الانتظار الإيجابي عند شيعة الجزيرة العربية
مجتبى السادة
إنّ الانتظار الايجابي للإمام (عجّل الله فرجه) يبعث الأمل والتفاؤل في النفس، ويخلق لدى الإنسان الاستعداد النفسي للقاء الإمام وتحمّل الصعاب في ســبيل ذلك، ولهذا نجد أن شيعة الجزيرة العربية حاليا وبمذاهبهم كافة (اثني عشــرية, إسماعيلية وزيدية) وبالخصوص الشيعة الاثنا عشرية منهم يتحمّلون مرارة الوضع القائم والظلم السائد عليهم، ومغذّي الصبر لديهم في ذلك هو إدراكهم حقيقة المستقبل وقرب الفرج القادم، فترتفع لديهم روحيّة الإيمان بالقضية المهدوية, ويرتفع لديهم كذلك مستوى الثقافة المهدوية وانتشارها بين أطياف المجتمع الشيعي، وتتميّز ثقافتهم بأصالتها وخلّوها من الشوائب المعكّرة.
إنّ جل اهتمام شيعة المنطقة حالياً يتمثل في حفظ العقيدة (التمسك بأهل البيت (عليهم السلام)) بين أفراد المجتمع الشيعي ومجابهة محاولات الأعداء النيل منها في نفوسهم ومعتقداتهم، وبسبب الوعي الثقافي الأصيل والمنبع الفكري السليم وجهد المؤمنين، فإنّنا لا نجد أحداً من شيعة المنطقة يتخلّى عن مذهبه وعقيدته، والعكس صحيح بالرغم من هجمات الأعداء المكثّفة والمستمرة وعلى الصعد كافة.
من جانب آخر نجد أنّ ارتفاع مستوى الوعي الثقافي لدى افراد المجتمع الشيعي (الاثني عشرية) في المنطقة وانطلاقاً من معرفة علامات الظهور يبعث لديهم حسّ مراقبة ومتابعة الأحداث، مما يخلق لديهم معرفة برايات الحق والهدى، ومعرفة برايات الضلال والانحراف في عصور الفتنة ومراحل الانتظار، وشاهدنا على ذلك انّه لم نجد أحداً من شيعة المنطقة قد تورّط مع جهيمان العتيبي (مثلاً في حركته وادّعائه للمهدوية في مكة عام ١٤٠٠هـ) وذلك لمعرفتهم بحقائق الأمور وتحصنهم من أحداث المستقبل قبل أنْ يتورطوا بالحوادث والعوامل الانحرافية على ارض الواقع.
إضافة إلى ذلك فإنّ تطلّعهم للأمور ومراقبتهم للأحداث السياسية الجارية في المنطقة حاليا وبشكل قوي يبعث لديهم الأمل في ما يواجههم في المستقبل من احداث ومشاكل، فمن جهة يتحذّر الشيعة من رايات الضلال والانحرافات العقائدية قبل الظهور، ومن جهة أخرى تستبشر الطائفة خيرا بخروج رايات تدعو إلى الهدى والحق، وهنا تتجسد لديهم أهداف الثقافة المهدوية بأبعادها التربوية.