الصيحة السماوية
السيد ضياء الخباز
لقد تحدّثت الروايات الشريفة عن خمس خصوصيات للصيحة، نشير إليها:
الخصوصية الأولى: حقيقة الصيحة:
ففي الصحيح عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعت رجلاً من همدان يقول له: إنّ هؤلاء العامة يعيّرونا، ويقولون لنا: إنكم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئاً فغضب وجلس، ثم قال: «لا ترووه عنّي، وارووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إنّ ذلك في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) لبيِّن، حيث يقول: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعينَ﴾، فلا يبقى في الأرض يومئذٍ أحد إلّا خضع وذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنّ الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته».
وفي (صحيح أبي حمزة الثمالي) أنه سأل الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: فقلت له: كيف يكون ذلك النداء؟ قال: «ينادي منادٍ من السماء أول النهار: ألا إنّ الحق في علي وشيعته، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار: ألا إنّ الحق في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون».
وفي الخبر عن الإمام الباقر (عليه السلام): «وعلامة ذلك أنه ينادى باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها وأخاها على الخروج».
وغير ذلك من الروايات، التي يُستفاد منها أنّ الصيحة تتم بذكر القائم (عجّل الله فرجه) والتصريح بأنّ الحق مع علي (عليه السلام) وشيعته.
الخصوصية الثانية: شخص الصائح:
المُستفاد من خبر أبي بصير (رحمه الله) أنّ المنادي السماوي هو جبرئيل (عليه السلام)، فقد روى عن الإمام الباقر (عليه السلام): «الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان، لأنّ شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق، ثم قال: ينادي منادٍ من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإن الصوت الأول هو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)».
الخصوصية الثالثة: وقت الصيحة:
وُيستفاد من صحيحة الحارث بن المغيرة أنه في ليلة القدر المباركة في شهر رمضان المبارك، فعنه عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان».
الخصوصية الرابعة: لسان الصيحة ولغتها:
ففي صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام)»، قلت: خاص أو عام ؟ قال: «عام، يسمع كل قوم بلسانهم»، قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي باسمه؟ قال: «لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل ويشكك الناس».
وهذه الرواية نصٌ في أنّ الصيحة عامةٌ لكل ناس، فيسمعها كل قوم بلسانهم، ولكن جرت السنّة الإلهية على تمحيص الخلق وغربلتهم حتى يصفو وينجو منهم الخُلّص، فيكون نداء آخر لإبليس ليلبس به على الناس، ولكن المؤمنين على بصيرة من أمرهم، ويعلمون من أئمتهم أنّ الحق مع النداء الأوّل فيتّبعونه.
الخصوصية الخامسة: الاختبار بالصيحة:
فقد تقدّم في الأخبار السابقة وجود نداءين، النداء الأول سماوي ينادى فيه باسم القائم وأنّ الحق مع علي وشيعته، والثاني أرضي إبليسي، وقد أمرنا باتّباع الأول للنجاة من هذه الفتنة، والظفر في هذا الاختبار.
ولا بأس بالتنبيه على أنّ ما ذُكر من فرق بين عنوانَي النداء والصيحة الواردين في الروايات الشريفة محلّ نظر؛ إذ الظاهر من الروايات الشريفة أنهما علامة واحدة.