في أسباب الغيبة وطول العمر
الشيخ كمال الدين ميثم البحراني
إنه لما وجب كون الإمام معصوما علمنا أن غيبته طاعة وإلا لكان عاصيا بغيابه، ولم يجب علينا ذكر السبب، غير أننا نقول: لا يجوز أن يكون ذلك السبب من الله تعالى لكونه مناقضا لغرض التكليف، ولا من الإمام نفسه لكونه معصوماً، فوجب أن يكون من الأمة، وهو الخوف الغالب وعدم التمكين ولا إثم في ذلك, وما يستلزمه من تعطيل الحدود والأحكام عليهم، والظهور واجب عند عدم سبب الغيبة. فلا يقال: فهلا ظهر لأعدائه وإن أدى ذلك إلى قتله كما فعل ذلك كثير من الأنبياء (عليهم السلام). لكن لم لا يجوز أن يكون معدوماً إلى حين إمكان انبساط يده ثم يوجده الله تعالى.
وإنا نجيب عن الأول: بأنه لما ثبت كونه معصوما علمنا أن تكليفه ليس هو الظهور لأعدائه وإلا لظهر.
وعن الثاني: إنا نجوز أن يظهر لأوليائه ولا نقطع بعدم ذلك، على أن اللطف حاصل لهم في غيبته أيضاً، إذ لا يأمن أحدهم إذا هم بفعل المعصية أن يظهر الإمام عليه فيوقع به الحد، وهذا القدر كاف في باب اللطف.
وعن الثالث: إن الفرق بين عدمه وغيبته ظاهر، لوجود اللطف في غيبته دون عدمه.
وأما طول عمره (عجّل الله فرجه) فغاية الخصم فيه الاستبعاد، وهو مدفوع بوجوه :
إن من نظر في أخبار المعمرين وسيرهم علم أن مقدار عمره (عجّل الله فرجه) وأزيد وهو معتاد، فإنه نقل عن لقمان أنه عاش سبعة آلاف سنة وهو صاحب النسور، وروي أن عمرو الدوسي عاش أربعمائة سنة، وكذلك غيرهما من المعمرين.
قال تعالى إخبارا عن النبي نوح (عليه السلام) ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾. كذلك الاتفاق بيننا وبين الخصم على حياة الخضر والياس (عليهما السلام) من الأنبياء, والسامري والدجال من الأشقياء، وإذا جاز ذلك في الطرفين فلم لا يجوز مثله في الواسطة - أعني طبقة الأولياء- وبالله التوفيق والعصمة، وبه الحول والقوة، والحمد لله رب العالمين.