الأمن العالمي قبل الظهور
الشيخ نجم الدين الطبسي
إنه من المعلوم أن الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) يظهر ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت جوراً وظلماً. ومن صور الظلم والجور تلك، عدم توفر الأمن على هذه الأرض، وذلك على أثر عدوان القوى الكبرى وتضييقها على العالم وعلى الشعوب الضعيفة، إلى حد أن الناس لا يبقى لديهم حق التنفس، أي أنهم يبلغون في ذلك حد الضيق كما ورد ذلك عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أحاديثه الشريفة. يصور النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك بقوله: «يوشك أن تداعى عليكم الأُمم كما تداعى القوم إلى قصعتهم». قيل: من قلة؟ قال: «لا ولكنه غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم بحبكم الدنيا وكراهتكم الموت».
ولكن الجرائم التي تحصل قبيل ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أكثر الجرائم التي يمكن تصورها وحشية كبقر بطون النساء - وغلي الأطفال في المراجل ونشرهم بالمناشير، وغير ذلك، حتى أن الرجل يتمنى الموت من غير فقر.
وقد أكد النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه ينزل في آخر الزمان بلاء شديد، ولا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم. كما ورد عن باقر آل محمد (عليهم السلام): «إن الإمام لا يقوم إلّا على خوف شديد وطاعون...».
إذن، قبل ظهوره (عجّل الله فرجه) حرب وقتل ينتشران في كل مكان، حروب متتالية ومرض وطاعون، واستحلال للدماء والأموال والفروج، فتن صمّاء، عمياء مطبقة تمور مور السفينة في البحر، تطير بالشام، وتغشى العراق، وتخبط الجزيرة يدها ورجلها، يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم، لا ترفع من ناحية إلّا انفتقت من ناحية أخرى.
وقد ورد عن آل بيت النبوة (عليهم السلام): قدام هذا الأمر [أي الظهور المبارك] قتل بيوح [أي دائم لا يفتر، أو قتل فظيع وموت سريع وطاعون شنيع]، فهو إمّا قتل بفعل البشر، أو موت بمشيئة القدر، فهي حرب ضارية وأمراض فتاكة معدية وحتى ينادي منادٍ من السماء: أن أميركم فلان- أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) -.