العقيدة المهدوية في عصر الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (٤)
السيد محمد القبانجي
لم يغفل الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) عن الجانب الروحي في العقيدة المهدوية وضرورة الارتباط القلبي مع مهدي الأُمم (عجّل الله فرجه)، وذلك من خلال الدعاء له والتوجّه إلى الله (عزَّ وجل) بحفظه، لذلك نجد ورود أدعية كثيرة عنه (عليه السلام) تربط الإنسان المنتظِر بإمامة الغائب ليزيد من البعد المعرفي عنده، فالإيمان ليس مجرَّد معلومات مالم تتركَّز في القلب وتؤمن به الجوانح ويعيش المنتظِر حلاوة الانتظار ومرارة الفراق ليعطيه دافعاً قويَّاً على الصمود أمام البلاءات والمحن.
كما لم يغفل الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ربط العقيدة المهدوية - وكما ذكرنا سابقاً - بالمحورية العقائدية الكلّية والتي تشمل أهل البيت (عليهم السلام) ككلّ لا يمكن أن يتجزَّأ، وأوضح مثال على ذلك رواية علي بن مهزيار، قال: سمعت مولاي موسى بن جعفر (عليه السلام) يدعو بهذا الدعاء: اللّهمّ وقد أصبحت في يومي هذا لا ثقة لي ولا ملجأ ولا ملتجأ غير من توسَّلت بهم إليك من آل رسولك صلّى الله عليه وعلى أمير المؤمنين وعلى سيّدتي فاطمة الزهراء والحسن والحسين والأئمّة من ولدهم والحجَّة المستورة من ذرّيتهم المرجو للأُمَّة من بعدهم وخيرتك (عليه وعليهم السلام)... .
وكان من دعائه له، قوله (عليه السلام): ...أسألك باسمك المخزون المكنون الحيّ القيّوم الذي لا يخيب من سألك به أنْ تُصلّي على محمّد وآله وأنْ تعجِّل فرج المنتقم لك من أعدائك وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام. اللّهمّ عجِّل فرج قائمهم بأمرك، بهم أتولّى ومن أعدائهم أتبرأ.
وقوله (عليه السلام): ...اللّهمّ فإنّا قد تمسَّكنا بهم فارزقنا شفاعتهم حين يقول الخائبون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم، واجعلنا من الصادقين المصدَّقين لهم، المنتظرين لأيّامهم، الناظرين إلى شفاعتهم، ولا تضلّنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنَّك أنت الوهاب آمين رب العالمين.
فمن خلال هذه المحاور الثلاثة أرسى الإمام الكاظم (عليه السلام) أُسس الإمامة الإثني عشـرية، ورسَّخ العقيدة المهدية في القلوب وبوضوح تامّ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.