سؤاله عن بعض الشيعة الذين لا يقولون بالرجعة؟
قال المفضل: يا مولاي إن من شيعتكم من لا يقول برجعتكم؟
فقال عليه السلام: إنما سمعوا قول جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن سائر الأئمة نقول: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾(١) ,قال الصادق عليه السلام: العذاب الأدنى عذاب الرجعة، والعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾(٢).
قال المفضل: يا مولاي نحن نعلم أنكم اختيار الله في قوله تعالى: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾(٣) وقوله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾(٤) وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(٥).
قال الصادق عليه السلام: يا مفضل فأين نحن في هذه الآية؟
قال المفضل: فو الله ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾(٦).
وقوله: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾(٧).
وقوله: عن إبراهيم﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾(٨).
وقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ما عبدا صنما ولا وثنا ولا أشركا بالله طرفة عين.
وقوله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾(٩) والعهد عهد الإمامة لا يناله ظالم.
قال عليه السلام: يا مفضل وما علمك بأن الظالم لا ينال عهد الإمامة؟
قال المفضل: يا مولاي لا تمتحني بما لا طاقة لي به، ولا تختبرني ولا تبتلني، فمن علمكم علمت ومن فضل الله عليكم أخذت.
قال الصادق عليه السلام: صدقت يا مفضل ولولا اعترافك بنعمة الله عليك في ذلك لما كنت هكذا فأين يا مفضل الآيات من القرآن في أن الكافر ظالم؟
قال: نعم يا مولاي قوله تعالى: ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾(١٠).
- والكافرون هم الفاسقون –(١١) ومن كفر وفسق وظلم لا يجعله الله للناس إماما.
قال الصادق عليه السلام: أحسنت يا مفضل فمن أين قلت برجعتنا ؟ ومقصرة شيعتنا تقول: معنى الرجعة أن يرد الله إلينا ملك الدنيا وأن يجعله للمهدي.
ويحهم متى سلبنا الملك حتى يرد علينا.
قال المفضل: لا والله وما سلبتموه ولا تسلبونه لأنه ملك النبوة والرسالة والوصية والإمامة.
قال الصادق عليه السلام: يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا أما سمعوا قوله عزوجل ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾(١٢).
والله يا مفضل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل وتأويلها فينا وإن فرعون وهامان تيم وعدي.
قال المفضل: يا مولاي فالمتعة؟
قال: المتعة حلال طلق والشاهد بها قول الله عزوجل : ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾(١٣).
أي مشهودا والقول المعروف هو المشتهر بالولي والشهود، وإنما احتيج إلى الولي والشهود في النكاح، ليثبت النسل ويصح النسب ويستحق الميراث، وقوله: ﴿وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾(١٤).
وجعل الطلاق في النساء المزوجات غير جائز إلا بشاهدين ذوي عدل من المسلمين وقال في سائر الشهادات على الدماء والفروج والأموال والأملاك: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾(١٥).
وبين الطلاق عز ذكره فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾(١٦).
ولو كانت المطلقة تبين بثلاث تطليقات تجمعها كلمة واحدة أو أكثر منها أو أقل لما قال الله تعالى: ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾.. إلى قوله: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾(١٧).
وقوله: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾(١٨).
هو نكر يقع بين الزوج وزوجته، فيطلق التطليقة الأولى بشهادة ذوي عدل.
وحد وقت التطليق هو آخر القروء، والقرء هو الحيض، والطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة والحمرة، وإلى التطليقة الثانية والثالثة ما يحدث الله بينهما، عطفا أو زوال ما كرهاه، وهو قوله: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(١٩).
هذا لقوله في أن للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلى تطليقة، إن أرادوا إصلاحا وللنساء مراجعة الرجال في مثل ذلك.
ثم بين تبارك وتعالى فقال: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾(٢٠). وفي الثالثة، فان طلق الثالثة بانت فهو قوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾(٢١) ثم يكون كسائر الخطاب لها.
والمتعة التي أحلها الله في كتابه وأطلقها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الله لسائر المسلمين فهي قوله عزوجل: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾(٢٢).
والفرق بين المزوجة والمتعة أن للزوجة صداقا وللمتعة اجرة.
فتمتع سائر المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحج وغيره، وأيام أبي بكر، وأربع سنين في أيام عمر، حتى دخل على أخته عفرا فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر إلى درة اللبن في فم الطفل فأغضب وأرعد واربد وأخذ الطفل على يده، وخرج حتى أتى المسجد، ورقا المنبر وقال: نادوا في الناس إن الصلاة جامعة، وكان غير وقت صلاة يعلم الناس أنه لأمر يريده عمر فحضروا فقال: معاشر الناس من المهاجرين والأنصار وأولاد قحطان من منكم يحب أن يرى المحرمات عليه من النساء، ولها مثل هذا الطفل؟
قد خرج من أحشائها وهو يرضع على ثديها وهي غير متبعلة؟
فقال بعض القوم: ما نحب هذا؟
فقال: ألستم تعلمون أن أختي عفرا بنت خيثمة أمي وأبي الخطاب غير متبعلة؟
قالوا: بلى قال: فاني دخلت عليها في هذه الساعة، فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها أنى لك هذا؟
فقالت: تمتعت.
فأعلموا سائر الناس! أن هذه المتعة التي كانت حلالا للمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد رأيت تحريمها، فمن أبي ضربت جنبيه بالسوط فلم يكن في القوم منكر قوله، ولا راد عليه، ولا قائل لا يأتي رسول بعد رسول الله أو كتاب بعد كتاب الله، لا نقبل خلافك على الله وعلى رسوله وكتابه. بل سلموا ورضوا.
قال المفضل: يا مولاي فما شرائط المتعة؟
قال عليه السلام: يا مفضل لها سبعون شرطا من خالف فيها شرطا واحدا ظلم نفسه.
قال: قلت: يا سيدي قد أمرتمونا أن لا نتمتع ببغية ولا مشهورة بفساد ولا مجنونة وأن ندعو المتعة إلى الفاحشة، فان أجابت فقد حرم الاستمتاع بها، وأن نسأل أفارغة أم مشغولة ببعل أو حمل أو بعدة ؟ فان شغلت بواحدة من الثلاث فلا تحل، وإن خلت فيقول لها: متعيني نفسك على كتاب الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم نكاحا غير سفاح أجلا معلوما باجرة معلومة وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلك أو أكثر، والاجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو شسع نعل أو شق تمرة إلى فوق ذلك من الدراهم والدنانير أو عرض ترضى به، فان وهبت له حل له كالصداق الموهوب من النساء المزوجات الذين قال الله تعالى فيهن: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾(٢٣).
ثم يقول لها: على ألا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن الماء لي أضعه منك حيث أشاء، وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوما أو محيضا واحدا، فإذا قالت: نعم أعدت القول ثانية وعقدت النكاح، فان أحببت وأحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما، وفيه ما رويناه فان كانت تفعل فعليها ما تولت من الإخبار عن نفسها ولا جناح عليك.
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: لعن الله ابن الخطاب فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية . لأنه كان يكون للمسلمين غناء في المتعة عن الزنا ثم تلا ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾(٢٤).
ثم قال: إن من عزل بنطفته عن زوجته فدية النطفة عشرة دنانير كفارة وإن من شرط المتعة أن ماء الرجل يضعه حيث يشاء من المتمتع بها، فإذا وضعه في الرحم فخلق منه ولد كان لاحقا بأبيه.
ثم يقوم جدي علي بن الحسين وأبي الباقر عليهم السلام فيشكوان إلى جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل بهما ثم أقوم أنا فأشكو إلى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل المنصور بي، ثم يقوم ابني موسى فيشكو إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل به الرشيد، ثم يقوم علي بن موسى فيشكو إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل به المأمون، ثم يقوم محمد بن علي فيشكو إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل به المأمون ثم يقوم علي بن محمد فيشكو إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل به المتوكل، ثم يقوم الحسن بن علي فيشكو إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل به المعتز.
ثم يقوم المهدي عليه السلام سمى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضرجا بدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم شج جبينه، وكسرت رباعيته، والملائكة تحفه حتى يقف بين يدي جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: يا جداه وصفتني ودللت علي، ونسبتني وسميتني وكنيتني، فجحدتني الأمة وتمردت وقالت: ما ولد ولا كان، وأين هو؟ ومتى كان وأين يكون؟ وقد مات ولم يعقب، ولو كان صحيحا ما أخره الله تعالى إلى هذا الوقت المعلوم، فصبرت محتسبا وقد أذن الله لي فيها بإذنه يا جداه.
فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾(٢٥).
ويقول: ﴿جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾(٢٦) وحق قول الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.(٢٧)
ويقرأ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾.(٢٨)
فقال المفضل يا مولاي أي ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فقال الصادق عليه السلام: يا مفضل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اللهم حملني ذنوب شيعة أخي وأولادي الأوصياء ما تقدم منها وما تأخر إلى يوم القيامة، ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين من شيعتنا فحمله الله إياها وغفر جميعها.
قال المفضل: فبكيت بكاء طويلا وقلت: يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيكم.
قال الصادق عليه السلام: يا مفضل ما هو إلا أنت وأمثالك بلى يا مفضل لا تحدث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلون على هذا الفضل، ويتركون العمل فلا يغني عنهم من الله شيئا لأنا كما قال الله تبارك وتعالى فينا ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾.(٢٩)
قال المفضل: يا مولاي فقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (٣٠) ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظهر على الدين كله؟
قال عليه السلام: يا مفضل لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظهر على الدين كله ما كانت مجوسية ولا يهودية ولا صابئية ولا نصرانية، ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك، ولا عبدة أصنام، ولا أوثان، ولا اللات والعزى، ولا عبدة الشمس والقمر، ولا النجوم، ولا النار ولا الحجارة، وإنما قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾. (٣١)
في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة، وهو قوله : ﴿قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾. (٣٢)
فقال المفضل: أشهد أنكم من علم الله علمتم، وبسلطانه وبقدرته قدرتم وبحكمه نطقتم، وبأمره تعملون.
ثم قال الصادق عليه السلام: ثم يعود المهدي عليه السلام إلى الكوفة، وتمطر السماء بها جرادا من ذهب، كما أمطره الله في بني إسرائيل على أيوب، ويقسم على أصحابه كنوز الأرض من تبرها ولجينها وجوهرها.
قال المفضل: يا مولاي من مات من شيعتكم وعليه دين لإخوانه ولأضداده كيف يكون؟
قال الصادق عليه السلام: أول ما يبتدئ المهدي عليه السلام أن ينادي في جميع العالم: ألا من له عند أحد من شيعتنا دين فليذكره حتى يرد الثومة والخردلة فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأملاك فيوفيه إياه.
قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا يكون؟
قال عليه السلام: يأتي القائم عليه السلام بعد أن يطأ شرق الأرض وغربها، الكوفة ومسجدها، ويهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنه الله لما قتل الحسين بن علي عليه السلام، و [هو] مسجد ليس لله ملعون ملعون من بناه.
الهوامش:
(١) السجدة: ٢١.
(٢) إبراهيم:٤٨.
(٣) الأنعام:٨٣ وفي سورة يوسف:٧٦.
(٤) الأنعام: ١٢٤.
(٥) آل عمران:٣٣-٣٤.
(٦) آل عمران: ٦٨.
(٧) الحج:٧٨.
(٨) إبراهيم: ٣٥.
(٩) البقرة: ١٢٤.
(١٠) البقرة: ٢٥٤.
(١١) لعل هذا اقتباس من آيات قرآنية.
(١٢) القصص:٥-٦.
(١٣) البقرة: ٢٣٥.
(١٤) النساء:٤.
(١٥) البقرة:٢٨٢.
(١٦) الطلاق: ١.
(١٧) الطلاق:١-٢.
(١٨) الطلاق:١.
(١٩) البقرة:٢٢٨.
(٢٠) البقرة:٢٢٩.
(٢١) البقرة: ٢٢٨-٢٣٠.
(٢٢) النساء:٢٤.
(٢٣) النساء:٤.
(٢٤) البقرة: ٢٠٤-٢٠٥.
(٢٥) الزمر: ٧٤.
(٢٦) النصر:١.
(٢٧) التوبة:٣٣.
(٢٨) الفتح: ١-٣.
(٢٩) الأنبياء: ٢٨.
(٣٠) التوبة: ٣٣.
(٣١) التوبة:٣٣.
(٣٢) الأنفال: ٣٩.