  ١ / ٤.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016