الروايات حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
السيد عبد الحسين دستغيب
فيما يتعلق بالمواضيع الدينية قلّما وجدنا هناك موضوعاً مطروحاً على نطاق واسع، وذكرت حوله الكثير من الأحاديث وروايات الأئمة (عليهم السلام)، كموضوع إثبات وجود الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) وظهوره في آخر الزمان.
فهناك أكثر من ألف حديث نقله الشيعة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهناك أكثر من ذلك من الأحاديث المنقولة عن طريق أهل السنّة، حيث قام بعض علماء أهل السنة بتدوين كتب في هذا المجال، بينهم محمد بن طلحة الشافعي في كتابه (البيان في أخبار آخر الزمان وإمام العصر)، وكتاب (الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي، وأيضاً كتاب (تذكرة الأئمة)، وغيرها من الكتب، وفيها روايات عديدة نقلها هؤلاء، ونشير فيما يلي إلى بعضها:
إنّ الحديث الشريف الذي ينقله معظم رواة الحديث من أهل السنة هو أنّ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: لو لم يبق من عمر الدنيا إلّا يوم واحد، لأطال الله ذلك اليوم حتى يظهر فيه شخص من ولدي، اسمه اسمي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
وهناك حديث آخر معتبر عند أهل العامّة يقول: (كيف أنتم وعيسى بن مريم (عليه السلام) فيكم وإمامكم بينكم)؟ وهذا الحديث وارد في العديد من الكتب.
إنّ من بين الأمور المؤكدة في زمن ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) نزول عيسى (عليه السلام) من السماء، حيث يسير في ركب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويصلّي خلفه.
ويروى أنّ الكثير من النصارى يعتنقون الإسلام بعد هذا الحادث، لأنّهم يشاهدون نبيهم يصلي خلف إمام المسلمين.
ومن جملة ما يروى عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي (عليه السلام) هو من أولاد الحسين (عليه السلام)».
ويروى عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً أنّه قال: «إنّ المهدي (عليه السلام) هو تاسع أبناء الحسين (عليه السلام) وستكون له غيبتين: الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى، وفي زمن الغيبة الكبرى تملأ الأرض ظلماً وجوراً.
وعندما يظهر (عليه السلام) تظهر سحابة فوق رأسه وهي تنادي: هذا هو المهدي الموعود، حيث لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن وتقيّ».
والنقطة التي أُشير إليها في الروايات الخاصة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هي إقامة العدالة العالمية على يد الإمام، بعد أنْ يسود الظلم كافة أرجاء المعمورة. ويقال: في زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يصبح بإمكان المرأة الشابة الجميلة أنْ تحمل معها علبة مجوهراتها وتتوجه من الشام إلى بغداد، دون أنْ يتعرض لها ولمجوهراتها أي إنسان.
إلى هذا الحد يسود العدل والأمان، بحيث لا يجرؤ سارق على النظر إلى امرأة أخرى نظرة مشبوهة، جميع الناس يصبحون عادلين.
وهناك تعبير لطيف في هذا المجال يقول: (في زمن ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) يعيش الذئب والحمل جنباً إلى جنب).
أمّا أولئك الكذابون الذين ادَّعوا المهدوية، وأولئك البسطاء من الناس الذين انخدعوا بهؤلاء الكذابين، فكلهم قد افتضح أمرهم.
أولئك الذين ادّعوا مثل هذه الادِّعاءات الواهية، نقول لهم وقعت بعد دعواكم حربان عالميتان ذهب ضحيتهما الملايين من الأشخاص دون مبرر، والملايين أصبحوا معاقين، والكثيرون شرّدوا من ديارهم، وأموال كثيرة ذهبت هدراً، ونواميس وأعراض هتكت واستبيحت، وكل هذا الظلم وهذه الجرائم التي تزداد يوماً بعد يوم، كل هذه الأمور ألا تفضح ادِّعاءات هؤلاء الأدعياء الدجالين؟
إنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الذي تتحدث عنه معظم الروايات على أنّه يقيم العدل ويطيح بالظلم، لم يظهر بعد.
وفي قضية إثبات وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فإنّ الكتب التي ألّفها علماء أهل السنّة في هذا المجال كثيرة، ومنها كتاب (الفصول المهمة) و(تذكرة الأئمة) وغيرها من الكتب حول صاحب الزمان ومعجزاته، والذين كان لهم شرف اللقاء به.
وكان هناك أشخاص كثيرون التقوا بالإمام (عجّل الله فرجه) منذ ولادته وحتى الآن، من أمثال المقدس الأردبيلي والسيد بحر العلوم، وهما من أزهد وأتقى وأعدل أهل زمانهم، وأنّ ما تذكره هذه الكتب لا يعدو كونه قطرة في بحر، وهناك أشخاص آخرون كثيرون هنا وهناك التقوا بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وتشرفوا بزيارته، وهؤلاء لا يعلمهم إلّا الله، والقصص في هذا كثيرة.
وهناك الكثيرون ممن تشرفوا بلقاء الإمام (عجّل الله فرجه)، ويشير المرحوم (حاجي نوري) في كتاب (النجم الثاقب) إلى عدد من هذه المعجزات واللقاءات التي تمت مع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
وكذلك ما ذكر في المجلد الثالث عشر من (بحار الأنوار) وكتاب (دار السلام).
كما أنّ المرحوم (نهاوندي) قام مؤخراً بتدوين قصص بعض الصالحين الذي تشرفوا بلقاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).