السفير الثالث للإمام الحجة عليه السلام إبّان الغيبة الصغرى، وقد تولاها بعد وفاة السفير الثاني محمّد بن عثمان بن سعيد أبي جعفر العمري سنة (٣٠٥ هـ).
كان حرياً بالسفارة في وقتٍ يتطلب فيه الظرف العام إلى سفارةٍ تمثّل فيها أدق حالات الحذر والحيطة، وقد كان أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي أو الروحي يتعاطى مع ظروف صعبة وحرجة.
فمن جهته كان النظام يدفع باتجاه كشف حقيقة الحسين بن روح وما هي علاقته بالإمام عليه السلام فيثير مسألة زعامته للطائفة وقيادته الروحية ويتحرى عن حقيقة الأمر، لذا فهو يدفع بأصحاب المذاهب الإسلاميّة إلى معرفة حقيقة أمره وذلك بالدخول عليه وسؤاله عن اعتقاده وكان رضوان الله عليه يتعاطى معهم بكل لباقة حتّى أن الأخبار تورد أن العشرة اللذين يدخلون عليه، تسعة يلعنونه وواحد يشكك، فيخرجون منه وتسعة يتقربون إلى الله بمحبته وواحد متوقف لما كان عليه من اللباقة والكياسة في حُسن الحوار ومداراة الناس، حتّى عاش مدة سفارته البالغة إحدى وعشرين عاماً ولم يتعرض إليه أحد بسوء.
ومن جهة أخرى فقد كانت فترة الحسين بن روح حرجة جداً، إذ في وقته فُتحت أبواب أدعياء السفارة كالشلمغاني والعبرتائي والسريعي وغيرهم، وكان في صدد رد هذه الدعاوى الباطلة وغلق الباب على مدعيها، وبالتأكيد فان ذلك يتطلب جهداً استثنائياً يستطيع من خلاله السيطرة على حالات الانحراف والخديعة التي كانت تطال المجتمع وقتذاك.
كان الحسين بن روح رضوان الله عليه يعملُ بين يدي السفير الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، فقد كان وكيلاً له في استلام الأموال _ خصوصاً في السنتين الأخيرتين من حياته _ وكان أبو جعفر يمهد له ويستقطب ثقة الناس من خلال تعاملاته الخاصة معه حتّى عُرف بين الأوساط الشيعية بالثقة الجليل، لذا فعند وصيته إليه قبيل موته تلقت الناس أمر وصيته بالرضا والقبول.
كانت رسالة الإمام المهدي عليه السلام في مدحه وثيقة مهمة تقطع الطريق على أية محاولةٍ من شأنها أن تُعرقل انتقال مهمة السفارة إليه، فقد كان الكتاب كيل مدح وثناء وتأييد يصدر من الإمام عليه السلام على يد أبي جعفر السفير الثاني، وقد جاء فيه:
(عرفهُ الله الخير كله ورضوانه، وأسعده بالتوفيق وقفنا على كتابه، وثقتنا بما هو عليه، وإنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه، زاد الله في إحسانه إليه، إنه ولي قدير، والحمد لله لا شريك له، وصلى الله على رسوله محمّد وآله وسلم تسليماً كثيراً).
التحق بالرفيق الأعلى عام ٣٢٦ هـ في بغداد ودُفن بالنوبختية في المكان الذي كانت فيه دار عليّ بن أحمد النوبختي، وهو اليوم يعرف بسوق الشورجة يؤمه الزائرون ويتوافدون عليه تعظيماً لمقامه رضوان الله عليه.