الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وأهداف مواجهة الإرهاب
محمد عيدان العبادي
تمهيد:
وجود الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) على رأس قيادة المواجهة ضد الإرهاب ومكافحته يجعل الأهداف سامية وجليلة القدر، بحيث أنها تعود بالنفع على جميع الإنسانية.
والأهداف التي يتوخاها الإمام (عجّل الله فرجه) لا بد أنها تحمل معاني كثيرة مثل الاستقرار، والطمأنينة، والاستقامة، والخير للبشرية جمعاء.
وفيما يلي عرض للأهداف التي يبتغيها الإمام (عجّل الله فرجه) من وراء المواجهة:
١- إنهاء الظلم والإرهاب:
يصل الظلم إلى كل مكان بعد أن ارتقى الظلمة عروش التسلط، ويرتقون في تطبيق أساليب الإرهاب (لا يخرج المهدي (عجّل الله فرجه) حتى يرقى الظلمة) ويمارسون فنوناً من التخويف على هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم.
ولهذا يبعث الإمام (عجّل الله فرجه) لإنهاء الإرهاب الذي تأسست عليه عروش الظالمين ﴿فَقُطِعَ دَابِر الْقَوْم الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بعد أنْ عملوا ليلاً ونهاراً لتسريب الخوف إلى صدور الناس بأعمال القوة الممزوجة بالظلم والقهر.
نعم الإمام يبعث لإنقاذ الناس من الظلم والإرهاب الذي يصول ويجول دون هوادة أو رحمة (وأنقذ به عبادك المؤمنين من الذل، وأنعش به البلاد، واقتل به جبابرة الكفر، واقصم به رؤوس الضلالة، وأذلل به الجبارين والكافرين، وأبر به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الأرض ومغاربه، وبرها وبحره، وسهلها وجبله، حتى لا تدع منهم ديار، ولا تبقي لهم آثاراً).
إن طريقة إنهاء الظلم، وفروعه قائمة على التشخيص، وليس على الخلط والأخذ الأعمى كما يفعل الظالمون (لو قام قائمنا (عليه السلام) أعطاه الله السيما فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثم تخبط بالسيف خبطاً).
فالإمام (عجّل الله فرجه) بظهوره يوقف التجاوزات والانحرافات، ويقضي على عوامل ومصادر الظلم والخوف التي تصدّرها إلى نفوس الناس.
هو السيد المهدي من آل أحمد
هو الصارم الهندي حين يبيدُ
هو الشمس يجلو كل غم وظلمة
هو الوابل الوسمي حين يجودُ
٢- هداية الناس:
التخبط الذي يعيشه الناس قبل فجر الفرج يعد مؤشراً واضحاً على مدى عدول الناس عن الصراط المستقيم، وإتباعهم طرائق قدداً.
وهنا يتجلى الهدف عندما يأتي الإمام (عجّل الله فرجه) ليقوم بهداية الناس - بأدلة محسوسة وملموسة - إلى الجادة الوسطى (إنّما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي إلى أمر قد خفي، ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكية).
والهداية التي طويت ودثرت قائمة على ركيزتين:
الركيزة الأولى: الطاعة والاتباع للإمام (عجّل الله فرجه) ومعرفة حقه ومحله، ليتسنى بعد ذلك الاتباع والاقتداء (فاسلك بنا على يديه منهاج الهدى والمحجة العظمى).
الركيزة الثانية: إتباع منهج الاعتدال والاتزان (اللهم اسلك بنا على يديه منهاج الهدى والمحجة العظمى، والطريقة الوسطى التي يرجع إليها الغالي ويلحق بها التالي).
منهج الوسطية يمثل المنفذ السليم للخروج من نفق الضلال (اليمين والشمال مضلةٌ، والطريق الوسطي هي الجادة، عليها باقي الكتاب وآثار النبوة، ومنها منفذ السنّة، واليها مصير العاقبة).
وعند توفر هاتين الركيزتين تتحقق الهداية المرتقبة التي عرف عنها الناس بعد خفائها وتغييبها عنهم (هداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور، وإنما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي إلى أمر قد ضلوا عنه)، (إنما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي لأمر خفي، يهدي لما في صدور الناس).
وبعد عودة الهداية المقصاة إلى حلبة الحياة يتسنى بناء المجتمع الفاضل الذي سيعيش حقيقة وواقعاً كل التطلعات والآمال التي نشدها المؤمنون عبر مسيرة التأريخ.
٣- الإحياء والتجديد:
هذا الهدف عبارة عن تبديل حياة الناس جملة وتفصيلاً (السلام عليك يا محيي معالم الدين وأهله)
لكن الذي يؤاخذنا في المقام إن عملية الإحياء والتجديد شاقة، فكيف يتسنى هذا الأمر؟
إن وظيفة العملية التي سيقوم بها الإمام (عجّل الله فرجه) في هذا الهدف هي أنه سيصنع ويتبع نفس الطريقة التي كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد صدع بها في مكة وشعابه، (عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (سألته عن سيرة المهدي (عليه السلام) فكيف سيرته؟ فقال: يصنع كما صنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أمر الجاهلية، ويستأنف الإسلام جديداً).
سيأتي الإمام (عجّل الله فرجه) بعلاقات جديدة. ومحتويات أشياء جديدة، ولهذا سيعود الإسلام غريباً كما في الرواية، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود الإسلام غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء).
وبما أن الناس قد هجروا الإسلام، وفروا إلى أحكام قد نسجتها أفكارهم واجتهاداتهم القاصرة، فقد أصبح الإسلام معطلاً لا يعمل به وضاعت معالمه الحقيقة سيما تلك التي بينها الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وسار بها في الناس.
إن غربة الإسلام هي غربة ناتجة عن التخلي عن أحكامه، والإمام (عجّل الله فرجه) يأتي لاستئناف ما تخلى عنه الناس (وجدد ما امتحى من دينك، وأصلح به ما بُدل من حكمك، وغير من سنّتك، حتى يعود دينك به وعلى يديه غضاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة معه).
وسوف تحمل دعوة الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) للناس جنبتين:
الجنبة الأولى: هي الرجوع والعودة إلى الله والعمل بكتابه وإحياء سنة نبيه الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلم).
الجنبة الثانية: هي إماتة الباطل والبدع ورفضها ولفظها. (ادعوكم إلى الله، وإلى رسوله والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سنّته).
إذن الإحياء والتجديد سيشمل معالم الدين والناس؛ الدين بتجديد أحكامه، وما بدل وغير من سنة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، والناس بما محي وغاب عنهم علمه وفهمه، وما دخل فيهم من الباطل (فيصلح الله به كل من فسد قلبه، ويستنقذ الله به أهل الإيمان، ويحيي الله به أهل السنّة، ويطفئ به نيران البدعة).