وهي أم أبي محمّد الحسن العسكري عليه السلام.
كان يشار إليها بالرجوع بُعيد شهادة الإمام العسكري عليه السلام حيث كان لها شأنٌ من الشأن في الوثاقة والأمانة والتدين فضلاً عن حرصها على أمر الحجة عليه السلام.
روى أحمد بن إبراهيم قال: دخلت على حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين وستين ومائتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمّت لي من تأتمُ بهم ثمّ قالت: والحجة بن الحسن بن علي فسمته فقلت لها: جعلني الله فداك معاينةً أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّد كتب به إلى أمّه فقلت لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدَّة أم أبي محمّد عليه السلام فقلت لها: اقتدي بمن وصيته إلى امرأة؟ فقالت: اقتداء بالحسين بن عليّ عليهما السلام فإن الحسين بن عليّ أوصى إلى أخته زينب بنت عليّ في الظاهر فكان ما يخرج عن عليّ بن الحسين عليهما السلام من علم ينسب إلى زينب ستراً على عليّ بن الحسين عليه السلام ثمّ قالت: انكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن عليّ عليه السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة.
والشيخ روى الرواية إلاّ أنه رواها عن خديجة بنت محمّد بن عليّ الرضا عليهما السلام والظاهر أن حكيمة أصح كما قد تسالم من أن الإمام محمّد بن عليّ عليهما السلام ابنته حكيمة وليس خديجة وهي صاحبة رواية الولادة الميمونة للإمام الحجة عليه السلام على أن الأكثر لا يذكرون وجود خديجة في بنات الإمام الجواد عليه السلام عدا ما ذكره في الشجرة الطيبة للمدرس الرضوي المشهدي كما في هامش عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب على أن الرواية تشير إلى حراجة الموقف الذي تمر بها ظروف الغيبة. فالنظام يبحث الآن عن المولود الجديد ويعلم أن الإمام العسكري عليه السلام لم يرحل حتّى أوصى إلى ولده، فأين هو ولده إذن؟ وكيف العثور عليه في ظل هذا التكتم الحذر والترقب الشديد من قبل عائلة الإمام والأوساط الشيعية كذلك، ومن جهتها فإن عائلة الإمام عليه السلام تعيش أوقاتاً عصيبةً من المطاردة والتشريد، وجعفر الكذاب لم يكتف بدعوى الإمامة زوراً فقط وإنما عدا على تركة الإمام العسكري عليه السلام مدعياً أن ليس لأخيه من وريث والنظام يدفع بجعفر إلى هذا التصرف مستفزاً عائلة الإمام، حتّى أن السفير الأوّل عثمان بن سعيد لم يكد يمارس عمله بصورة واسعة لتحسّب النظام له وكونه كان وكيلاً عن الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وهو تحت نظر النظام بكل تحركاته وسكناته، والأمر لا يمكن أن يترك كذلك ما لم يجد الإمام عليه السلام قناةً أمينةً لوقت ما _ على الأقل _ توصله بين قواعده المنبثة، لذا فكانت جدّتهُ الاختيار الأمثل في هذه الظروف الاستثنائية توصل رسائله المباركة إلى قواعده، لحيثما تنفرجُ الأزمة ويكون بمقدور السفير الأوّل ممارسة أنشطته بشكلٍ حذر وسري دون أن يتعرض للمراقبة والمطاردة، وهكذا كانت الجدة أم أبي محمّد الحسن عليه السلام تديرُ طرفاً من المهمة إبّان الأزمة وفي بدايات الغيبة الصغرى.