الرجعة وشهادة الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه)
الشيخ أيوب الحائري
بعد أنْ تحقّق دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أهدافها، وبعد أنْ ينجز الإمام (عجّل الله فرجه) كل المهام المأمور إلهياً بإنجازها؛ يتوفّاه الله تعالى بالأجل المحدد، ويدركه الموت الذي لابد منه، إمّا بالسمّ أو بالقتل؛ فإنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يشمله هذا الحديث: «ما منّا إلّا مسموم أو مقتول».
وبعد أنْ يغيب القمر الثاني عشر والأخير من أقمار أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، تزول دولة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عملياً، وستنتهي الحياة الدنيا، وتبدأ دورة الحياة العليا، وهي الحياة الأبدية، ولا يعلم تفصيل ذلك إلّا الله تعالى.
ولمّا كان من جملة معتقدات الشيعة أنّ الإمام المعصوم لا يغسّله ولا يصلّي عليه إلّا الإمام المعصوم، فمن يغسّل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويصلّي عليه؟
إنّ الأحاديث والزيارات تصرّح برجعة بعض الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، وأول من يرجع منهم هو الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث يقوم بتجهيز الإمام والصلاة عليه ودفنه، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «فيكون الحسين (عليه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته»، كما تصرّح الروايات برجعة بعض الأنبياء والأولياء والمؤمنين، ولو بصورة محدودة وبمهمة خاصة.
وتعني الرجعة: أنّ الله سبحانه وتعالى سيعيد أشخاصاً من الأموات إلى الدنيا، وأنّ هؤلاء على قسمين: مَنْ مُحضَ الإيمان محضاً في حياته الأولى، ومن كان قد محض الكفر محضاً فيها، ثم يديل الله سبحانه وتعالى المحقّين من المبطلين، والمظلومين من الظالمين، وأنّ ذلك سيحدث لدى قيام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت.
وهنالك من فسّر الرجعة بأنّها تعني رجعة الحقّ إلى نصابه، وذلك على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
والرأي الأوّل هو الشائع بين الإمامية أخذاً بما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام).
ومن الزيارات المأثورة المروية عن الأئمة (عليهم السلام) التي فيها التصريح بالرجعة، هي (الزيارة الجامعة الكبيرة) المروية عن الإمام الهادي (عليه السلام)، وهي من أفضل الزيارات التي يزار بها كل إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وفيها تقول: «... مؤمن بإيابكم، مصدّق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم...».
وفي زيارة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) المعروفة بـ(زيارة آل ياسين)، والتي صدرت من ناحيته المقدسة، أيضاً نقول: «وإنّ رجعتكم حق لا ريب فيها»، ولقد أراد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من شيعته بأنْ يزوروه بهذه الزيارة، (أي: زيارة آل ياسين) ثم يدعون له عقيبها بالدعاء المبارك، الذي فيه الدعاء له بالتعجيل في الظهور والنصر له على الأعداء.