قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مجمع عليها
الشيخ علي الدهنين
إنّ قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وظهوره في آخر الزمان من القضايا الواضحة التي أجمع عليها علماء الإسلام كافة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، مستمدين إجماعهم مما توافر عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيها، مما لا يدع مجالاً للشك ولا يتسنى لأحد الإنكار أو المناقشة فيه، مع نقطة خلاف واحدة بينهم وهي ولادته (عجّل الله فرجه) ونسبه الشريف.
فقد أجمع المسلمون الإمامية الاثنا عشرية على أنّ المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد كانت ولادته المباركة أواسط القرن الثالث الهجري، وهو الابن الوحيد للإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، وأنه حي موجود بين ظهرانينا إلى أن يأذن الله تعالى في ظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
بينما أنكر الجمهور من غير الإمامية ولادته وحياته، مع اعتراف الكثير منهم بوجود ولد للإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، (وأنه أبو القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن الله آتاه فيها الحكمة، ويسمى أبو القاسم المنتظر) كما صرح بذلك ابن حجر في الصواعق المحرقة وغيره.
ولقد اتسمت فكرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لدى الإمامية بالأصالة والعمق، وذلك من خلال ارتباطها الوثيق بنظرية الإمامة الإلهية عندهم، وما يحوطها من حجة واضحة وبرهان ساطع، وليست هذه الفكرة وليدة العصور المتأخرة أو أنها نشأت من فراغ مفروض لدى شيعة أهل البيت (عليهم السلام) كما يتصور ذلك البعض، بل إنها فكرة يمتد تاريخها إلى عصر الرسالة المجيد، وكما أكدته النصوص المتكاثرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم عدل القرآن الكريم، وهم والكتاب عدلان لا يفترقان حتى يردا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ولم تسلم هذه الفكرة - على قوتها وأصالتها - من شبهات تحوم حولها، كما لم يغفل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ذلك، بل تنبأت به النصوص عنهم، وأكدوه لشيعتهم وحذروا منه أصحابهم وخاصتهم في عشرات من النصوص منها:
ما رواه الكليني:
عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال: «إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله (عزَّ وجلَّ) امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه».