الأثر الوضعي للتقصير في حق الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
السيد محمد القبانجي
مما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى أودع في الأحكام حِكَماً ومصالح تتناسب معها، بل يصح القول إن الحكم الإلهي خاضع بل ناتج عن المصلحة والمفسدة فيه، ويختلف الحكم شدة وضعفاً باختلاف المصلحة والمفسدة، فيكون واجباً أو حراماً إذا كانت المصلحة أو المفسدة ملزمتين، ويكون مستحباً أو مكروهاً إذا لم تكونا كذلك، ويقيننا بذلك تابع لمعرفتنا بحكمة الشارع المقدس، وأنه لا يأمر بشيء إلّا وفيه مصلحة وفائدة باعثة على الأمر، ولا ينهى عن شيء إلّا وفيه مفسدة كذلك، ولا فرق بين المصلحة والمفسدة النوعية أو الفردية، فالحكم الشرعي قد تكون فيه مصلحة ملزمة لنوع المكلفين فيكون عاماً وقد تكون المصلحة للمكلف الفرد فقط فيكون الحكم خاصاً، ومن الطبيعي إمكانية اجتماع الأمرين معاً، أي المصلحة العامة والخاصة.
وقد بيَّن الشارع المقدس بعض الآثار الوضعية سواءً على صعيد الطاعة أو على صعيد المعصية، وقد كتب علماؤنا في ذلك الكثير كما يتأكد ذلك في دعاء كميل حيث يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء...».
وفي هذه الومضة المهدوية نحاول الإشارة إلى الأثر الوضعي للتقصير في حق الإمام (عجّل الله فرجه) أو الانقياد إليه.
وقد أثبتت الروايات الكثير من الآثار في هذا أيضاً، فقد جعل حب أمير المؤمنين (عليه السلام) ميزاناً لطهارة المولد.
حيث جاء في الحديث الشريف: «لا يبغضك يا علي إلّا ابن زنا أو ابن حيضة أو منافق»، وكما جاء في زيارة الجامعة: «وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا».
وفي هذا الصدد نذكر الرواية الآتية وينبغي أن يجعلها المنتظِر نصب عينيه دائماً وأبداً، لتكون مدعاة للإخلاص في العمل والمثابرة، خصوصاً لمن وضع نفسه في خدمة المشروع المهدوي بشكل مباشر، والرواية هي: وكما جاء في كتاب الخرائج والجرائح: روي أن أبا محمد الدَّعلجي كان له ولدان وكان من أخيار أصحابنا، وكان قد سمع الأحاديث وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن...، وله ولد آخر يسلك مسالك الأحداث في الإجرام (فعل الحرام)، ودُفع إلى أبي محمد حَجَّةٌ يحجُّ بها عن صاحب الزمان (عليه السلام) وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذٍ.
فدفع شيئاً منها إلى ابنه المذكور بالفساد وخرج إلى الحج، فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفاً بالموقف فرأى إلى جانبه شابّاً حسن الوجه أسمر اللون، بذؤابتين مقبلاً على شأنه في الابتهال والدعاء والتضرع وحسن العمل، فلما قرب نفرُ الناس التفت إليّ فَقال: (يا شيخ أما تستحي؟).
فقلت: من أي شيء يا سيدي؟ قال: يُدفع إليك حَجَّة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر، يوشك أن تذهب عينك هذه وأومأ إلى عيني، وأما (أنا) من ذلك إلى الآن على وجل ومخافة؟
وسمع أبو عبد الله محمد بن النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت.
فانظر إلى الأثر السيء الذي حصل عليه هذا الموالي المنتظر لمولاه مع أن عمله كان أمراً شخصياً وجزئياً لكنه قصّر في أدائه بشكل صحيح وجيد، فكيف إذا كانت أعمالنا السيئة كثيرة في حقه (عجّل الله فرجه)؟
نسأله تعالى أن يرزقنا سلامة البصر والبصيرة.