الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (١٧٩) عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في كفة الحسابات
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (١٧٩) عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في كفة الحسابات

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ نجم السبتي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٣ المشاهدات المشاهدات: ٣٤٢٩ التعليقات التعليقات: ٠

عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في كفة الحسابات

الشيخ نجم السبتي

بعدما تبين أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، قد ولد عام ٢٥٥ ه، ولم يقم بالمهمة التي أنيطت به، من إملاء الأرض قسطاً وعدل، وان يملك الأرض...، وقد مرت الأعوام تلو الأعوام، والأمر سهل للحد الذي يعيشه أبناء تلك الأزمنة، والذي يقدر بمائة وعشرين عام، فمن زمن ولادته إلى سنة ٣٧٥هـ يكون بقاؤه حيا مسألة طبيعية، ولكن لم تر أجيال تلك الأزمنة خروجه وظهوره (عجّل الله فرجه)، بل ولم تر الأجيال المتعاقبة بعدها إلى زماننا ذلك، وبذا يخرج عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عن العمر الطبيعي المحدد، فيكون عمره (عجّل الله فرجه) إلى زمان كتابة هذه الكلمات ما يقرب من ١١٧٠ سنة، ولعل الغياب يستمر، فيرتفع هذا الرقم أكثر فأكثر.
ثم إن طبيعة العصر مرتهنة بأمور عدة، منها: ما هو مادي، ومنها: ما هو معنوي، ومنها: ما هو داخل في دائرة اختبار الإنسان، ومنها ما هو خارج عن دائرته، هذا مضافاً إلى الأجل الذي قدره الله سبحانه، الذي يقبل التغير، والتبديل، فما يعيشه الإنسان ضمن هذه الأمور هو العمر الطبيعي.
وأما العمر الذي يطلق عليه عوام الناس إنه عمر طبيعي للعصر الفلاني، أو لبلد م، فليس من العمر الطبيعي في شيء، وإنما هو العمر الغالب، وفرق كبير بين ما هو الغالب، وما هو طبيعي، وكيفية التفريق بينهم، أن العمر الغالب يركن تحت السلوك الجمعي للناس، وهذا السلوك مما يحويه الخطأ ظهرا على بطن، حيث يترك الإنسان إبداع الفكر عنده، ويريح نفسه بما يتجه السلوك الجمعي إليه، والملاحظ على السلوك الجمعي، انه يسير على العادات والطبائع الموروثة، دونما تمييز لصحها من خطئها.
فالعمر الطبيعي لا مجال فيه لغالب من الأعمار، أو المتعارف في الإعصار والبلدان.
فالعمر الطويل يمكن حصوله، لأي فرد، وفي أي زمان، وذلك ضمن العوامل المؤثرة في إطالته.
ولم تشهد الكرة الأرضية، والمجموعة البشرية، رجالا عرفوا بالعلم والفهم والإيمان والاعتقاد أفضل من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، فهم أقرب الناس للوصول لأطول عمر يقدره الله (عزَّ وجل)، هذا لو كنا مع الأسباب المادية، أو المعنوية الداخلة في دائرة اختيار الإنسان، ولكننا قلنا أن لله سبحانه تقديراً في عمر الإنسان، وذلك حسب ما تقتضيه المصلحة الكبرى -وبما يعم الإنسان والمجتمع-، فلعل المصلحة اقتضت أن يكون عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث وستين سنة، وكذا عمر أحد عشر خليفة من خلفائه (عليهم السلام)، فلم يتجاوز عمر أحدهم (عليهم السلام) سبعين سنة، مع أنهم راعوا كل العوامل المؤثرة في إطالة الأعمار، ولكن ذلك السير في التقدير لأعمار الأئمة (عليهم السلام)، لا يمنحنا ترخيصاً بأن نقول أن عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كأعمار آبائه (عليهم السلام) في القصر، وإنما عمره (عجّل الله فرجه) يخضع للعوامل والأسباب المطيلة للعمر الإنساني حسب القاعدة، مضافاً للتقدير الإلهي للمصلحة في حياته (عجّل الله فرجه)، وكلا الأمرين ممكن الحصول، بل وحصلاً لغيره من الناس، كما هو الحال في إخبار المعمرين من أبناء البشرية.
قال الشيخ المفيد: (وان خرج عما نعهده نحن الآن من أطوال عمر البشر، فليس بخارج عن عادات سلفت لشركائه في البشرية، وأمثالهم في الإنسانية، وما جرت به العادة في بعض الأزمنة لم يمتنع وجوده في غيره، وكان حكم مستقبلها كحكم ماضيها على البيان).
فالمد في عمره (عجّل الله فرجه) الشريف غير خارج عن دائرة العمل في إطالة الأعمار، والمصلحة المقدرة، والإمكان، وبذلك يستنتج أن عدم الإقناع في طول عمره (عجّل الله فرجه) ليس له مبرر غير الميول والأغراض، فلو كان لغيره من الناس ما كان له (عجّل الله فرجه) من طول العمر، لأصبح شاهداً من شواهد المعمرين، هذا كله من جانب، ومن جانب آخر، أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نص على إن خروجه وظهوره حتمي، سواء أطال عمره أم قصر.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):يكون في أمتي المهدي (عليه السلام) أن طال عمره أو قصر عمره يملك سبع سنين أو ثمانية سنين أو تسع سنين، فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جور، وتمطر السماء مطرها وتخرج الأرض بركاته، قال: وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك.
فمسألة العمر في الاعتقاد بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تابعة لوجوده، وليس لها دخل في مهمته التي هي تطبيق الأطروحة الإسلامية السامية، ومن قبل بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمهدي من هذه الأمة، عليه أن يقبل به سواء طال عمره أم قصر.
فالمتحصل أن مسألة إطالة عمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) داخلة ضمن إطار علل وأسباب إطالة الأعمار، وضمن إرادة الله سبحانه، وان كل ذلك ممكن الحصول، لإنسان لم يكن من المعمرين السابقين، فيكون من المعمرين اللاحقين، وشاهد حي للمستدلين في هذا المجال.
هذا كله بحسب الوضع الطبيعي في إطالة الأعمار، فكلما هو وارد من الناس كذلك يرد في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ولكن ذلك لا يمنع من أن العمر الطويل، إذا وقع ضمن حالة اعجازية يكون اعجازي، والناظر في الروايات الواردة في مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، منذ ولادته إلى ما بعد ظهوره، يجد أن الإعجاز هو الغالب عليه، فروايات ولادته وحمله تحكي، أن آثار الحمل لم تظهر على أمه (رضوان الله عليها)، وكذا الحال في ولادته، وروايات الغيبة الأولى (الصغرى) حيث علمه بالحوادث والحاجات، وروايات الغيبة التالية (الكبرى) وعمره الطويل، وانه محفوظ من كل شيء، وهكذا الحال مع روايات الظهور، ومعاملته مع أنصاره، ومحاربة أعدائه.
والصحيح عندنا إن الغيبة للإمام (عجّل الله فرجه) اعجازية، باعتبار عدم مغلوبية سببه، فهي حاصلة للإمام (عجّل الله فرجه)، وهو فيها حي يرزق إلى يوم ظهوره، وبعد ظهوره، وسوف ينتصر، ويأتي بيوم العدل، الذي وعدت به البشرية، ولا يمكن أن يستعاض عن غيابه بسبب آخر، لورود الاحتمالات المعاكسة على شخص الإمام (عجّل الله فرجه)، فلا يبقى محفوظ، ولا انه مجهول، وبتقدم العلم يمكن أن يكشف فيبطل ذلك الإعجاز.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016